تطبيق تيك توك أحدث المواجهات الأميركية الصينية

28 يوليو 2020
الصراع يطاول تطبيق تيك توك (Getty)
+ الخط -

بلغت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين أفضل نقاطها في عقود، عند توقيع مسؤولي البلدين اتفاق مرحلة أولى في يناير/ كانون الثاني الماضي، علقت بمقتضاه الولايات المتحدة تطبيق تعريفات جمركية على ما بلغت قيمته مئات المليارات من الدولارات من مشترياتها من الصين، مقابل قيام الصين بشراء كميات ضخمة من السلع الأميركية. وجاء فيروس كورونا ليعطل التزام الصين بالاتفاق، قبل أن يزداد غضب الأميركيين منهم، باعتبارهم مسؤولين عن انتشار الوباء، الذي تسبب في وفاة أكثر من 147 ألف أميركي، وإصابة أكثر من 4 ملايين غيرهم. 

وكان في مقدمة الأنشطة التي ترفضها الولايات المتحدة ما اعتبرته محاولات حصول الصينيين على معلومات عن مواطنين وأبحاث وتقنيات أميركية بطرق غير مشروعة، عن طريق فرض الحكومة الصينية على شركاتها إمدادها بأي معلومات تُطلب منها.

وبينما اعتادت الولايات المتحدة فتح أسواقها وجامعاتها لشركات ومواطنين من أغلب دول العالم، ومنها الصين بطبيعة الحال، بدا للإدارة الأميركية الحالية أن العديد من تلك الشركات ربما تمثل تهديداً للأمن القومي الأميركي، وجاء على رأسها تطبيق تيك توك الصيني الشهير، الذي يتم تحميله على هواتف المستخدمين، ويمكن من خلاله تسجيل ومشاركة فيديوهات قصيرة.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وعلى الرغم من محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يستعد للأمتار الأخيرة من سباق الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، التهدئة مع الصين، كان مايك بومبيو أكثر وضوحاً يوم الخميس، حين أعلن أن المواجهة معها "تمثل تحدياً جديداً لم نواجهه من قبل، فالاتحاد السوفييتي كان معزولاً عن العالم الحر، لكن الصين الشيوعية دخلت إلى بلادنا بالفعل".

وفي الوقت الذي تضغط فيه وزارتا الخارجية والعدل الأميركيتان باتجاه دفع البيت الأبيض لحظر تحميل واستخدام التطبيق ذي الشعبية الجارفة في الولايات المتحدة والعالم، بدأت اثنتان من شركات رأس المال المخاطر الأميركية بقيادة مجموعة من مستثمري قطاع التكنولوجيا لإقناع وزارة الخزانة الأميركية بالسماح لهم بشراء التطبيق الشهير وقطع صلته بالشركة الأم "بايت دانس".

وبعد أن أيد مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يمنع الموظفين الفدراليين من تحميل التطبيق على الهواتف الحكومية الخاصة بهم، أعلنت الشركة الصينية أنها منفتحة على أية عروض للشراء، وأنها على ثقة من أداء الشركة المالي على المدى الطويل، مؤكدةً أنها ستقوم بالإعلان عن خطتها فور وجود ما يستدعي الإعلان. 

وتقود شركتا جنرال أتلانتيك وسوكويا للاستثمار الجهود المبذولة لشراء تطبيق الشركة، الذي تم تحميله ملياري مرة حول العالم، منهم 165 مليون في الولايات المتحدة، ووصل عدد مستخدميه لأكثر من 800 مليون مستخدم نشط شهرياً، لتشغيله في الولايات المتحدة، بعد أسبوعٍ واحدٍ من انطلاق مجموعة إعلانات وضعتها حملة ترامب الانتخابية على موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك، تشير فيها إلى قيام الشركة الصينية بالتجسس على عشرات الملايين من المستخدمين الأميركيين، وهو ما نفته الشركة تماماً.

وترى الإدارة الأميركية أن الشركة التي يقع مقرها الرئيسي في العاصمة الصينية بكين تطبق عليها القوانين الصينية، التي تفرض على الشركات التعاون مع أجهزة الاستخبارات إذا طُلب منهم ذلك، الأمر الذي يهدد خصوصية البيانات الشخصية لمئات الملايين من مستخدمي التطبيق. وآخر الشهر الماضي، حظرت الهند استخدام التطبيق الصيني، كما أرسل عملاق مبيعات التجزئة الأميركي أمازون، الذي يوظف ما يقرب من 800 ألف موظف، ويعد ثاني أكبر شركة أميركية من حيث المبيعات، خطاباً يدعو فيه موظفيه لحذف التطبيق من على هواتفهم لدواع أمنية، قبل أن يتراجع مؤكداً أن الخطاب تم إرساله بالخطأ. 

والأسبوع الماضي، أكد لاري كودلو، كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين، أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ قرار بخصوص التطبيق الصيني، إلا أنه أشار إلى أن "الشركة يمكنها الإنفصال عن الشركة الأم الصينية، والعمل كشركة أميركية مستقلة في الولايات المتحدة".

واعتبر محمد قبوض، مدير تطوير البرمجيات بشركة زيب ويب Zipwhip في مدينة سياتل بولاية واشنطن الأميركية، أن فصل التطبيق عن الشركة الأم الصينية ممكن من الناحية الفنية، مضيفاً "من الممكن شراء ملكية تطبيق تيك توك والبنية التحتية الخاصة به وفصلهما عن الشركه المطورة وبلد المنشأ، وذلك من خلال نقل خوادم البنية التحتية إلى بلد آخر وإسناد تطوير ونشر البرمجيات إلى شركة أخرى وادارة جديدة". 

وأكد قبوض في حوار مع "العربي الجديد" أنه "من الممكن شراء العلامة التجارية في دول محددة، وتكون هناك نسخة خاصة من البرنامج لهذه الدول، تعمل على بنية تحتية مستقلة تماما عن التطبيق الأصلى، ولكن بنفس الاسم، ولا يحق للشركة الأصلية نشر برنامجها في هذه الدول".

ويوم الاثنين، نشر مجلس الشيوخ تقريره عن عمليات الضغط Lobbying للربع الثاني من العام الحالي، والتي أظهرت أن الشركة الصينية أنفقت 500 ألف دولار، هي الأعلى على هذا النوع من الانفاق في تاريخ الشركة، من أجل تكوين جماعات ضغط في الكونغرس تحميها من الحظر.

ويواجه تطبيق تيك توك أيضاً تحقيقاً من قبل لجنة التجارة الفدرالية الأميركية وجهاز الأمن الوطني الأميركي حول عملية شرائه تطبيق Musical.ly عام 2017، الذي تم دمجه لاحقًا في تيك توك، بالإضافة إلى تحقيقات موازية من قبل الإدارة الأميركية، يُتوقع أن تتضح نتائجها خلال أسابيع. 
 
وفي مواجهة تلك الضغوط مترامية الأطراف، حاولت بايت دانس، الشركة الأم لتيك توك، تغيير الهيكل المؤسسي لـلتطبيق، لإبعاده عن الروابط الصينية المتسببة في الحروب التي يتعرض لها. وعينت الشركة مؤخراً كيفين ماير، المدير التنفيذي السابق بشركة ديزني الأميركية، مديراً للعمليات فيها، ورئيساً تنفيذياً لتيك توك. 

المساهمون