تعنت النظام السوري يُفشل محاولات احتواء التوتر في درعا

07 ابريل 2019
ترفض درعا الخضوع للنظام السوري وحلفائه (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

"ثورتنا مُستمرة" و"يسقط الأسد" وغيرهما شعارات كتبت خلال الأيام القليلة الماضية على جدران في مناطق مُختلفة في محافظة درعا جنوب سورية، التي تشهد في الأسابيع القليلة الماضية عودة بعض مظاهر الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد، بموازاة عمليات أمنية واغتيالات تطاول عناصر في "الجيش السوري الحر" كانوا قد دخلوا في إطار "التسوية" مع النظام السوري، في يوليو/ تموز 2018. وتؤشر هذه التطورات إلى أن المحافظة، التي لم تشهد عمليات تهجير واسعة كغيرها من المناطق السورية، ترفض الخضوع بشكل كامل للنظام السوري وحلفائه، رغم أن المعارك العسكرية فيها انتهت فعلياً منذ نحو تسعة أشهر.

وكُتبت، منذ يومين، على جدران في درعا، شعارات ضد نظام الأسد، وذلك بعد يوم واحد، من كتابة "مجهولين" شعارات مماثلة على جدار قسم شرطة للنظام السوري في داعل شمال درعا البلد، وبعد أيام أيضاً على نشاطات مشابهة، في مناطق أخرى في المحافظة، مثل أم ولد ودرعا البلد. وتأتي هذه التحركات بعد نحو أسبوع على اجتماع لـ"لجنة التفاوض" عن درعا، مع ضباط في جيش واستخبارات النظام في دمشق لـ"تخفيف التوتر"، بعد ثلاثة أسابيع تقريباً على تظاهرات في درعا البلد، تزامنت مع الذكرى السنوية الثامنة للثورة السورية، واحتجاجاً على إعادة نصب تمثال لرئيس النظام السابق حافظ الأسد، في "ساحة تشرين" بدرعا المحطة، في محاولة من النظام لـ"استعادة الهيبة" في محافظة درعا.

ورغم أن مناطق عديدة في سورية، مثل الغوطة الشرقية، ووادي بردى، وأجزاء أخرى في ريف دمشق، شهدت عمليات عسكرية ضخمة أفضت، خلال عام 2018 خصوصاً، إلى إخضاع النظام السوري، بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، لهذه المناطق التي بقيت خارج سيطرته منذ عام 2012، إلا أن وضع محافظة درعا يبدو مختلفاً عن سواها لكونها ما زالت تشهد تحركات ضد النظام. واعتبر القيادي السابق في "الجيش السوري الحر"، والمنسق في "الجبهة الجنوبية"، أبو توفيق الديري، أن "خصوصية محافظة درعا تكمن في أنها لم تشهد عمليات تهجير وتدمير واسعة كغيرها من المناطق (كشرق حلب وداريا والغوطة)، وبالتالي بقي معظم أهلها فيها"، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مجتمع درعا مُتماسك، لكونه في معظمه مجتمعاً عشائرياً. هذا التماسك العائلي المجتمعي يمنح ميزة لمناطق حوران، والتي توجه رسائل واضحة، أن روح الثورة فيها لم تنته كما يتوهم نظام الأسد وحلفاؤه". وشدد على أنه "رغم التسويات والمصالحة المزعومة، فإن النظام وحلفاءه لن يستطيعوا بسط سيطرتهم الفعلية على نفوس الناس في حوران، والذين يعبرون من خلال تحركاتهم ضد الأسد أن روح الثورة ما زالت حية فيهم، رغم ما حل بالمحافظة". وقال إن "الجميع في حوران كان يدرك منذ المعركة الأخيرة (قبل تسعة أشهر) أن المصالحة وهم ولن يلتزم النظام والروس بها".



في هذا السياق، كشف القيادي السابق في "الجيش الحر"، الذي دخل في "التسوية" في محافظة درعا، أدهم الكراد، أنه تلقى أخيراً تبليغاً من وزارة العدل في حكومة النظام، يقضي بتوقيفه وإحضاره "بالقوة إن استدعى الأمر". وكتب الكراد، الموجود حالياً في درعا البلد، على صفحته في "فيسبوك" في 4 إبريل/ نيسان الحالي، أن الكتاب الموجه من وزارة العدل بحكومة النظام يُعتبر خرقاً جديداً لشروط "التسوية والمصالحة" الموقعة في درعا، وأحد بنودها ألا يتم تحريك دعاوى قضائية ضد شخصيات دخلت باتفاقات "التسوية" التي رعاها الجيش الروسي.

وأوضح الكراد أن الادعاء "تم تحريكه بتاريخ 6 مارس/ آذار (الماضي) من قبل لجنة توثيق الجرائم والإرهاب (في وزارة عدل النظام)، وهي تدعي علينا بطلاناً أننا إرهابيون وأننا تعرضنا للمدنيين والأطفال في حادثة مدرسة ذات النطاقين في منطقة السحاري في مدينة درعا في عام 2016". وأضاف "بما أن اتفاقية التسوية تبطل الادعاء (المقدم من وزارة عدل النظام)، فإن ما حصل ينافي الاتفاق المبرم مع الجانب الروسي ومكتب الأمن الوطني والذي ينص على عدم فتح أي ادعاء بخصوص مرحلة القتال قبل تاريخ التسوية من قبل الطرفين. وبما أن جهة الادعاء حكومية، ويشار إليها بالتسييس والانحياز والفساد واللاشفافية، فإن الخصم والحكم واحد". ووجه الكراد نسخة من رسالته إلى المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، وإلى مكتب المبعوث الروسي في سورية، وإلى منظمة العفو الدولية، ولمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مُطالباً بـ"بشطب هذا الادعاء الباطل فوراً وكل ادعاء مماثل على أي مواطن سوري لديه تسوية". واعتبر الديري أن "هذه القصة، تكشف مرة جديدة كذب ادعاءات النظام بجديته في المصالحة المزعومة، وهو الذي لم يلتزم بشروط المصالحة، عبر إطلاق سراح المعتقلين وغيرها".