تظاهرة تشبهني

31 اغسطس 2015
+ الخط -
تظاهرة أول من أمس السبت في بيروت تحرك لإسقاط النظام الذي يقبع على صدورنا منذ اغتيال رئيس البنائين اللبنانيين، رفيق الحريري، الذي بنى وعمّر ورمم مع الشرفاء من الشعب اللبناني المؤسسات وأعاد الإعتبار إلى الإنسان، وحافظ على ما يطلق عليه اصطلاحاً الطبقة الوسطى. أعاد رفيق اللبنانيين تأهيل البنى التحتية للدولة، وساق لبنان بالتكافل والتضامن من العدمية إلى الحركة التي هي، في الأصل، حياة، وهي بالمناسبة موجودة بالفطرة، لا تُعلم بل تخرق التعليم.
تظاهرة السبت المجيد للشعب العظيم موجهة ضد الحكام المستترين، والظاهرون منهم أقل خطراً علينا من الباطنيين المتسترين، والأهم أن تصيبهم بالتحرك هذا في الصميم. فحذار من دعوات الإكتفاء بالبكاء والعويل، أو الاعتماد على الدعاء والتهليل، لأن التغيير لا يحدث كما الرجم في أيام محددة، أو بزاوية ومكان محددين، ولا بطقس موروث من الغابرين، ولا هو محصور بموسم الحجيج.
كلنا نازلون، لأننا انتظرنا مغتصبي السلطة أكثر من عشر سنين، و لم يأت منهم إلا الغم والفساد والتعتير وما حصدنا إلا أن أصبح أصغر واحد منهم يعني من هذا النظام عنده ثروة تكفيه، وتكفي عائلته مئات و ربما آلاف السنين. ويا للوقاحة، يأتي منهم من يقول إنه من المؤيدين، ومع الحق بالتظاهر متضامنين، ومع المتظاهرين هم حاضرون. ويا للسخرية أيضاً، منهم من قال هذه الشعارات مسروقة من جارور حزبه، أو خزنته.
يدعم هذا الحراك طموحي لتغيير نظام الشمولية والتأبيدية، مع هذا الجمع، لأني في شوق لسماع كلمة "لا" من أتباع المتعصبين لزعمائهم المفترضين، والذين مازالوا بالفعل الحاكمين بوقت الذين راهنا عليهم، عند أكثر من محطة خذلونا، وخدموا النظام الجاثم على صدور الاستقلاليين والأحرار من اللبنانيين. نحن مع حراك تؤيده براءة أطفالنا، وتحلم بنجاحه، ويشارك عن قناعة فيه شبابنا، ويدعوا لسلامته شيوخنا وكهولنا.
رائحة الحرية والتخلص من جماعة التبعية تصعد من هذا الموج الهادر، النية عند المشاركين صادقة باتهام أي من المبادرين إلى تسويات من المتهمين بالفساد الطالعة رائحتهم، والقناعة الراسخة لديهم أنهم مندسون.
تشبهنا هذه التظاهرة، وتشبه مستقبلنا، وفرصة محاسبة المقصرين متاحة، فهذا النظام، لكي لا ننسى، هو المسؤول عن الأمن بالتراضي، وعن المربعات الأمنية، نظراً لقوة الحاكمين العسكرية والمالية والسياسية، وامتلاكهم القوة التخديرية التحريمية. هذا النظام الذي يدير ملف الكهرباء والمياه منذ عشرات السنين هو الذي يمسك مالية الدولة بيد من ورق، هو الذي يتحكم ببترول لبنان الأسود، هو نفسه حاكم وزارة العمال والعمل منذ سنين، ومسيطر على الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. أليس هذا النظام هو الذي يملك سياسة هجومية عابرة للحدود في وقتٍ، ندفع فيه نحن اللبنانيون المغفلون متوجباتنا لدعم الفساد.
باختصار، أنا مع هذه التظاهرة التي إن تأمنت لها السلامة، وكتب لها الوصول إلى غايتها، قام المجتمع وقامت الجمهورية، ونحن معها، لأن من يشارك فيها، ويدعو لها كل الناس، أو إن شئت معظم اللبنانيين، بمن فيهم أولادي وأهلي وأصدقائي ورفاقي، وكل المواطنين الصادقين في هذا اللبنان.
avata
avata
كرم محمد السكافي (لبنان)
كرم محمد السكافي (لبنان)