كشفت مصادر متطابقة لـ"العربي الجديد"، عن مصرع القائد العسكري السابق للجناح المسلح للجماعة الإسلامية المصرية، رفاعي طه، وأبو عمر المصري، الذراع اليمنى للجهادي، خطاب الشيشاني، في قصف للتحالف الدولي في سورية.
وبحسب الدكتور حذيفة عبدالله عزام، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والقاعدة، فإن طه والمصري كانا في مهمة للإصلاح بين التيار الجهادي القديم، المتمثل في عدد من القيادات التاريخية التي قاتلت في أفغانستان، والتيار الجديد المتمثل في قيادات جبهة "النصرة" الحالية من المنخرطين في العمل الجهادي قبل أعوام قليلة، قائلا "تم قصف سيارتهما من قبل التحالف الدولي، عقب خروجهما من اجتماع لمناقشة الإصلاح بين الفريقين في مدينة سرمدا، شمالي إدلب".
وأوضح عزام، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "التيار القديم يتكون من 4 من الجهاديين الذين أفرجت عنهم إيران من سجونها، في مقابل الدبلوماسي الإيراني نور أحمد نكبخت، الذي اختطفه تنظيم أنصارالشريعة، الموالي للقاعدة في اليمن، وجرى نقلهم إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في سورية بناء على طلبهم".
وتابع عزام أن التيار القديم، وعلى رأسه أبو الخير المصري وأبو القسام الأردني، وقعت بينه وبين التيار الجديد خلافات في إثر اتهامات من الأخير، بمحاولة استحواذ التيار القديم على التنظيم، وتدخله في عمله، مما دعا عدداً من القيادات إلى طلب تدخل الشيخ رفاعي طه، بحكم علاقاته التاريخية مع التيار القديم منذ أيام الجهاد الأفغاني، في محاولة للإصلاح بين الطرفين.
وذكر الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والقاعدة أن طه دخل إلى سورية قبل نحو 4 أيام للمرة الأولى في حياته، حيث التقى بأبو عمر المصري، الموصوف بالذراع اليمنى لخطاب الشيشاني، الذي اغتاله الجيش الروسي برسالة مسممة في عام 2002".
وأوضح عزام أن أبو عمر المصري ينتمي إلى تيار دخل إلى سورية بعد الثورة، حيث جاؤوا من الشيشان، وعلى رأسهم مسلم الشيشاني، لافتا إلى أن "الشيخ طه غير مطلوب لأية جهة وأنه منذ حلت الجماعة الإسلامية جناحها المسلح صار قياديا بارزا فيها، ويعمل ضمن مؤسساتها ولا علاقة له بالملف السوري".
ونفى الباحث في شؤون القاعدة ما راج حول قيادة طه لكتائب أحرار الشام، قائلا "أصلا هو لم يدخل إلى سورية من قبل، بعكس أبو عمر المصري، فكيف له أن يقود تنظيماً وهو خارج سورية".
صاروخ جوي
بحسب المهندس، عاصم عبدالماجد، القيادي في الجماعة الإسلامية فإن "الشيخ طه، قضى في قصف بصاروخ جوي أصاب سيارته"، فيما قال الدكتور طارق الزمر، القيادي في الجماعة الإسلامية ورئيس حزب البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة)، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" :"رحم الله تعالى فضيلة الشيخ رفاعي طه وأسكنه فسيح جناته وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء".
من هو رفاعي طه؟
بحسب مصادر في الجماعة الإسلامية، فإن رفاعي أحمد طه من مواليد 1953 ولد في أسوان وانتظم في كلية التجارة في جامعة أسيوط، وهو من الجيل الأول الذي لعب دورًا هامًا في تأسيس "الجماعة الإسلامية". ويعد طه ممن شملتهم قرارات 3 سبتمبر/أيلول في عام 1981، التي أصدرها الرئيس السادات وشملت توقيف 1536 شخصية سياسية ودينية إسلامية ومسيحية.
وظل طه هاربًا من الملاحقة، حتى وقع حادث اغتيال الرئيس، أنور السادات، في 6 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، وتم القبض عليه يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول في القاهرة. واتهم طه في قضية تنظيم الجهاد الكبرى، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات، فقضاها ثم خرج من السجن حيث تنقل بين عدة دول، كان من بينها أفغانستان في فترة الثمانينيات والتي كان للجماعة الإسلامية معسكر جهادي فيها خلالها.
وتمكنت المخابرات المصرية عن طريق الإنتربول الدولي من القبض عليه في مطار دمشق، عند وصوله إليه "ترانزيت" في رحلة بين السودان وأفغانستان، وتم ترحيله إلى القاهرة عام 2001، وسجن لعدة أشهر. وتم إخلاء سبيله من محكمة جنايات بني سويف بعد ثورة يناير 2011، بعد أن قضت ببراءته ضمن أربعة من قادة "الجماعة الإسلامية" المحبوسين على ذمة قضية "العائدين من ألبانيا".
وعقب فض اعتصام "رابعة" والنهضة" لأنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، في 14 أغسطس/آب 2013، كشف الشيخ طه في تصريح نشره موقع حزب "البناء والتنمية" بعد شهور من مغادرته البلاد، عن أنه يعيش في إسطنبول في تركيا.
خلافات داخل "النصرة"
يتفق الباحث المختص في شؤون الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، مع الرأي القائل بأن جبهة "النصرة" تشهد خلافات بين القيادات المرتبطة بالقاعدة (التيار القديم)، والقيادات البراغماتية (التيار الجديد)، التي نشات عقب الثورة السورية وتكيفت مع واقعها السوري، إذ تدين بولاء روحي وطاعة أدبية فقط للتنظيم الأم، وهو ما يختلف في حالة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، داعش، الذي يعمل بشكل هيكلي يقوم على الولاء التام والطاعة الصارمة.
ويوضح أبو هنية لـ"العربي الجديد"، أن ما يعرف بجماعة خراسان أو كبار أعضاء تنظيم القاعدة، الذين ينشطون في سورية حاليا، هم جميعا على قوائم مراقبة الإرهاب في الولايات المتحدة، والتي تراهم أخطر العناصر، التي تعمل وتنسق مع جبهة "النصرة"، لافتا إلى أن أميركا تسعى إلى تصفية هذا الجناح المرتبط بالتنظيم الأم.
وأشار أبو هنية إلى أنه يتم استهداف هذه المجموعة بشكل دوري، وكل من يقترب منها يصبح عرضة للتصفية، مشيرا إلى أن مقتل أبو فراس السوري، القيادي البارز في جبهة "النصرة" في غارة في محافظة إدلب شمالي سورية، قبل يوم واحد، يأتي ضمن هذا الأمر.
ويرى أبو هنية أن الخلافات بين "النصرة" ترجع إلى أن التنظيم ليس مجموعة بيروقراطية منظمة وصارمة، إذ يعمل وفق المنظومة الهيكلية التي أنشاها أبو مصعب السوري، المعروفة بسرايا المقاومة، التي تعتمد على أمير في كل منطقة، وهو ما يؤدي إلى تأثير العلاقات الشخصية والولاءات المناطقية على الاتجاهات الفكرية المتباينة بين أعضاء التنظيم، مشيرا إلى تلميح سابق للمسؤول الشرعي لجبهة "النصرة"، أبو مارية القحطاني، بفك الارتباط بين "النصرة" و"القاعدة"، وهو ما يجعل أبو محمد الجولاني، قائد جبهة "النصرة" يعمل على إمساك العصا من المنتصف، لعدم تزايد الخلافات بين الفريقين المتباينين.