لكن ما يلفت في خروقات خفض التصعيد الأخيرة، أنها ليست مجرد خروقات، بل عمليات عسكرية مكثفة تهدف للقتل والتدمير والتشريد، إذ أسفرت عن مقتل وجرح المئات، وتشريد قرابة مائة ألف، ولم تقف الأمور عند نقطة قصف الأهداف المدنية، والقرى والبلدات، بل شملت نقطة المراقبة العاشرة التابعة للقوات التركية، ليكون الاستهداف الثالث من نوعه في المنطقة للجيش التركي خلال أيام، بعد استهدافين بمنطقة تل رفعت في وقت سابق من اليوم، وخلال الأسبوع الجاري.
وعقب استهدف النقطة التركية العاشرة للمراقبة، اليوم السبت، دخلت مقاتلة تركية و3 مروحيات لإجلاء الجرحى، في ظل تعتيم إعلامي كبير من الجانب التركي الذي اعترف بالهجوم، ولم يكشف عن الخسائر بعد، والتي أفادت مصادر تركية مطلعة أنها خلّفت على الأقل 4 جرحى جرى إخلاؤهم، فيما تحدثت مصادر أخرى عن مقتل ضابط أيضاً.
ودفع التصعيد الحاصل في إدلب، والهجوم على القوات التركية في المنطقة، إلى التساؤل عن أهداف هذا التصعيد، خاصة أن تركيا تعتبر شريكة لروسيا في هذه المنطقة، وعقدت معها اتفاق سوتشي في أيلول/سبتمبر الماضي، إذ جاء الرد على الهجمات في منطقة تل رفعت بالبدء بعمل عسكري في المنطقة أدى إلى سيطرة قوات المعارضة بدعم تركي على 3 قرى، ولكن الرد على استهداف نقاط المراقبة لا يزال غير معروف.
وبحسب مصادر تركية، فإن عملية الرد العسكري من نقاط المراقبة ليست بالأمر السهل، لأن مهامها محصورة بالمراقبة، وسبق أن استهدفت ولم ترد، كما أن من مهامها التنسيق مع الجانب الروسي، إذ إن قوات النظام وروسيا أوقفت القصف خلال عمليات الإجلاء، لتواصل بعد انتهاء تلك العمليات القصف مجددا.
ولفتت المصادر إلى أن تركيا ستعمل في الفترة المقبلة على مزيد من المشاورات والتواصل مع الجانب الروسي لتخفيف الضغط على المنطقة، خاصة أن عمليات القصف المشابهة التي كانت تجرى في السابق تشير لوجود مطالب روسية من تركيا تسعى موسكو لتنفيذها عبر قصف المدنيين.
وتتزامن عمليات استهداف قوات النظام للنقطة التركية، واستهداف وحدات حماية الشعب الكردية أيضا للقوات التركية، مع عمليات مشابهة شمال العراق عبر حزب العمال الكردستاني، وهو ما دفع وزير الدفاع خلوصي آكار لأن يظهر اليوم من مركز إدارة العمليات ضد حزب العمال الكردستاني والوحدات الكردية، وهو يتابع ويشرف على العمليات العسكرية.
وأفاد آكار أن "العمليات العسكرية ضد الإرهابيين ردا على مقتل الجنود الأتراك أسفرت عن القضاء على 28 إرهابيا، وأن عمليات الجيش ستتواصل داخل البلاد وخارجها بكل حزم".
وتبقى التساؤلات عن ماهية الخروقات، والأهداف منها وإن كانت هناك مساعٍ لخلط الأوراق مجددا من قبل إيران وروسيا بالزج بتركيا في المواجهة المباشرة في إدلب، خاصة في ظل حديث تركي عن تقدم في المشاورات مع الجانب الأميركي في ما يتعلق بمنطقة منبج وشرق الفرات، وهذه التطورات قد تدفع بالضامنين أيضاً من أجل خلط الأوراق مجدداً في المنطقة.