ووصفت صحيفة "الغارديان" خطوة جونسون بأنها "فظاعة"، مقتبسة بذلك وصف المتحدث باسم مجلس العموم جون بيركو، والذي اعتبر إغلاق البرلمان "فظاعة دستورية".
ورأت الصحيفة، ذات التوجه اليساري، أن "خطوة جونسون تمثل استغلالاً مشيناً لسلطات أعلى منصب في البلاد"، وستدفع هذه الخطوة بريطانيا خلال أزمة "بريكست" الحالكة بالتأكيد إلى أزمة دستورية. كما وصفت تصرفات رئيس الوزراء بأنها "تعكس غروراً غير مسؤول يشتهر به بين الساسة البريطانيين".
وأوضحت "الغارديان" أن "الغضب دافعه ليس تعليق عمل البرلمان بشكل عام، والذي هو أمر معتاد في الظروف الطبيعية، بل إن الحنق الحالي ضد الحكومة المحافظة يعود لنزعة حكومة جونسون التسلطية، في واحدة من أحلك الأزمات البريطانية السياسية الحديثة".
Twitter Post
|
وتستعد بريطانيا، خلال الأسابيع المقبلة، لإجراء تعديلات على مسار سياساتها في مختلف الصعد. ويرى جونسون أنه يستطيع القيام بذلك من دون البرلمان. ولذلك، فإن الصحيفة تعتقد أن الخطوة التالية ستكون تصويت النواب، الأسبوع المقبل، على سحب الثقة من حكومته، وربما تنظيم انتخابات عامة في أكتوبر/تشرين الأول، وقبل الخروج من الاتحاد الأوروبي.
إفلاس جونسون
أمّا صحيفة "ميرور"، اليسارية أيضاً، فقد وصفت جونسون بأنه "ديكتاتور" لإغلاقه البرلمان، مذكرة بأن "بريكست" من دون اتفاق الذي يسعى إليه سيدمر الخدمات الصحية الوطنية.
أمّا الصفحة الرئيسية لصحيفة "التايمز"، فحملت عنوان "إفلاس جونسون". وبينما أشارت إلى أن رئيس الوزراء يدفع بالبلاد نحو أزمة دستورية، سخرت أيضاً من المتحدث باسم مجلس العموم، جون بيركو، الذي تحدى دستورية قرار جونسون.
Twitter Post
|
بدورها، أشارت "فايننشال تايمز" إلى تبعات هذه الخطة "الجونسونية"، بحسب وصفها، على الدستور البريطاني، و"إثارة جونسون غضباً دستورياً، أمس الأربعاء".
دفاع جونسون عن "بريكست"
في المقابل، أشادت صحيفة "التلغراف"، وهي الواجهة المفضلة لمقالات متشددي "بريكست"، وعلى رأسهم بوريس جونسون، بقرار تعليق أعمال البرلمان. ورأت في القرار إشارات إيجابية، واتهمت النواب البريطانيين بدفع البلاد نحو الأزمة الدستورية، بدلاً من توجيه الاتهام إلى جونسون.
ونقلت عن زعيم المحافظين في مجلس العموم، وهو من أشد مؤيدي عدم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، جاكوب ريس موغ، رده على الاتهامات الموجهة لبوريس جونسون بأنه "غير ديمقراطي"، قائلاً إن دور البرلمان هو في الأساس "تطبيق رغبة الشعب، الذي اختار الخروج من الاتحاد الأوروبي".
أمّا صحيفة "الديلي ميل" اليمينية، فسلكت المسار ذاته في الدفاع عن جونسون، وإن كان مدفع اتهاماتها موجها نحو جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال. إذ اتهمت كوربن بأنه أثار "الغضب" بطلبه لقاء الملكة إليزابيث الثانية اعتراضاً على إغلاق البرلمان. بل إنها دافعت أيضاً عن خطوة جونسون، واصفة إياها بأنها "خطوة تاريخية لردع النواب معارضي بريكست". ووافقتها في ذلك صحيفة "ذا صن" اليمينية أيضاً، عندما وصفت خطوة جونسون بأنها دفاع عن "بريكست" في وجه "أعدائه من معارضي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
وأخذت صحيفة "ديلي إكسبرس" موقفاً مماثلاً، محتفلة بنجاح جونسون في ضمان إغلاق البرلمان وتوجيه ضربة للبرلمان الساعي لوقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
موت الديمقراطية
أما الصحف الاسكتلندية فرسمت صورة أشد قتامة، خاصة المحافظين الاسكتلنديين من معارضي خطوة جونسون. واحتل الصدارة خبر نية زعيمة المحافظين في اسكتلندا، روث ديفيدسون، الاستقالة من منصبها احتجاجاً.
ووصفت صحيفة "ديلي ريكورد" معطيات الأمس، بأنها "اليوم الذي ماتت فيه الديمقراطية"، مقتبسة تصريحات نيكولا ستورجيون، الوزيرة الاسكتلندية الأولى وزعيمة القوميين الاسكتلنديين: "إذا لم تستطع روث تحمّله، فلمَ يجب علينا ذلك؟".
أمّا صحيفة "ناشيونال"، فلمحت إلى أن خطوة جونسون تدفع اسكتلندا نحو الاستقلال، ووصفت يوم أمس بأنه "اليوم الذي أصبح فيه الاستقلال أمراً محتماً".
عريضة مليونية
وأثار قرار تعليق البرلمان قبل الموعد النهائي لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، استياء جزء من الشعب أيضا بات "خائفا" على مصير البلاد وعواقب هذه الخطوة.
ووقّع أكثر من مليون بريطاني، عريضة تطالب رئيس وزراء بلادهم، بعدم تعليق أعمال مجلس العموم، وهو قرار من شأنه تقويض محاولات المعارضة التي تمثل جزءاً ضخماً من الشعب، بمنع "بريكست" من دون اتفاق، أو حتى منع حدوثه.
ويأتي ذلك غداة موافقة الملكة إليزابيث الثانية، على طلب الحكومة تعليق جلسات البرلمان أكثر من شهر، ما قوبل بانتقادات واسعة من قبل أحزاب المعارضة وعدد من النواب المحافظين.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، اليوم الخميس، أن أكثر من مليون شخص وقّعوا عريضة تطالب بعدم تعليق عمل البرلمان.
والخطوة كما ترى المعارضة، تعني أنه لن يبقى لأعضاء مجلس العموم الوقت الكافي لإصدار قوانين من شأنها إيقاف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
وبحسب بيان صدر، أمس الأربعاء، عن مجلس مستشاري الملكة، سيبدأ تجميد أعمال البرلمان في موعد أقصاه 12 سبتمبر/أيلول، وحتى 14 أكتوبر/تشرين الأول المقبلين.