تعرّف إلى "أسلحة" ترامب في حربه التجارية و"مضادّات" المتضرّرين

18 سبتمبر 2018
ترامب يواصل "القصف" التجاري في كل الاتجاهات (Getty)
+ الخط -

يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهجه الحمائي العدواني، مثيراً قلق حلفاء واشنطن وخصومها على السواء، ليرد المتضرّرون من هجومه بإجراءات "مضادة" للحد من الخسائر، بعدما وسّع دائرة حربه التجارية منذ أشهر على سبع جبهات. فما هي الأسلحة التي يستخدمها ترامب في هذه الحرب وما هي الدفاعات التي تتصدى لها؟

تصاعدت حرب ترامب التجارية مع الصين أمس الإثنين، لتشمل نحو نصف السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين، لتتخذ الأخيرة اليوم الثلاثاء إجراءات مضادة بإعلانها فرض رسوم على واردات أميركية بقيمة 60 مليار دولار، علماً أن النزاع مع الصين هو أكبر النزاعات التي يخوضها ترامب.

وأثارت الشبكة المعقدة من العلاقات التجارية المهدّدة جرّاء هذه السياسات احتمالات نشوب حرب تجارية عالمية، فيما يذهب بعض المراقبين إلى اعتبار أن هذه الحرب قد بدأت فعلاً منذ أشهر عندما شرع الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية على واردات بلاده، في محاولة لتعزيز الصناعة المحلية داخل الولايات المتحدة من جهة، وكسب التأييد الشعبي لحزبه قبل الانتخابات المرتقبة.


وفي ما يلي حروب ترامب التجارية على أكثر من جبهة وطبيعة التدابير الهجومية والمضادة لها:

- الصين -

بعد أسابيع من التهديدات، فرض ترامب رسوما بنسبة 10% على ما قيمته 200 مليار دولار من السلع المستوردة من الصين، ستدخل حيز التنفيذ في 24 سبتمبر/أيلول. ويُضاف ذلك إلى سلع بقيمة 50 مليار دولار فرضت عليها رسوم جمركية بقيمة 25%.

والسلع الأخيرة تواجه رسوما بنسبة 10% حتى نهاية العام ترتفع فيما بعد إلى 25%، وذلك لمنح الشركات الوقت لإيجاد مزودين جدد، بحسب مسؤولين.

وتشمل الضرائب الجديدة مجموعة واسعة من السلع بينها أجهزة استقبال للصوت مصنوعة في الصين ومعالجات آلية للبيانات وشرائح ذاكرة للكمبيوتر، بالمليارات.

غير أن المرحلة الأولى التي أعلنت في يوليو/تموز أعفت في ما بعد 300 من المنتجات التي تستهلك بشكل واسع من الرسوم البالغة 10%، مثل الساعة المرتبطة بالإنترنت ومنتجات نسيجية وزراعية والمقاعد المرتفعة ومقاعد السيارات المخصصة للأطفال وخوذ حماية سائقي الدراجات.

واتهمت الصين الولايات المتحدة بشن "أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي"، وتوعدت مرة أخرى بالرد بالمثل وفرض رسوم على ما تصل قيمته إلى 60 مليار دولار من السلع الأميركية.

لكن الصين تستورد فقط ما قيمته 130 مليار دولار من السلع الأميركية، ولذا فإن قدرتها على الرد بالمثل تبدو محدودة، بينما يهدد ترامب بمضاعفة إجراءاته لتشمل 267 مليار دولار أخرى من السلع المستوردة من الصين.

ورفعت بكين شكوى لدى منظمة التجارة العالمية احتجاجا على الإجراءات الأميركية.

- إيران -

بالنسبة إلى إيران، أعلن ترامب في مايو/أيار الفائت انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران الذي تم التوصل إليه عام 2015 بعد محادثات شائكة، ما يعني فرض عقوبات وتدابير عقابية جديدة على الجهات التي تقوم بمبادلات تجارية معها. وأمهل الأميركيون هذه الشركات من 90 إلى 180 يوماً كي تنسحب من إيران.




وبدأ تطبيق أولى العقوبات التي أُعيد فرضها في 6 أغسطس الماضي، على أن تليها دفعة ثانية تطاول صادرات النفط والقطاع المصرفي في 4 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وبالفعل، انسحب العديد من الشركات الأوروبية الكبرى من إيران قبل أن تجني ثمار المشاريع التي انخرطت فيها، ومنها "توتال" و"ديملر" و"سيمنز" و"بيجو".

وفي المقابل، تنحو إيران باتجاه تخزين النفط في ناقلات عملاقة استعداداً لاعتماد أسلوب انتهجته سابقاً من خلال التخزين ثم التصدير سراً بعيداً من أجهزة التعقّب الموصولة بالأقمار الاصطناعية. كما تحاول تعزيز علاقاتها وتبادلاتها التجارية مع دول رافضة للالتزام بالتوجيهات الأميركية.

- روسيا -

في أول أغسطس المنصرم، أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على موسكو على شكل حزمتين، بسبب قضية تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا في سالزبوري ببريطانيا بمادة كيميائية مشلة للأعصاب في مارس/آذار الماضي.

وتتضمن الحزمة الأولى من العقوبات، التي دخلت حيز التنفيذ في 22 أغسطس، حظر توريد الأجهزة الإلكترونية وقطع الغيار ذات الاستخدام المزدوج إلى روسيا، على أن تطبق الحزمة الثانية بعد ثلاثة أشهر من دخول الحزمة الأولى حيز التنفيذ، في حال عدم تقديم روسيا ضمانات بأنها لن تستخدم السلاح الكيميائي مستقبلاً وستخضع لتفتيش من قبل الأمم المتحدة.




في المقابل، تسعى موسكو إلى الحد من التعامل بالدولار، عبر تفاهمات تتضمن التعامل بالعملات الوطنية بدلا من العملة الأميركية في التجارة البينية، ولا سيما مع تركيا التي تعاني أيضا من الضغوط الأميركية وتدفع ثمناً باهظاً لها، إذ قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف في 14 أغسطس/آب، إن روسيا ترغب في أن يكون التبادل التجاري مع تركيا بالعملة الوطنية. 

وفي اليوم التالي، لوّح رئيس لجنة الأسواق المالية في مجلس الدوما الروسي (مجلس النواب)، أناتولي أكساكوف، بأن استخدام الدولار الأميركي للضغط على دول أخرى، سيؤدي إلى خلق عملة عالمية بديلة، وما لبث الروبل بعد أسبوع أن سجّل أدنى مستوياته مقابل الدولار في أكثر من عامين، متأثرا بالمخاوف من فرض مزيد من العقوبات على موسكو وشراء عملات أجنبية لاحتياطيات البلاد. ثم واصل هبوطه في سبتمبر إلى مستويات أدنى.

 كما برز في 11 سبتمبر الحالي، سعي روسي- صيني مباشر في مواجهة السياسات الخارجية الاقتصادية التي ينتهجها ترامب، لا سيما على صعيد الحماية التجارية والحد من هيمنة الدولار عبر استبداله بالعملات الوطنية، في التبادلات بين البلدين، خلال لقاء عقده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ.




وصعّدت واشنطن ضغطها على موسكو في 14 سبتمبر، حيث أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن السلطات الأميركية تحقق مع أكبر بنك دنماركي (دانسك) بشأن عملية غسل أموال تُقدَّر بحوالى 150 مليار دولار، تدفقت عليه من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. 

- تركيا -

أما مع تركيا، فقد استغل ترامب محاكمة الجاسوس الأميركي المتهم بالإرهاب والتجسّس، القسّ أندرو برانسون، ليصعّد ضغوطاً دبلوماسية واقتصادية لم تُثن تركيا عن تطبيق القانون بحق المتهم، ما ألحق أضراراً كبيرة بقيمة الليرة، واضطُرت السلطات التركية إلى مواجهة الضغوط بتدابير استثنائية لجمت هبوط الليرة ومكّنت أنقرة من احتواء الهجمة الشرسة على اقتصادها.

في السياق، رفعت تركيا في 16 أغسطس الرسوم الجمركية على 22 سلعة مستوردة من الولايات المتحدة الأميركية، بقيمة تصل إلى 533 مليون دولار، وذلك بعد سلسلة من القرارات الأميركية التي عمّقت انهيار الليرة التركية قبل أسبوع، وكان أبرزها رفع الرسوم على الحديد والألومنيوم المصدر من تركيا إلى الولايات المتحدة بنسبة 50% و20% على التوالي. 




وللضغط أكثر، خفضت وكالاتا "موديز" و"ستاندرد آند بورز" بعد ذلك بيومين، التصنيف الائتماني لتركيا، قبل أن تدخل دولة قطر على خط الأزمة وتباشر في 20 أغسطس بتنفيذ حزمة استثمارات لتركيا بقيمة 15 مليار دولار كان وعد بها أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارته الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان منتصف الشهر الماضي، باتفاق مبادلة بالعملة الوطنية تصل قيمته إلى 3 مليارات دولار، ويأتي كمرحلة أولى من تنفيذ هذه الحزمة الاستثمارية.

