لا تزال روسيا تصعّد تحركاتها ضد الشعب السوري، ففيما يتواصل سقوط قتلى مدنيين بغارات للطيران الحربي الروسي، ترفع السلطات الروسية من نبرتها تجاه مؤتمر الرياض الذي نجحت خلاله المعارضة السورية على اتفاق حول وفد موحّد للتفاوض مع النظام على أساس رحيل رئيس النظام بشار الأسد.
واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان أمس السبت، أن مؤتمر الرياض لم يمثّل كل أطراف المعارضة في البلاد، قائلة إنه "لا يمكن أن نقبل محاولة المجموعة التي التقت في الرياض أن تعطي لنفسها حق الحديث بالنيابة عن كل المعارضة السورية". يأتي هذا في وقت كُشف فيه عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو الثلاثاء المقبل، حيث سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لبحث الجهود القائمة للتوصل إلى انتقال سياسي في سورية، كما أفادت الخارجية الأميركية.
في المقابل، استبعدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أي تعاون مع الأسد، في الحرب ضد تنظيم "داعش". وقالت، في تصريحات نقلها التلفزيون النمساوي الرسمي (أو أر إف)، أمس السبت: "نستثني الأسد وقواته من التعاون في الحرب ضد الإرهاب". وأكدت ضرورة إيجاد حل سياسي للصراع بين النظام والمعارضة السورية.
ميدانياً، ارتكبت الطائرات الحربية الروسية مجازر بالجملة أمس السبت، راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين، لا سيما في ريفي حلب ودير الزور، وغوطة دمشق الشرقية. ففي دير الزور، قُتل وجرح عشرات المدنيين، بغاراتٍ روسية، استهدفت قرية السوسة قرب مدينة البوكمال في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي. وأكد الناشط الإعلامي عامر هويدي، لـ"العربي الجديد"، أن القصف الروسي أدى إلى "مجزرة مروعة بعد استهداف منزل في منطقة السوسة، ما تسبب بسقوط أكثر من 10 قتلى وعدد كبير من الجرحى في حصيلة أولية".
اقرأ أيضاً: قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة بحمص.. ومطالب بإسقاط المحافظ
وكانت أرياف حلب هي الأخرى، على موعد كذلك، مع يومٍ دامٍ جديد، سقط فيه عشرات القتلى والجرحى، نتيجة القصف الروسي، إذ ذكر سكان محليون لـ"العربي الجديد" أن غارة روسية استهدفت صباح السبت مخبز بلدة الأتارب (التي تسيطر عليها المعارضة في ريف حلب الغربي) والمنازل المحيطة به، ما أدى لسقوط ما لا يقل عن عشرة قتلى ونحو 30 جريحاً.
كما تحدث الناشط الإعلامي عبد الرزاق مصطفى المتواجد في ريف حلب، عن قصف روسي لمدينة منبج، أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، في حين طاولت الغارات الروسية محاور الاشتباكات بين كتائب المعارضة ووحدات حماية الشعب الكردي في قريتي دير جمال وأبين بريف حلب الشمالي.
أما في ريف دمشق، وتحديداً في الغوطة الشرقية، فقد حصد قصف الطيران الروسي والسوري، مزيداً من أرواح المدنيين، إذ سقط قتيلان وعشرات الجرحى، جراء غارة جوية على السوق الشعبي في بلدة زملكا في الغوطة الشرقية بريف دمشق، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة.
وأفاد ناشطون معارضون في الغوطة الشرقية بأن الطيران الحربي الروسي والنظامي يواصل حملة القصف اليومي على عدة مناطق من الغوطة الشرقية، ما تسبب أمس بمقتل خمسة أشخاص وجرح العشرات في عدة بلدات بالغوطة. وتسبّب الطيران الحربي، جراء غاراته الجوية بالصواريخ الفراغية والعنقودية في الأيام الأخيرة، بمقتل عشرات المدنيين في عموم الغوطة الشرقية، وخصوصاً بلدة حمورية، إذ كانت أعلى حصيلة من الضحايا يوم الأربعاء الماضي مع سقوط 18 قتيلاً، وعشرات الجرحى.
من جهته أكد الناشط الإعلامي كريم زبدين لـ"العربي الجديد"، أن "مدنياً واحداً على الأقل قُتل، وأصيب آخرون في مدينة دوما، باستهداف النظام ظهر أمس للأحياء السكنية بصواريخ عنقودية محرمة دولياً".
كما أكد الناشط المتواجد في الغوطة الشرقية، شَنّ الطيران الحربي الروسي، غارة على سقبا استهدفت منازل المدنيين في البلدة، بالتزامن مع تعرض البلدة لقصفٍ عنيف براجمات الصواريخ، وسط تحليقٍ كثيفٍ للطيران الحربي، فوق جبهة المرج التي تشهد اشتباكات عنيفة. إذ تصد فصائل المعارضة المسلحة هناك محاولات قوات النظام للتقدّم منذ أسابيع في تلك المنطقة الاستراتيجية بالغوطة الشرقية.
في موازاة ذلك، أفادت مصادر محلية متطابقة في العاصمة دمشق، عن سقوط قذائف هاون في أحياء أبو رمانة، الصالحية، الشعلان، شارع الحمراء، ما تسبّب بوقوع إصابات.
من جهة أخرى، شهدت مدينة حمص أمس انفجاراً وصف بـ"الأضخم من نوعه" بسيارة مفخخة، تلاه انفجار مماثل، أديا إلى سقوط نحو 15 قتيلاً وأكثر من ثلاثين جريحاً، في حي الزهراء الموالي للنظام. وقال مصدر في مركز حمص الإعلامي لـ"العربي الجديد"، إن "الانفجار الذي سُمع في أرجاء المدينة قبل الساعة الثانية عشرة ظهراً بقليل، كان ضخماً جداً، وتبيّن أنه ناجم عن انفجار سيارة مفخخة، رُكنت في الشارع الواصل بين المستشفى الأهلي وساحة العباسية في حي الزهراء الموالي للنظام"، مضيفاً أنه "بعد دقائق قليلة، سُمع دويٌ آخر ناجم عن انفجار مركز لتوزيع الغاز قريب من مكان الانفجار الأول". وأكد المصدر "سقوط ما لا يقل عن خمسة عشر قتيلاً، وعشرات الجرحى، فضلاً عن أضرار مادية كبيرة لحقت بالمكان".
وبعد التفجيرين، خرج عشرات المتظاهرين في مدينة حمص في تظاهرة طالبوا خلالها بإسقاط محافظ حمص طلال البرازي وذهب بعضهم لاتهامه بالإرهاب. ورد البرازي من خلال إحدى الإذاعات المحلية بأنه "يتفهم الانفعال العاطفي للمتظاهرين بسبب الانفجار"، مؤكداً أن "التفجير الأخير لن يؤثر على إكمال تنفيذ هدنة الوعر".
اقرأ أيضاً: تردُّد أميركي إزاء مخرجات الرياض... وهيئة التفاوض تباشر عملها