تصريحات شعبويي إيطاليا تغضب فرنسا: استدعاء السفير.. وروما تهدئ السجال

07 فبراير 2019
انتقد دي مايو وشريكه بالحكومة الإيطالية ماكرون مراراً(Getty)
+ الخط -

ارتفعت حدة التوتر بين فرنسا وإيطاليا، اليوم الخميس، في تصعيدٍ غير مسبوق بين بلدين مؤسسين للاتحاد الأوروبي، يشكل مؤشراً على الانقسام في أوروبا قبل أشهر من الانتخابات الأوروبية، إذ استدعت فرنسا سفيرها في روما على خلفيات تصريحات متكررة لمسؤولين إيطاليين، تكللت بلقاء أحدهم ممثلين عن حراك "السترات الصفراء" المعارضة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

واستدعت فرنسا اليوم الخميس سفيرها في روما، بعد سلسلة تصريحات من نائبي رئيس الوزراء الإيطالي لويجي دي مايو وماتيو سالفيني، اعتبرتها "تهجماً" عليها.

وتشهد العلاقات بين باريس وروما توتراً شديداً منذ تشكيل ائتلاف بين "حركة خمس نجوم" بقيادة دي مايو، وحركة "الرابطة" اليمينية المتطرفة بقيادة سالفيني في حزيران/ يونيو 2018.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنياس فون دير مول، في بيانٍ، إن "فرنسا تتعرض منذ أشهر لاتهامات متكررة، وتهجّم لا أساس له، وتصريحات مغالية يعرفها الجميع"، معتبرة أن "هذا أمر غير مسبوق منذ نهاية الحرب (العالمية الثانية)".

وكان الثنائي الإيطالي دي مايو وسالفيني، اللذان شكّلا حكومة ائتلافية شعبوية العام الماضي، انتقدا مراراً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي انتقد في المقابل توجههما المناهض للاتحاد الأوروبي قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في أيار/ مايو.

وبلغ استياء باريس ذروته مع لقاء نائب رئيس الوزراء الإيطالي، زعيم "حركة خمس نجوم"، لويجي دي مايو، أمس الأول الثلاثاء، محتجين من "السترات الصفراء" الذين يتظاهرون منذ أسابيع ضد الرئيس الفرنسي.

وأعلن دي مايو على شبكات التواصل الاجتماعي، أنه التقى مسؤولين من "السترات الصفراء"، مضيفاً أن "رياح التغيير تخطت جبال الألب".

وجاء هذا اللقاء بعد سلسلة تصريحات غير مسبوقة من حيث حدّتها، سواء من دي مايو أو من وزير الداخلية ماتيو سالفيني ضد الحكومة الفرنسية.

ورداً عليها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، إنّ "التدخلات الأخيرة تشكل استفزازاً إضافياً وغير مقبول".

ويحاول سالفيني حشد جبهة أوروبية لليمين المتطرف، تواجه المؤيدين للاتحاد الأوروبي وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي، في الانتخابات الأوروبية في 26 مايو/ أيار.

وفي هذا الصدد، اعتبرت المتحدثة أيضاً أنه "أن تكون هناك خلافات أمر، وتسييس العلاقة لأهداف انتخابية أمر آخر"، مضيفة أنّ "حملة الانتخابات الأوروبية لا يمكن أن تبرر التقليل من احترام أي شعب أو ديموقراطيته".

وشددت فون دير مول على أن "كل هذه الأفعال تولد وضعاً خطيراً، يطرح تساؤلات حول نيات الحكومة الإيطالية في علاقتها مع فرنسا".

من جهتهما، أبدى سالفيني ودي مايو، اليوم، "استعدادهما" لإجراء حوار مع الحكومة الفرنسية، فيما لم يدل رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الموجود بأي تصريح.


وانتقد ماكرون قرار الحكومة الإيطالية "غير المسؤول والمستهتر"، إغلاق مرافئها أمام سفن المنظمات غير الحكومية، مع إبعاد المهاجرين على الحدود الفرنسية الإيطالية (في منطقتي الألب وفنتيميلي)، كما لو أن إيطاليا "معسكر للاجئين"، فيما اتهم سالفيني منذ أشهر الرئيس الفرنسي بـ"إلقاء دروس على إيطاليا".

ولمرتين، استدعت وزارة الخارجية الإيطالية السفير الفرنسي في روما كريستيان ماسيه، من أجل ملف الهجرة الذي يثير حساسية كبيرة لدى الإيطاليين، لكن الوضع تفاقم بوصف سالفيني ماكرون بالرئيس "البالغ السوء".

وفي نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، أعرب سالفيني عبر موقع "فيسبوك" عن أمله "أن يتمكن الفرنسيون من التحرر من رئيس بالغ السوء"، معتبراً أن "ذلك سيكون في 26 أيار/ مايو (الانتخابات الأوروبية)، حين سيكون بإمكان الشعب الفرنسي أن يستعيد زمام مستقبله ومصيره، وكبرياءه الممثلة بشكل سيئ من شخصية على غرار (إيمانويل) ماكرون".

لكنه حاول، الخميس، تهدئة السجال في بيان قال فيه: "لا نريد أن ندخل في خلاف مع أي أحد"، وتابع: "لسنا مهتمين بالأمور الجدلية. نحن أشخاص جادّون ندافع عن المصالح الإيطالية".

ودعا سالفيني البلدين لإيجاد حلٍّ للمشكلات، التي سببت التوتر بين روما وباريس.

والشهر الماضي، استدعت وزارة الخارجية الفرنسية سفيرة إيطاليا لدى فرنسا، إثر تصريحات لدي مايو اتهم فيها فرنسا بـ"إفقار أفريقيا" وتصعيد أزمة المهاجرين.

وقال مايو متحدثاً عن أزمة الهجرة، إنه "إذا كان هناك اليوم أفرادٌ يرحلون، فلأن بعض الدول الأوروبية، وفي طليعتها فرنسا، لم تكفّ عن استعمار عشرات الدول الأفريقية".

(فرانس برس)