بدأ الاتحاد الإسباني يفكر جيداً في المحافظة على الأندية التي لعبت في الدرجة الأولى ويحاول من خلال برامج تنموية تفادي وصول الأندية الصغيرة إلى أزمات مالية قد تؤدي إلى الإفلاس. وهذه الخطوة تساعد الأندية الهابطة ولو كانت مقابل مبالغ مالية ليست ضخمة، إلا أن الأمر يبقى لفتة جميلة تمكن أي ناد صغير من الوقوف على قدميه والعودة في الموسم المقبل إلى الدرجة الأولى.
ومن هذا المنطلق تعود إلى الأذهان قضية فريق بارما الإيطالي الذي سقط من الدرجة الأولى وأصبح في درجات متدنية اليوم بسبب الأزمات المالية التي تعرض لها، وفشل الاتحاد الإيطالي في مساعدته للنهوض من جديد وتجنب إفلاس ناد عريق خرج أسماء إيطالية كبيرة في كرة القدم ولعل أبرزها الحارس جانلويجي بوفون والمدافع فابيو كانافارو وغيرهم الكثير.
قصة فريق بارما الإيطالي لن تحصل في إسبانيا بسبب النظام القائم على منح مبالغ مالية كبيرة للأندية الصغيرة مع نهاية الموسم وخصوصاً الهابطين إلى الدرجة الثانية. وكانت الأندية الإسبانية وقعت على عقود جديدة تخصُ عائدات النقل التلفزيوني لموسم 2017-2018، وبالتالي ستتوزع الأموال بطريقة جديدة وخصوصاً على الأندية الهابطة وفي حالة الموسم الحالي هي ديبورتيفو لا كورونيا، لاس بالماس ومالاغا.
ورغم أن الأندية الهابطة لا تحصل على مبالغ مالية ضخمة لأنها لم تُحقق نتائج جيدة في الموسم، إلا أن الاتحاد الإسباني لكرة القدم يُطبق منذ سنوات نظاما يُعرف بـ "التعويض الاقتصادي بعد التخلي عن الفئة"، أي أنه نظام مساعدة خاصة للأندية الصغيرة التي تهبط وتفقد فئة النادي الممتاز.
النظام الجديد والمساعدات
يبدو أن الأندية التي تهبط إلى الدرجة الثانية في إسبانيا ستحصل على مساعدات مالية تصل لنحو 45 مليون يورو. وفي وقت تُحقق رابطة "الليغا" أرباحاً مالية تُقدر بحوالي مليار و300 مليون يورو، سيكون المبلغ الذي تناله الأندية الهابطة حوالي 45 مليون يورو بحسب النظام الحالي. حيثُ تحصل الأندية الثلاثة الهابطة من الدرجة الأولى على نسبة 90% من الأموال مقابل حوالي 10% فقط للأندية التي تسقط من الدرجة الثانية نحو الثالثة.
ويحتسب الاتحاد الإسباني القيمة المالية لكل فريق وفقاً لعاملين، أولاً عدد السنوات التي قضاها هذا الفريق في الدرجة الأولى وثانياً قيمة الأموال التي نالها هذا الفريق من عائدات النقل التلفزيوني. ووفقاً للأرقام فإن حوالي 0,35% من النقل التلفزيوني تذهب مباشرةً لمساعدة هذه الأندية الصغيرة، والتي تُشكل حوالي 20% من المجموع بشكل عام، كما ويُضاف إليها قيمة مالية تحفيزية لكل الأندية الهابطة.
وبالتالي فإن القيمة الثابتة التي يحصل عليها آخر فريق هبط إلى الدرجة الثانية هو تقريباً بحسب النظام الحالي 9 ملايين يورو، وهو المبلغ الذي لا يتأثر بأي عامل وهو مبلغ ثابت سيناله النادي مباشرةً دون النظر للأرباح المالية من عائدات النقل التلفزيوني والحوافز الأخرى، ويتضاعف هذا المبلغ بحسب الفريق.
وفي مثال صغير عن موسم 2017-2018، المبلغ الثابت الذي سيحصل عليه فريق مالاغا هو 19 مليون يورو مقابل نحو 12 مليونا لفريق لاس بالماس و9 ملايين لديبورتيفو لا كورونيا. ومع كل الإضافات الأخرى تحصل الأندية الثلاثة على مبلغ مالي يتراوح بين 41 مليونا و45 مليون يورو، وذلك من أجل مساعدتها بعد السقوط إلى الدرجة الثانية. وطبعاً تبدو القيمة منخفضة جداً ولا يمكن أن تُعيل فريق لموسم كامل، لكن هذه الطريقة تضمن على الأقل عدم وصول الفريق لحالة الإفلاس أو التعرض لأزمة مالية تعيق تقدمه ومنافسته في الدرجة الثانية ويسقط إلى الدرجة الثالثة، وبالتالي تفقد رابطة "الليغا" فريقاً عريقاً بسبب الأزمات المالية.
"الليغا" والاستفادة
تعتمد رابطة "الليغا" على برشلونة وريال مدريد والأندية الكبيرة الأخرى من أجل الترويج لها وبقاء الدوري الإسباني ضمن الكبار في أوروبا. فهل من الممكن أن يسقط النادي "الكتالوني" أو "الملكي" إلى الدرجة الثانية بسهولة؟ طبعاً الأمر في غاية الصعوبة لأنها أندية كبيرة.
وفي نفس الإطار لا تسمح رابطة "الليغا" بسقوط الأندية الكبيرة بسهولة بل تصر على مساعدتها للعودة إلى دوري الأضواء. ويمكن تسليط الضوء على فريق ديبورتيفو لا كورونيا حالياً فهو فريق عريق يملك تاريخا مشرفا في الكرة الإسبانية وشارك لأكثر من مرة في دوري أبطال أوروبا، لكنه سيُنافس في موسم 2018-2019 في الدرجة الثانية وهو أمر صعب لفريق كبير. وبالتالي تحرص رابطة "الليغا" على المحافظة على مثل هذه الأندية الكبيرة وتحاول تأمين عودتها إلى مصاف الأندية الممتازة لضمان ظهور الدوري بأفضل صورة في المستقبل.
ويمكن الاستناد هنا إلى "البريميرليغ" مثلاً الذي يُصنف أقوى دوري في القارة الأوروبية، فهو اكتسب هذه الصفة بسبب الأندية الستة الكبيرة (ليفربول، تشيلسي، مانشستر يونايتد، مانشستر سيتي، توتنهام وأرسنال) فلولا هذه الأندية لما كان للدوري الإنكليزي قوة كبيرة. واللافت أن الدوري الإنكليزي هو الوحيد الذي يتواجد فيه ستة أندية من الصف الأول عكس سائر الدوريات التي تملك فريقين أو ثلاثة من الصف الأول بعيداً عن صعود وهبوط المستويات في السنوات الأخيرة.
الدوري الإسباني يحرص على مساعدة الصغار الذين كانوا يوماً ما في القمة، وذلك من أجل ضمان استمرار صورة "الليغا" القوية وعدم فقدان أندية عريقة لأسباب مالية.