وأعلن عبد المهدي، في وقت سابق من اليوم، عزمه تقديم استقالته إلى البرلمان في جلسة الغد، استجابة لدعوة المرجعية الدينية، وبعد يوم دامٍ في محافظتي النجف وذي قار أودى بحياة عشرات المتظاهرين ومئات الجرحى.
وعقب الإعلان عمّت أجواء الفرح في الساحة، التي شهدت طوال شهرين موجات من المصادمات مع الأمن الذي استخدم الرصاص الحي وقنابل الغاز، ما تسبب بمقتل المئات وإصابة الآلاف.
ووسط أجواء من الفرح، ردد المتظاهرون هتافات وشعارات تؤكد أنهم سيواصلون التظاهر، وأن إقالة أو استقالة الحكومة غير كافية، بينما غابت عن الساحة أصوات إطلاق النار التي رافقت التظاهرات خلال الشهرين الماضيين، في وقت التزم فيه عناصر الأمن مواقعهم السابقة، خلف الحواجز الكونكريتية على الجسور.
ووفقاً للناشط المدني باسل الغراوي، فإن "استقالة عبد المهدي هي مجرد بداية لا أكثر، ولا يمكن اعتبار التظاهرات قد حققت ما تصبو إليه الانتفاضة ككل"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "المتظاهرين استقبلوا الخبر بارتياح بكل تأكيد، كونه (عبد المهدي) قاتلاً بنظرهم، أما المطلب الرئيس فهو إغلاق دكان الفشل ورحيل الرئاسات الثلاث، وانتخابات مبكرة، ومحاسبة الجميع على حفلة سرقة أموال العراقيين منذ 16 عاماً"، وفقا لتعبيره.
وأصدر المتظاهرون بياناً بعد قرار الاستقالة، حددوا فيه مطالبهم للمرحلة المقبلة، مؤكدين أن "الخطوة الأولى انتهت، والخطوات المقبلة هي عدم الانسحاب من ساحات التظاهر، والمطالبة بحل البرلمان، وتغيير مفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات، وتعديل الدستور، والدعوة لانتخابات جديدة بإشراف أممي، ومحاسبة كل الذين شاركوا وساهموا بقتل إخوتنا، ومن ضمنهم عادل عبد المهدي".
ويتوافد آلاف العراقيين منذ إعلان عبد المهدي نحو ساحة التحرير للمشاركة في الاحتفالات الشعبية.
وقال الناشط ماهر الزبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الشارع حقق نصره الأول، لكن علينا أن ننتبه، فالطريق طويل أمام الخلاص والانتقال لدولة مؤسسات لا محاصصة أحزاب، وقد نضطر لتقديم تضحيات أكثر"، وفقاً لقوله.
وأكد الزبيدي، لـ"العربي الجديد": "حالياً نراقب ما سيكون في حال قرروا استبدال شخص بشخص آخر، أو أنهم (القوى السياسية) سيتوجهون فعلاً لإكمال قانون حقيقي وعادل للانتخابات، والذهاب مباشرة لها، أم أنهم يريدون التلاعب بالوقت".
وشدد: "تظاهراتنا لن تتوقف حتى نحقق جميع أهدافنا. تظاهراتنا هي تظاهرات التغيير، التغيير المرحلي الذي يقضي على خراب 16 عاماً من حكم تلك الأحزاب".
ووجه المتظاهرون دعوات إلى السلطة القضائية لأخذ دورها بمحاسبة كل من تورط بقتل المتظاهرين.
وقالت المتظاهرة غادة محمد الشمري، لـ"العربي الجديد": "نطالب بمحاكمات عادلة لكل من تورط بقتل المتظاهرين... لن نسكت على دماء إخواننا الذين ضحوا من أجل التغيير"، مشددة "على السلطة القضائية أن تتحمل مسؤوليتها وتأخذ دورها بمحاكمة هؤلاء المجرمين".
ولم تختلف الأجواء في محافظات الجنوب عنها في بغداد، فقد تلقى متظاهرو ذي قار والنجف وكربلاء وميسان والمثنى وبابل والبصرة الخبر بفرحة، واستمروا بتظاهراتهم، مطالبين بمحاسبة الفاسدين والمتورطين بدماء المتظاهرين.
في غضون ذلك، قدّم قائد شرطة ذي قار اللواء محمد القريشي (أبو الوليد) استقالته من منصبه، فيما أعلن تلفزيون الناصرية سقوط 7 قتلى على الأقل وإصابة 76 آخرين في تظاهرات اليوم الجمعة في مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار).