تظاهرة موسكو: إنذار رفضاً لإقصاء المعارضة من انتخابات الدوما

23 يوليو 2019
نظمت المعارضة اكبر احتجاج لها منذ زمن طويل(سيفا كاراسان/الأناضول)
+ الخط -


بعد استبعاده من انتخابات "مجلس دوما (نواب) موسكو" في 8 سبتمبر/أيلول المقبل، وذلك بذريعة عدم استكمال نسبة التواقيع الصحيحة، اعتبر المعارض الروسي، إيليا ياشين، أن "الأمر عائد إلى عدم رغبة عمدة موسكو، سيرغي سوبيانين، في رؤية نواب مستقلين بالمجلس حتى لا يُفسح أمامهم المجال لطرح تساؤلات حول قضايا مالية شائكة". في السياق، قال ياشين الذي سبق له أن شغل منصب نائب رئيس حزب "بارناس" المعارض، في حديثٍ لـ"العربي الجديد": "تملك موسكو ميزانية ضخمة تبلغ 2.3 تريليونات روبل (37 مليار دولار)، لكنه تمّ تقليص نفقات التعليم والصحة في السنوات الماضية. كما يتخوّف سوبيانين من وجود نواب مستقلين في الدوما، لأن ذلك سيزيد من فرصهم في فتح ملفات قضايا الفساد". وقرر ياشين، وغيره من مرشحي المعارضة "غير النظامية"، مواصلة الفعاليات الاحتجاجية المطالبة بالسماح لهم بخوض سباق الانتخابات المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل.

وشهد الأسبوع الماضي سجالات حادة بين السلطات المحلية في موسكو والمعارضة "غير النظامية" بعد استبعاد 60 من مرشحيها من الانتخابات، تُوّجت بخروج تظاهرة حاشدة وسط موسكو يوم السبت الماضي، دعماً للمرشحين المستبعدين وللمطالبة بالسماح بمشاركتهم في الانتخابات. وتوعد رموز المعارضة الروسية خلال التظاهرة بتنظيم وقفة "غير مصرح بها" أمام مبنى رئاسة بلدية موسكو بعد أسبوع، ما لم يتم تسجيل جميع المرشحين المستقلين.

ووُصفت تلك التظاهرة بأنها أكبر فعالية احتجاجية ذات مطالب سياسية في روسيا منذ عدة سنوات، إذ أفادت منظمة "العداد الأبيض" المعنية بحصر أعداد المتظاهرين بأن 22.5 ألف شخص شاركوا في الاحتجاج.
ومع ذلك، شكك مدير عام "مركز المعلومات السياسية" في موسكو، أليكسي موخين، في دقة هذا الرقم، محمّلاً المعارضة الروسية المسؤولية عن عدم تحريها الدقة عند جمع التواقيع.

وذكر موخين في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الرقم 22.5 ألفا صادر عن (العداد الأبيض)، بينما تشير بيانات الشرطة الروسية إلى 12 ألفا فقط، وهو رقم أقرب إلى الواقع. هناك شبهات بأن المتظاهرين كانوا يخرجون ثم يدخلون عبر أجهزة كشف المعادن مرة أخرى، لرفع عدد المشاركين. أتردد كثيراً على بروسبيكت ساخاروف الذي نُظمت به التظاهرة، ولا أعتقد أنه يتسع لهذا العدد من المتظاهرين".



وحول رؤيته لأسباب استبعاد مرشحي المعارضة من الانتخابات، اعتبر أنه "تم افتعال الضجة عن طريق جر السلطة إلى استبعاد مرشحي المعارضة الذين لم يتعاملوا بجدية مع مسألة جمع التواقيع. هناك مرشحون مستقلون موالون لحزب (روسيا الموحدة) الحاكم تم استبعادهم أيضاً للسبب ذاته".

وأشار موخين إلى أنه "ربما كان على لجان الانتخابات بموسكو التعامل مع الأمر بمرونة أكبر، ولكنها تصرّفت في إطار القانون، ولا أعلم ما إذا كانت تلقت اتصالات من جهات ما بهذا الخصوص". وتوقع استمرار تظاهرات المعارضة، مقللاً في الوقت نفسه من احتمال تحولها إلى احتجاجات واسعة النطاق.

من جهتها، أفادت صحيفة "فيدوموستي" الروسية في عددها الصادر، أمس الاثنين، بأن "قرار استبعاد مرشحي المعارضة اتخذته رئاسة بلدية موسكو وليس ديوان الرئاسة في الكرملين". ونقلت الصحيفة عن مصدرين مقربين من الرئاسة الروسية قولهما: "ثمة تغييرات طرأت على نظام التفاعل بين رئاسة البلدية وديوان الرئاسة في السنوات الماضية، وهناك قرارات اُتخذت منهما معا، وأخرى اتخذتها رئاسة البلدية بمعرفتها، ومنها القرار بشأن الانتخابات". ومع ذلك، لم يستبعد أحد المصدرين أن تتم إعادة بضعة مرشحين إلى سباق الانتخابات بموجب قرارات قضائية.

وكانت لجان الانتخابات لمدينة موسكو قد قررت في الأسبوع الماضي، استبعاد أغلبية المرشحين المستقلين، باستثناء ستة منهم، بذريعة تجاوز النسبة المسموح بها من التوقيعات الباطلة والبالغة 10 في المائة. إلا أن مرشحي المعارضة اعتبروا أن السلطات تعمدت إبطال تواقيعهم لاستبعادهم من سباق الانتخابات، فبدأوا بتنظيم وقفات احتجاجية تعبيراً عن موقفهم.

ومن المقرر أن تجري انتخابات دوما موسكو الذي يضم 45 نائباً، في 8 سبتمبر/أيلول المقبل، بمشاركة 233 مرشحاً يمثل أغلبهم الأحزاب الثلاثة المعارضة المتمثلة في البرلمان، "الليبرالي الديمقراطي" و"الشيوعي" و"روسيا العادلة"، بينما قرر جميع مرشحي "روسيا الموحدة" الحاكم خوض السباق كـ"مستقلين" وسط استمرار تراجع شعبية الحزب ومؤسسه، الرئيس فلاديمير بوتين، منذ الإعلان في يونيو/حزيران 2018، عن الإصلاح القاضي بالرفع التدريجي لسن التقاعد. يذكر أن استطلاعاً حديثاً أجراه "مركز عموم روسيا لدراسة الرأي العام"، أظهر تراجعاً جديداً لنسبة تأييد "روسيا الموحدة" إلى أدنى مستوى منذ عام 2006، لتبلغ 32.2 في المائة فقط.



دلالات
المساهمون