تعزيزات مأرب تقرّب المواجهات من معاقل الحوثيين وصالح

25 اغسطس 2015
قوات جديدة من الجيش انتقلت لمأرب استعداداً للمعركة(فرانس برس)
+ الخط -
قطع التحالف العربي الشك باليقين حول المعركة في اليمن شمالاً بعدما دفع بقوات يمنية معززة بمختلف الآليات المقدمة من دول التحالف إلى محافظة مأرب وسط البلاد، والتي تحتل موقعاً استراتيجياً. ومن شأن المواجهة فيها بعد تعزيز قوات الشرعية أن تكون خطوتها التالية في صنعاء المحاذية لها، وكذلك محافظة الجوف شمالاً، وهو ما ينقل المعركة إلى مقربة من معاقل الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.

وتتألف القوة التي وصلت إلى محافظة مأرب من آلاف الجنود والمجندين اليمنيين الذين جرى تجهيزهم وتدريبهم في أحد المعسكرات السعودية بمحافظة شرورة التابعة إدارياً لمنطقة نجران، وتم تزويدهم بآليات حديثة يزيد عددها عن 100، بين مدرعات ودبابات وقطع مدفعية وصولاً إلى دعم القوة بمروحيات "أباتشي" ومختلف التجهيزات. وقد عبرت القوات من منفذ الوديعة ووصلت إلى أطراف مأرب، ويجري توزيعها لدعم جبهات القتال في المحافظة، والتي تشهد مواجهات مشتعلة في المناطق الغربية والجنوبية والشمالية للمحافظة، بينما تسيطر القوات الشرعية و"المقاومة" على مركز المحافظة.

اقرأ أيضاً سيناريوهات معركة صنعاء: الزحف أو التحرك داخلها أو الحصار 

وحسب مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، فإن المهمة الأولى لهذه القوات هي الحسم في مأرب بعد أشهر من المعارك الدائرة بين الكر والفر. وعلى ضوء نتائج المعركة في مأرب، سيتم تحديد الخطوة التالية، سواء باتجاه صنعاء غرب المحافظة والتي تبعد عن مأرب 200 كيلومتر، أو باتجاه الجوف شمالاً، وهي المحافظة الواقعة على الحدود مع السعودية وتحدها صعدة من الغرب. كذلك ستكون مأرب منطلقاً لمحافظات أخرى مثل البيضاء المحاذية لها من الجهة الجنوبية.
ويقود القوة التي وصلت إلى مأرب، العميد هاشم الأحمر، وهو أحد أبناء رئيس مجلس النواب الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، الذي كان من أبرز أركان النظام السابق، غير أن أبناءه تحولوا مع الوقت إلى أبرز معارضيه. وتحمل قيادة هاشم الأحمر للقوة العديد من المدلولات، إذ إن آل الأحمر من أبرز مراكز القوى التقليدية في الشمال ولديهم نفوذهم لدى القبائل، وكانوا الخصم الأبرز لصالح في 2011 وللحوثيين في العام 2014.
وإلى جانب أهميتها الاستراتيجية، فإن لمأرب أهميتها الاقتصادية أيضاً. فهي المحافظة النفطية الوحيدة شمالاً، وفيها مصالح حيوية في البلاد، مثل محطة الكهرباء التي تغذي الجزء الأكبر من حاجة البلاد. كما أن موقعها وسط اليمن يجعل منها موقعاً مهماً للانطلاق نحو مختلف المحافظات الشمالية، وكانت من أهم المحافظات التي وقفت حاجزاً أمام توسع الحوثي، حيث بدأت القبائل فيها بتنظيم نفسها والاستعداد للمواجهات منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.
بالنسبة لمحافظة الجوف (شمال مأرب)، ثالث أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة، فهي امتداد لمأرب، وتمثل معها بالإضافة إلى محافظة البيضاء ما سُمي "إقليم سبأ" في التقسيم الفيدرالي الذي تم إقراره في مؤتمر الحوار الوطني، ولم يتم إقراره بعد باستفتاء شعبي. وتمثل مأرب والجوف أبرز محافظتين تعبران عن المجتمع القبلي الذي يميل إلى البداوة. ومن المرجح أن تكون الجوف هي الوجهة المقبلة لأسباب عدة، أهمها الاقتراب من معاقل الحوثيين في صعدة، وكذلك بسبب مساحتها الكبيرة ومحدودية الانتشار العسكري الحوثي في المحافظة.
من جهة صنعاء، فإن التواجد العسكري القوي للشرعية في مأرب يؤهلها لبدء معارك ومد جبهات المقاومة في ضواحي العاصمة. كما أنّ مأرب بمساحتها الواسعة وموقعها يمكن أن تتحول إلى مركز عمليات لمعركة طويلة الأمد، سواء باتجاه صنعاء أو الجوف، أو المحافظات الأخرى. وسواء بدأ الزحف على صنعاء أم لم يبدأ، فإن التحالف العربي، ومن خلال تعزيز قوات الشرعية في مأرب بمختلف الآليات العسكرية الثقيلة والمدرعات، قبض على ما يعتبره البعض "مخنق" صنعاء، من الشرق، وكذلك الجوف.

