تضخّم البروستاتا... لا تهملوه أيّها الرجال

12 نوفمبر 2017
محاولة للتوعية حول سرطان البروستاتا (كريس راتكليف/ Getty)
+ الخط -

في كندا، يقتضي البروتوكول الطبّي أن يكون لكلّ مواطن كندي طبيب عائلة، يزوره دورياً، مرّة واحدة كلّ ستة أشهر، عدا عن الحالات الصحيّة الطارئة. في الزيارات الدورية، يحوّل الطبيب مريضه إلى أحد المراكز الطبية لإجراء تحاليل دم، بهدف مراقبة حالة جسده وتطوّرها. في واحدة من زياراتي تلك، وكنت قد تجاوزت الخمسين من عمري، بيّنت نتائج تحاليل الدم ارتفاعاً في نسبة المستضد البروستاتي النوعي "بي إس إيه" (PSA)، أي البروتين السكري الذي تنتجه خلايا غدّة البروستاتا لدى الرجال. يُذكر أنّ النسبة الطبيعية لذلك البروتين السكري تراوح ما بين صفر وخمسة في المائة، أمّا نتيجة تحاليلي فكانت سبعة في المائة.

شرح لي الطبيب أنّه بعد سنّ الخمسين، كلّ رجل معرّض لتضخّم البروستاتا. وهذا التضخّم منه ما يكون حميداً ومنه ما يكون خبيثاً، أي سرطانياً، خصوصاً بعد سنّ الستين. لذا لا يجب تأخّر الرجل عن إجراء الكشف الطبي المبكر بإشراف طبيبه. بالتالي، حوّلني إلى طبيب اختصاصيّ في المجال. تجدر الإشارة إلى أنّ ما أكتبه في هذه السطور هو تجربة شخصية، وليس بالضروة أن يكون الأمر متشابهاً لدى الجميع.

بعدما حوّلني طبيب العائلة إلى طبيب اختصاصي، طلب الأخير إعادة تحاليل الدم، نظراً إلى احتمال وقوع خطأ في المرّة الأولى. وعندما أتت النتيحة مطابقة لنتيجة التحاليل الأولى، كان لا بدّ من أخذ خزعات من البروستاتا وفحصها مخبرياً بهدف الجزم حول احتمال وجود ورم سرطاني أو عدمه. خضعت لذلك في واحد من مستشفيات مونتريال، ولم تظهر النتيجة إلا بعد أسبوع. تبيّن أنّ خزعتَين من بين 12 خزعة كانتا تحويان خلايا سرطانية، فقرّر الطبيب إعادة التحاليل بعد ستة أشهر. وهذا ما حصل، لتوضح النتيجة أنّ خزعة واحدة فقط تحوي خلايا سرطانية من بين 12 خزعة. وكان القرار من جديد إعادة الكرّة بعد ستة أشهر أخرى. لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الألم المرافق لأخذ الخزعات مزعج جداً، وأحياناً قد تنتج عن ذلك الإجراء التهابات حادة تستوجب علاجاً بالمضادات الحيوية لأيام عدّة قد تصل إلى عشرة أيام. وهذا ما حصل معي في المرّة الثالثة.




لمدّة سنتَين، بقيت أخضع للمراقبة والمتابعة. بعد تلك المدّة، قرّر طبيبي قبيل تقاعده تحويلي إلى مستشفى مونتريال العام التابع لجامعة ماكغيل. هناك، خضعت ثلاث مرّات لفحص الخزعات، مرّة كلّ ستة أشهر، مثلما ينصّ البروتوكول. كانت النتائج مدهشة وغير مفهومة، حتى بالنسبة إلى الطبيب. وعندما سألته عن تفسير منطقي، أجاب: "لا أعرف. ثمّة احتمال أن يكون وضعك النفسي وكذلك وضعك الجسدي قد تغيّرا في اتّجاه الأفضل. وهو الأمر الذي أدّى إلى اختفاء السرطان. وثمّة احتمال أن تكون الخزعات في المرّتَين الأولى والثانية غير دقيقة وبالتالي أتى التشخيص خاطئاً. وهذا يحدث أحياناً". وتابع الطبيب أنّ "هذا لا يعني تبخّر السرطان. ربّما يكون قد تراجع مرحلياً، ومن المحتمل أن يعود في أيّ لحظة يضعف فيها الجسد. لذا لا بدّ من الاستمرار في المراقبة".

تلك المرحلة استمرّت سنة ونصف السنة، وقد وصلت خلالها نسبة المستضد البروستاتي "بي إس إيه" إلى 16، مع الإشارة إلى أنّني لم أتناول أيّ دواء خلال السنوات الثلاث التي مرّت. أبديت تذمّري من تلك الخزعات بسبب الألم الذي يرافقها، فوصف لي الطبيب دواءً يساعد على تخفيف تضخّم البروستاتا، وقال: "بعدها سوف نرى".

في وقت لاحق، اتّخذ طبيبي قرار الاستعاضة عن فحص الخزعات باللجوء إلى التصوير بالرنين المغناطيسي. من شأن ذلك أن يكشف أيّ ورم سرطاني. هكذا، خضعت مرّتَين لذلك، والنتيجة بقيت إيجابية وعلى حالها: "لا سرطان عندي".

في زيارتي الأخيرة لطبيبي قبل نحو ثلاثة أسابيع، سألته: "في حال افترضنا أنّني مصاب بسرطان البروستاتا، ماذا يمكنني أن أفعل؟ وما هي العلاجات المحتملة؟". أجاب الطبيب: "بعد إجراء التحاليل اللازمة للتأكّد من موضع الورم السرطاني وانتشاره، في حال كان منتشراً، نعمد إلى واحد أو أكثر من ثلاثة أساليب علاجية، وهي العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي والتدخّل الجراحي". وشدّد على "ضرورة عدم إهمال البروستاتا. فكلّما كان الكشف مبكراً تأتي احتمالات الشفاء أكبر، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى سرطان الثدي عند النساء".
المساهمون