تغيّر الخريطة الاقتصادية السورية

07 مارس 2016
انهيار الاقتصاد السوري (Getty)
+ الخط -
ترسم المعلومات الصادرة عن هيئة الاستثمار السورية صورة جيدة لواقع الاستثمار الخاص في البلاد، كما أنها تؤكد الاتجاهات الملاحظة عبر الأعوام الأخيرة... فلنبحث عن الحقيقة.
سبق أن رخصت الهيئة خلال العام الماضي لـ 47 مشروعاً استثمارياً في قطاعات الصناعات التحويلية، النقل والزراعة. ومقارنة بعام 2010، يبدو التراجع حاداً جداً. ففي ذاك العام، أصدرت الهيئة تراخيص لـ 398 مشروعاً استثمارياً، مما يعني أن التراجع من حيث عدد المشاريع بلغ نسبة 88%. أما من حيث قيمتها فقد تراجعت من 90 مليار ليرة سورية عام 2010 (ما يعادل 1.9 مليار دولار في سعر الصرف في ذلك الوقت) إلى 10 مليارات فقط عام 2015 (أي ما يعادل 25 مليون دولار في سعر الصرف في نهاية العام الماضي). مما يعني أن نسبة التراجع في قيمة الاستثمار الخاص تقارب 98.6%!
وبالطبع، تغطي المعلومات المستقاة من الهيئة قسماً محدوداً فقط من الاستثمار الخاص لأن الكثير من المشاريع في العديد من قطاعات الاقتصاد السوري تصدر من قبل هيئات أخرى.
على سبيل المثال، يصدر المجلس الأعلى للسياحة تراخيص الاستثمار للمشاريع السياحية، في حين يصدر مصرف المركزي تراخيص الاستثمار للمصارف. مع ذلك، فإن معلومات هيئة الاستثمار تعكس، تقليدياً، وبدرجة كبيرة، الاتجاهات العامة للاستثمار الخاص في البلاد وتعطي مؤشراً جيداً عن نشاط القطاع الخاص.
تراجع الاستثمار قوي أيضاً بالمقارنة مع عام 2014، حيث كان عدد المشاريع المرخصة 64 مشروعاً بقيمة 51 مليار ليرة سورية، ما يعني أنه خلال عام واحد فقط تراجعت قيمة الاستثمارات بنسبة 88% إذا احتسبت القيمة بالليرة السورية، وبنسبة أكبر إذا أخذت القيمة بالدولار.
كما تؤكد معلومات الهيئة انتقال الاستثمار من منطقة العمود الفقري السوري على طول محور دمشق-حلب، صوب مناطق البلاد الأكثر أمناً. فمن إجمالي المشاريع الـ 47 التي تمت المصادقة عليها العام الماضي، استضافت السويداء 17 مشروعاً، تلتها طرطوس بـ 12 مشروعاً... حيث اجتذبت محافظات السويداء، طرطوس واللاذقية 67.3% من إجمالي الاستثمارات، في حين كانت حصة هذه المحافظات 11.3% في عام 2010. وفي الوقت نفسه بلغت حصة حلب ودمشق من الاستثمارات في عام 2015 ما نسبته 27.6% مقابل 40.4% عام 2010.
تؤكد الأرقام عاماً بعد عام التغيرات البنيوية التي لحقت بالاقتصاد السوري. لذلك من المهم أنه عندما نفكر بالطريقة التي سنعيد بها بناء بلادنا، أن نأخذ بالاعتبار نتائج هذه التغيرات على خريطة البلاد الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية.
(محلل وباحث اقتصادي سوري)

اقرأ أيضاً:الدولار يزاحم الليرة السورية
المساهمون