تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن

12 اغسطس 2018
+ الخط -
يعيش اليمن حاليا على وقع حربٍ، تفاقمت بسببها الٲزمة الإنسانية، إذ تكشف التقارير الدولية عن تردّي الٲوضاع الإنسانية في هذا البلد المنهك، جرّاء الحرب الدائره فيه. هذا بالإضافة إلى تجار الحروب ومروّجي الموت الذين ما زالوا يسرحون ويمرحون في كل بقعةٍ من أرض الوطن الحزين، يقتلون ويمدّون أنياب قبحهم في أجساد اليمنيين، ليلوح في الأفق قبح أفعالهم ونتانة أفكارهم الداعية إلى الحقد والكراهية ونبذ الآخر.
تكاثرت أسنة الحرب ورماح الموت على بلادنا، واختلط الحابل بالنابل، ولم يعد فقط الأعداء من خارج الحدود الجغرافية المموهة بالويلات من نواجه، بل أيضا صار أبناء الوطن أعداء له، وعن سبق إصرار وترصّد، وصاروا يقتلون الناس انتصارا لمعتوهي حروبٍ، يمتصون في كل لحظة حاضرنا، ويجعلون المستقبل أكثر دماراً وخراباً.
أصبح كثيرون منا معجبا بعنف الغابات ومنطق الزناد، ويصرّ بعضهم بحماقة أنّ يظلوا أبواقاً لصالح مجرمي الحروب لهدم كلّ بارقة أمل، تخرجنا من هذا النفق المعتم. بتنا أمام طوائف تعيد صراعات الماضي المنقرض وأزمات تستعر ونيران تتصاعد، وقد أكلت الأخضر واليابس، أو بالأصح لم يعد فينا أيّ اخضرار إلا اليأس وجفاف الضمير الغائب.
ضربنا الرقم الأقصى بكمية التعقيدات والمشكلات. وصارت المرحلة الراهنة من عمر هذا الوطن الجريح، وبكل ألم، مرحلة موت وانهمار لشلالات دماء يمنية بريئة لا ذنب لها، سوى أنها من هذه الأرض الطيبة التي لوّثها الأوغاد بلؤم أفعالهم الشيطانية التي لا حيز فيها إلا للقتل والتدمير، مبتعدةً سنوات ضوئية عن الإنتماء والوطنية، ليصبح واقعنا يموج في الفوضى والانتكاسات. بتنا نعيش في حمّى خرابٍ ليس له حدّ، وهدم لكل قيم التعايش مع الآخر ومبادئه، بصرف النظر عن معتقداته. صرنا نجهل كل شيء يحدث في بلدنا، أو بالأصح تشابكت كل المواقف والأحداث والوجوه، لكن الشيء الوحيد الجلي أمامنا أن كل "حزب بما لديهم فرحون".
وفي المقابل، يبقى المواطن البائس هو الرهان الخاسر والجرح الغائر والدم المنهمر، ولا عزاء للبسطاء الأوفياء لهذا الوطن. ولن ترى بلدنا خيرا طالما تسّيرنا أهواؤنا ونرجسية ساستنا، واتباع أجندات أكبر همّها زوال بلدٍ اسمه اليمن. ولا يخفى علينا أنّ الأحداث قد ألقت بتبعاتها السيئة على الحالة النفسية للمواطن. أيضا هناك من يحاول إفشال كل الخطط التي من شأنها أن تضمن لنا واقعا آمنا، ما زلنا نبحث عنه بين الركام والدخان المتصاعد، وهناك من يذكي الفتنة ويشعلها بفتيل الطائفية المقيتة.
البسطاء والمساكين والأطفال والنساء من أبناء هذا الوطن هم فقط اللذين يعانون، وكيف لا يعانون، وقد أضحى الموت يتشكل أمامهم بكل الألوان.
وفي ظل هذه الظروف، يعيش ٲكثر سكان اليمن وسط ظروف إنسانية صعبة للغاية، تبعث مزيدا من القلق الذي تتوالى على إثره تحذيرات المنظمات المحلية والدولية من تزايد تردّي الأوضاع الإنسانية في اليمن، فمن أقصى اليمن إلى ٲدناه نحن محاطون بمعتوهي حروب، ينتصرون وبشراسة للدفاع عن مذهب أو طائفة، ولا يعنيهم أنّ البلد صارت منهكة، بل باتوا يجدون سعادتهم في الحروب والتحريض ويعيشون من امتصاص دماء اليمنيين.
1F6558B8-8E98-4475-A53E-0FC7608FD9D6
1F6558B8-8E98-4475-A53E-0FC7608FD9D6
أصيل الشرعبي (اليمن)
أصيل الشرعبي (اليمن)