تطوّر يفرض منطقه

23 يناير 2016
+ الخط -
تصاعدت الثورة السورية في فترةٍ شهدت تراجع الربيع العربي، وتقدم الثورة المضادة وما أحدثته من فوضى في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن. هذا التطور المتفارق الذي ترتب على عجز النظام الأسدي عن كسر شوكة الثورة، وإخضاعها لما أخضعت له فصائلها في البلدان العربية الأخرى هو السمة الرئيسة لراهننا العربي الذي يرزح تحت وطأة صراعاتٍ خارجية ضارية، وقعت في كل مكان، وخصوصاً في سورية، ويعاني من بروز الإرهاب الذي يطرح نفسه بديلاً مذهبياً للديمقراطية والحرية. وثمة استنتاجات يمليها هذا الوضع، أهمها:
ـ إن تفاوت التطور، وركود ثورات الربيع العربي، يجعلان من ثورة سورية رافعة الثورة العربية الراهنة، والقوة الرئيسة المؤهلة لدحر الثورة المضادة على المستوى القومي العام، ومن الشعب السوري حامل ثورة العرب التي يرتبط مصيرها باستمرار صموده وتصديه الناجع للنظام الأسدي، ولغزاة إيران ومرتزقتها، ولجيش الاحتلال الروسي.
ـ هذا الواقع يلزم كل ثوري عربي بالانضمام إلى الثورة السورية، وباعتبار نفسه مناضلاً فيها، يتطلب واجبه تجاه الثورة في بلاده أن ينخرط في صفوفها بكامل قواه وطاقاته، كما ينخرط أي مناضل وثوري سوري، ليسهم في مقاومة وإسقاط حكام وطنه، من خلال مقاومة وإسقاط النظام الأسدي. لا بد لكل ثوري عربي من وضع يده في يد الشعب السوري الذي تتخطى ثورته في معانيها ودلالاتها حدود بلاده إلى المجال الداخلي والعام لجميع بلدان الوطن العربي، بعد أن غدت منذ عام 2012 فعلاً قومياً، تصل آثاره إلى كل بلد ومواطن عربي، أكان مع الثورة أو ضدها.
ـ بالنظر إلى طابعها المزدوج: الوطني والقومي، وإلى دلالاتها المهمة بالنسبة لثورات الربيع العربي خارج حدودها الخاصة، لا بد أن تشمل مشاركة العرب في الثورة السورية صعيديها الداخلي/ الوطني والقومي، وأن تتجلى عبر دور مباشر، يستطيع كل ثائر عربي لعبه داخل صفوفها، تحت قيادة هيئات تنسيقية عابرة للأقطار والدول، تكون رد الثوار القومي على الثورة المضادة، الموحدة الصفوف ضدهم، الذي يرفد الحراك الثوري بالدعم اللازم في سائر الميادين السياسية والعسكرية والإعلامية... إلخ. هذه الهيئات لا بد أن تضم عرباً من مختلف الأقطار، يتولون مساعدة الثورة السورية على تخطي ما يعترضها من مشكلات. صحيح أن الثوار العرب يجب أن يولوا اهتمامهم لثورات بلادهم المضادة، لكن نضالهم في صفوف الثورة السورية التي سيعزز دورهم فيها فرص انتصارها، سيتيح لهم قاعدة صلبة وآمنة، يكثفون انطلاقاً منها نشاطهم السياسي، بما سيتلقونه من عونٍ تمدهم به ثورةٌ أسهموا في نصرها، وقدموا غالي التضحيات من أجلها.
يفرض التطور المتفارق منطقه، وجوهره تعبئة الجهود الثورية العربية، لتسريع انتصار الثورة في سورية التي يجعلها صمودها وصعودها طوال قرابة خمسة أعوام حالةً فريدةً يعني انتصارها، بجهودٍ ثوريةٍ عربية، انتقال ثورات الربيع العربي من الدفاع إلى الهجوم، واستمرار ثوراته التي تعثرت، لأسباب منها افتقارها إلى نموذجٍ نجح في إسقاط نظامه الاستبدادي، بطريقةٍ تحصنه ضد التراجع والانتكاس، وتمكّنه من بناء بديل ثوري فاعل للأمر القائم في بلدان الثورة المضادة، يكون نتاج جهد ثوري قومي، قدّمه عربٌ رهانهم الحرية والديمقراطية.
هل يتوافق ثوار تونس ومصر واليمن وليبيا على تشكيل هيئة تنسّق مع الائتلاف، تعزز دوره على الصعيدين القومي والدولي، عبر انخراطهم في أنشطته السياسية والإعلامية والإغاثية، من دون أن يكونوا بالضرورة جزءاً من جهاز الثورة العسكري والمقاوم؟
E4AA2ECF-ADA6-4461-AF81-5FD68ED274E9
ميشيل كيلو

كاتب سوري، مواليد 1940، ترأس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، تعرض للاعتقال مرات، ترجم كتباً في الفكر السياسي، عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض.