قالت مصادر مُطلعة في مجلس النواب المصري إن الأخير سيصدق على تعديل وزاري محدود، خلال جلساته الأسبوع المقبل، بعد تجديد الرئيس، عبد الفتاح السيسي للثقة في حكومته، برئاسة شريف إسماعيل، والإبقاء على قوامها الرئيسي، وقصر التعديل الشكلي على تسعة وزراء، على الأكثر، ليشمل حقائب من أهمها الزراعة، والتعليم، والسياحة، والآثار، والثقافة. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن التعديل سيُبقي على عدد من الوزراء، الذين صاحب أداءهم حالة واسعة من الرفض الشعبي، أخيراً، من جراء الأزمات المرتبطة بحقائبهم، وفي مقدمتهم، وزراء الداخلية، مجدي عبد الغفار، والصحة، أحمد عماد الدين، والمالية، عمرو الجارحي، والاستثمار، داليا خورشيد.
وحاول رئيس البرلمان (الموالي للسيسي)، علي عبد العال، احتواء غضب النواب، المطالبين برحيل الحكومة الحالية، في جلسة مساء أول من أمس، قائلاً إنها "ربما تنسحب في هدوء، من دون تفعيل لإجراءات سحب الثقة منها"، وذلك عقب هجوم عدد كبير من النواب على أداء الوزراء، وتحميل الحكومة مسؤولية إفقار المواطنين، وانفلات أسعار السلع.
وأعلن عبد العال عن انعقاد جلسات البرلمان، الأسبوع المقبل، لمناقشة موضوعات هامة، من دون أن يسميها، بخلاف نصوص اللائحة المنظمة بانعقاد المجلس، أسبوعاً بعد أسبوع، لإقرار التعديل الوزاري المرتقب، تزامناً مع الذكرى السادسة لنشوب ثورة 25 يناير/كانون الثاني العام 2011، وفق المصادر. واستندت المصادر في موافقة البرلمان المنتظرة على التعديل، المطروح من السيسي، إلى أن الدستور أعطى المجلس النيابي الحق في سحب الثقة من الحكومة، بعد رفض برنامجها، وتسمية رئيس الجمهورية رئيساً جديداً للوزراء، بترشيح من ائتلاف الغالبية "دعم مصر"، إلا أنه لم ينص على رفض التعديل الوزاري. ونصت المادة 147 من الدستور على أن "لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها، بشرط موافقة غالبية أعضاء مجلس النواب، وإجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء، وموافقة البرلمان بالغالبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس".
وقال السيسي، في حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية (الحكومية)، قبل أيام، إن رئيس الوزراء الحالي يتمتع بثقته الكاملة "النابعة من العمل، والأداء والمتابعة، والتقدير للمهمة، وأمانة المسؤولية"، بعد أن أكد في حديثه إجراء تعديل وزاري في وقت قريب. ولم تشهد مصر موجة غلاء في تاريخها، مثلما حدث في عهد الحكومة الحالية، التي حررت سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، ورفعت أسعار المحروقات والكهرباء والمياه بنسب كبيرة، في أعقاب توقيع اتفاق قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وانخفاض قيمة الجنيه بنحو 70 في المائة خلال عامي حكم السيسي.
ولم يتعرض التعديل الوزاري لحقائب المجموعتين الاقتصادية، والأمنية، في ظل حالة الغضب الواسعة بين المواطنين من جراء ارتفاع الأسعار، بشكل يومي، وعدم قدرة الحكومة على مراقبة الأسواق، فضلاً عن حالة الانفلات الأمني في المحافظات الحدودية، خصوصاً شمال سيناء، ووصول العمليات التفجيرية إلى قلب العاصمة القاهرة، بتفجير الكنيسة البطرسية. وتبدو رسالة السيسي جلية في التمسك بوزير الصحة، الذي واكب عهده أزمة غير مسبوقة من نقص الأدوية، بعدما اختفت آلاف الأصناف من المخازن والصيدليات، وتضاعفت أسعارها في السوق السوداء، ما دفعه، في النهاية، للرضوخ لمطالب شركات الدواء، ورفع أسعار ثلاثة آلاف صنف، بنسب تصل إلى 50 في المائة من قيمتها، في زيادة ثانية لأسعار الأدوية في أقل من عام.
وعقد رئيس الوزراء مجموعة من الاجتماعات مع المرشحين المحتملين للحقائب الجديدة، خلال الأيام الماضية، بعد موافاته من الرئاسة بقائمة الأسماء، بناءً على تقارير جهات استخباراتية ورقابية. ومن أبرز الأسماء المطروحة آخر أمين عام لحزب الرئيس الأسبق حسني مبارك، حسام بدراوي، لحقيبة التعليم، ورئيس جامعة القاهرة، جابر نصار، لحقيبة التعليم العالي. ومنحت المادة 131 من الدستور، مجلس النواب، حق سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد الوزراء، بعد تقديم استجواب برلماني، على أن يصدر المجلس قراره عقب مناقشة الاستجواب، ويكون سحب الثقة بغالبية الأعضاء، إلا أن رئيس البرلمان رفض مناقشة أي استجواب بحق أحد وزراء السيسي منذ انعقاد المجلس منذ أكثر من عام.