قرر رجال الأمن والشرطة في تونس إجراء وقفة احتجاجية في ساحة الحكومة بالقصبة، يوم 8 يوليو/تموز المقبل، للمطالبة بالمصادقة على قانون زجر لمعتدين على الأمنيين والقوات الحاملة للسلاح، والذي جُوبه برفض منذ اقتراحه.
وأرجع الأمنيون قرار التصعيد للتعبير عن احتجاجهم، بسبب تأخر إحالة مشروع القانون إلى البرلمان من طرف الحكومة، بعد سحبه من مجلس نواب الشعب لإجراء تعديلات عليه، فيما لم يتم عرض المشروع الجديد على الهياكل الأمنية.
وقال فتحي الدريدي، وهو مساعد بنقابة موظفي الإدارة العامّة لوحدات التدخّل، إن الأمنيين قضوا عيدهم في المقبرة لتشييع جثمان زميلهم مجدي الحجلاوي، الذي توفي في أحداث بئر الحفي منذ يومين.
وشدد على ضرورة توفير الحماية القانونية الضرورية لـ"يتمكن الأمن من القيام بواجبه والذود عن حمى الوطن"، كما يجب أن تتعامل السلطات بحزم مع الاعتداءات المتكررة التي تستهدفهم.
وأثارت وفاة الحجلاوي متأثرا بحروقه البليغة، وبطريقة الاعتداء الوحشي الذي تعرض له أثناء الأحداث الأخيرة بقرية بئر الحفي غضب زملائه من الأمنيين.
ومثّل هذا الاعتداء القطرة التي أفاضت كأس صبر الأمنيين المستائين من تكرار موقف الحكومة الملتزمة دوماً بعدم تتبع ومحاسبة الضالعين في الاعتداءات عليهم، وعلى مقارهم خلال سلسلة من الاحتجاجات التي عرفتها البلاد، خصوصا في مدينة قرقنة ومحافظة تطاوين أخيرا، بما يمثله ذلك من استهانة بكرامة الأمنيين، وإهدار لحقوقهم، بحسب ما أوردوه في نص بيان تم نشره أمس.
كما طالبوا بفتح تحقيق إداري جدي بخصوص ملابسات وفاة الملازم مجدي الحجلاوي، والوقوف على الأسباب المباشرة وغير المباشرة المتسببة في تحول مسار خلاف ذي صبغة عشائرية ناتج عن وفاة مواطن في جريمة قتل، إلى استهداف الوحدات الأمنية بقرية بئر الحفي.
وتمكّنت السلطات من إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص يشتبه في تورّطهم بصفة مباشرة في حرق السّيارة الأمنيّة بقرية بئر الحفي، التي أسفرت عن مقتل الملازم مجدي الحجلاوي متأثّرا بحروقه، وإصابة 3 آخرين من زملائه بحروق.
واعترف المشتبه بهم تفصيليّا بتعمد إلقاء زجاجتين حارقتين "مولوتوف" من فوق أحد المباني صوب السيارة الأمنيّة.
وفي هذا السياق، يعقد رئيس الجمهورية صباح الأربعاء المقبل اجتماعاً لمجلس الأمن القومي بحضور رئيسي الحكومة والبرلمان ووزيري الداخلية والدفاع والقيادات الأمنية والعسكرية العليا، وسيتناول الاجتماع بحسب ما أفاد مصدر من رئاسة الجمهورية لـ"العربي الجديد" الوضع الأمني في البلاد واحتجاج النقابات الأمنية ومطالبهم بتمرير قانون زجر المعتدين عليهم.
وشهد مشروع قانون زجر المعتدين على الأمنيين موجة رفض غير مسبوقة من قبل المجتمع المدني والإعلام، منذ عرضه في إبريل/نيسان 2015 من قبل حكومة الحبيب الصيد.
وينص هذا القانون على توفير حماية خاصة للأمنيين وعائلاتهم وممتلكاتهم ومقارهم ووسائل عملهم والتجهيزات الموضوعة تحت تصرفهم.
واعتبرت قوى المجتمع المدني أن هذا القانون يحتوي بنودا تمثل خطرا على الحقوق والحريات، وتعطي نفوذا مفرطا لقوات الأمن لا تتماشى مع دستور البلاد.
وقالت آمنة قلالي، ممثلة منظمة "هيومن رايتس واتش"، في تصريح إلى "العربي الجديد" إن سنّ مثل هذا القانون ليس ضروريّا بالأساس، لأنّه توجد قوانين عدّة تجرّم الاعتداء على موظّفي وأعوان الدولة. وأشارت إلى أن المنظومة القانونية التونسية لا تشكو من أي فراغ تشريعي مثل ما يدّعي المدافعون على هذا القانون، حيث يحمي القانون بالفعل كل أعوان القوات المسلحة في تونس وموظفي الدولة بصفة عامة.