من جانب الحوثيين والموالين للرئيس للمخلوع، وإن كانت المرحلة الماضية قد ألحقت بهم الكثير من الخسائر ودمرت الجزء الأكبر من ترسانتهم العسكرية، فإنه لا يزال بإمكانهم الانتقال من مرحلة من يهاجم ويملك الأسلحة الثقيلة ثم يتعرض للخسائر، إلى مرحلة من يعتمد حروب الكمائن والتقطعات، بالاستفادة من المناطق الجبلية الوعرة، وخصوصاً إذا ما اقتربت المعركة من صنعاء أو صعدة.
إلى ذلك، فإن نقل المعركة إلى مأرب ومحيطها، يطوي صفحة التوسع والغزوات الحوثية باتجاه المحافظات الجنوبية. كما أنه يركّز جهود تواجدهم وعملياتهم العسكرية في المحافظات الشمالية القريبة من معاقلهم. وبذلك فإن المعركة  في اليمن، سواء وصلت إلى الحسم القريب أم لم تصل، فإنها أصبحت في مرحلة متقدمة قرب معاقل المليشيات والمخلوع.
وفي انعكاس للمأزق الذي تجدمليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع نفسها فيه، هاجم صالح، في خطاب بالذكرى 33 لتأسيس حزبه المؤتمر الشعبي العام، أول أمس، سعي التحالف إلى إنشاء مدرج ومهابط للطائرات العمودية في منطقة صافر في محافظة مأرب.
كما لجأت شركة صافر النفطية، التي تتبع إدارتها حالياً للحوثيين، إلى توجيه مذكرة لنائب الرئيس، رئيس الوزراء، خالد بحاح، تحذر فيها من خطورة استخدام المطار التابع للشركة في منطقة صافر لأغراض عسكرية.
وكان مصدر في شركة صافر، قد أكد أن مذكرة الشركة إلى بحاح جاءت بموجب أوامر من مكتب زعيم جماعة الحوثيين، عبد الملك الحوثي، إلى إدارة الشركة لعرقلة عملية تجهيز المطار من قبل التحالف.
لكن مصدراً عسكرياً أوضح لـ"العربي الجديد" قبل يومين أن المطار سيكون جاهزاً خلال أسبوع للأغراض العسكرية، وأنّ الحكومة الشرعية ‏ودول التحالف العربي تتجه لاستخدامه في معركة تحرير العاصمة صنعاء من الحوثيين. ‏

اقرأ أيضاً الصراع على عدن: اتهامات للمليشيات والمخلوع بتحريك "خلايا نائمة"

المساهمون