وفي اليوم ذاته، قدّمت تركيا شكوى رسمية لدى منظمة التجارة العالمية ضد الرسوم الجمركية الإضافية على الصلب والألومنيوم، التي فرضتها إدارة ترامبن قبل أن تنتعش الليرة في 13 سبتمبر/ أيلول الحالي، مستفيدة من قرار البنك المركزي رفع أسعار الفائدة سعر الفائدة الرئيسي 625 نقطة أساس إلى 24% مقارنة مع 17.75% سابقاً. 

وفي اليوم ذاته أيضاً، استخدمت تركيا سلاحاً آخر لتحجيم حضور الدولار في اقتصادها، فأصدر الرئيس رجب طيب أردوغان قراراً باستخدام الليرة فقط في عقود بيع وشراء وتأجير العقارات والأملاك المنقولة، عوضًا عن العملات الأجنبية.




كل ذلك إلى أن كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أمس الإثنين، أن السلطات التركية تُعد خطة لمساندة المصارف في التعامل مع القروض البنكية الرديئة التي من المتوقع أن يُنتجها رفع سعر الفائدة وهبوط الليرة التي خسرت حوالي 40% من قيمتها منذ بداية العام.

- الاتحاد الاوروبي -

في 1 يونيو/حزيران، أنهى ترامب الجدل حول تهديداته للاتحاد الاوروبي، وفرض رسوما قدرها 25% على واردات الصلب من التكتل، ورسوما قدرها 10% على واردات الألمنيوم.

وقال ترامب إن الاتحاد الأوروبي "على الأرجح سيئ مثله مثل الصين" حين يتعلق الأمر بالتجارة، فيما ردت بروكسل برسوم دخلت حيز التنفيذ في 22 يونيو الماضي.

ورد الأوروبيون بفرض رسوم جمركية على 3.2 مليارات دولار من المنتجات الأميركية الشهيرة، ومن بينها الدراجات النارية "هارلي ديفيدسون" والويسكي والجينز.

ويخشى الأوروبيون من تنفيذ ترامب لتهديده بفرض ضريبة 20% على واردات بلاده من السيارات من الاتحاد الاوروبي، وهو الإجراء الذي يخشاه قطاع السيارات القوي في ألمانيا خصوصا.




لكن ترامب ورئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر أعلنا في 25 يوليو/تموز خطة لنزع فتيل حرب تجارية، تراجعت فيها واشنطن عن فرض رسوم على السيارات الأوروبية، أقله في الوقت الحاضر.

ويناقش الطرفان الآن مواصلة محادثات لخفض الرسوم إلى الصفر. لكن المفوضية الأوروبية تنتظر تفويضا من دول الاتحاد.

- كندا والمكسيك -

لم يستثن ترامب من حملته التجارية كندا والمكسيك، العضوين في اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، من الرسوم الاميركية على الصلب والألومنيوم، ما دفع البلدين لفرض رسوم انتقامية.

وتبادل ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الانتقادات اللاذعة بخصوص الرسوم على الصلب في قمة مجموعة السبع التي اختتمت اعمالها بخلاف كبير بين ترامب وحلفائه في 9 يونيو الماضي.



وفي أغسطس/آب الماضي، توصلت المكسيك والولايات المتحدة إلى اتفاق لتعديل اتفاقية "نافتا" وتعتزمان التوقيع عليها بحلول الأول من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ومنذ ذلك الحين، تُكثف كندا المحادثات للحفاظ على نافتا كاتفاق ثلاثي، لكن المفاوضات لا تزال تصطدم بآلية فض النزاعات وبسيطرة أوتاوا على قطاع الألبان، وهو ما ينتقده ترامب باستمرار.

- اليابان -

تُعد اليابان، حليفة الولايات المتحدة، هدفاً آخر للرسوم الأميركية على واردات الصلب، وهو ما قالت طوكيو إنه "أمر مؤسف للغاية".

ودخلت طوكيو وواشنطن في سجال بشأن السياسة التجارية، بعدما رفضت الولايات المتحدة إعفاء اليابان من الرسوم التي دخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو/حزيران المنصرم.




وفي مايو/ أيار، أبلغت طوكيو منظمة التجارة العالمية بأنها تعتزم فرض رسوم تبلغ قيمتها 50 مليار ين (455 مليون دولار) على البضائع الأميركية، وهو ما يعادل تأثير الرسوم الأميركية التي تم فرضها على منتجات اليابان من الصلب والألومنيوم.

وهي تريد أيضا إعفاءً من الرسوم الأميركية على السيارات، والتي تمثل تهديدا كبيرا لصناعتها الوطنية.



(العربي الجديد، فرانس برس)
المساهمون