تصاعد التوتر بين العمال الكردستاني والحزب الحاكم في كردستان العراق

07 سبتمبر 2020
العمال الكردستاني ينتشر شمالي العراق(صافين حامد/Getty)
+ الخط -

في مؤشر جديد على تصاعد حدّة التوتر بين الحزب "الديمقراطي" الحاكم في إقليم كردستان العراق، ومسلحي حزب "العمال الكردستاني" التركي المعارض، الموجود داخل مدن شمالي العراق، ضمن إقليم كردستان على الحدود مع تركيا، هاجم الحزب "الديمقراطي" بزعامة مسعود البارزاني للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع مسلحي "العمال الكردستاني"، الذين اتهموا حكومة الإقليم بالتآمر ضدهم مع تركيا، على خلفية زيارة رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني الجمعة الماضي لأنقرة ولقاء مسؤولين أتراك، من بينهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأصدرت الذراع الإعلامية للحزب "الديمقراطي" الكردستاني بياناً جديداً، استهلته بالقول إن "العبودية انتهت في الدنيا، ولكنها باقية داخل حزب العمال الكردستاني".

وأضاف البيان أنه "بسبب سياسات حزب العمال الكردستاني، لا يعرف أحد ماذا يريد، ولماذا يسبب مقتل أبناء الأكراد وبناتهم؟ ولماذا يسبح دائماً عكس التيار؟"، متهماً حزب "العمال" بأنه "ينشر التضليل، وهو أمر ليس بالجديد عليه".
وخاطب البيان مقاتلي "الكردستاني"، بالقول: "تقولون إن الأتراك قادمون للقضاء على الكرد، لذلك تقاومونهم في حفتانين والزاب وخواكورك. ألم تسألوا أنفسكم أم أن الكرد لا يسألونكم لماذا لم تدخل تركيا شبراً داخل أراضي الإقليم إلا عندما هربتم وتركتم ميادينكم؟"، مضيفاً: "لستم أصحاب هدف واضح تجاه قضية كردستان، وإنكم لم تقوموا باجتياز الحدود فقط، بل تقومون بتصرفات أخرى ضد الإقليم ومكتسباته، بل إنكم جئتم من أجل هذا الهدف فقط".
وفي ما يتعلق بمدينة سنجار الواقعة غرب محافظة نينوى (شمال العراق)، التي يوجد حزب "العمال الكردستاني" في قرى ومناطق جبلية واقعة في محيطها، انتقد البيان تحكم "الكردستاني" بالمدينة قائلاً: "بأي منطق لا يمتلك سكان سنجار حق ممارسة الشرعية، بينما الهاربون واللاجئون من مناطق أخرى لهم الشرعية؟"، في إشارة إلى تحكم مليشيات تابعة لـ"العمال الكردستاني" تدعى "وحدات حماية سنجار" بالمدينة. 

عضو الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، في دهوك، كاميران مجيد، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "حزب العمال يريد أن يتوسع داخل الإقليم من خلال إعادة انتشاره بعد خسائره بالعملية التركية الأخيرة في المناطق التي يوجد بها"، مشدداً على أن "قوات البشمركة لن تسمح بتهديد استقرار وأمن مزيد من المناطق، ولن تسمح باتهامات الحزب للإقليم بالتآمر مع تركيا، لأن ما يفعله حزب العمال هو التآمر بحد ذاته".
وأضاف أن "الحزب غير مرحب به من قبل أهالي الإقليم، وعليه أن يعي أن وجوده غير شرعي، وكل من يقتل من مواطني الإقليم بسبب العمليات التركية وعملياته يتحمل هو مسؤولية ذلك، لأنه يسحب الحرب إلى مناطق آمنة مستقرة ومأهولة بالسكان".
وأشار إلى أن "حزب العمال بدأ بمهاجمة حكومة الإقليم والحزب الديمقراطي بعد زيارة نيجيرفان البارزاني لأنقرة، وبدأ ينسج القصص القائمة على نظريات المؤامرة ويكيل تهماً وتحريضاً مستخدماً العاطفة القومية، وهذا الأمر الذي اعتاد الجميع سماعه من الحزب الذي لم يرَ الناس منه خيراً منذ دخوله أراضي الإقليم هارباً من المدن التركية المجاورة".
في السياق، أكد مسؤول محلي سابق في سنجار، لـ"العربي الجديد"، أن وجود "العمال الكردستاني وأتباعه في سنجار ومحيطها لا يزال يمثل العائق الأكبر بوجه عودة غالبية نازحي المدينة"، مشيراً إلى "تنامي الرفض لهيمنة هؤلاء على سنجار التي اضطر كثير من سكانها إلى البقاء في إقليم كردستان ومناطق أخرى في العراق خوفاً من الاضطهاد على يد العمال الكردستاني والمليشيات التابعة له في حال العودة".
والأسبوع الماضي، حذّر القيادي في جبهة "الإنقاذ والتنمية"، أثيل النجيفي، من استمرار وجود حزب "العمال الكردستاني" على الأراضي العراقية، مبيناً أن هذا الأمر قد يجرّ العراق إلى سيناريو مشابه لما يحدث في سورية وليبيا.
وتابع أن "وجود حزب العمل الكردستاني داخل الأراضي العراقية يفتح باب الصراع الدولي على الأراضي العراقية، وهذا أمر خطير"، مشدداً على ضرورة قيام الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي بالعمل بشكل جدي من أجل منع أي وجود لحزب "العمال الكردستاني" أو أي جماعة لها ارتباط وعلاقة مع هذا الحزب، وأن ذلك من شأنه أن يضمن الحفاظ على سيادة العراق وأمنه واستقراره، وعدم جعل الأراضي العراقية ساحة لتصفية الحسابات الدولية.

وتنفذ القوات التركية عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية بعمق يصل إلى نحو 40 كيلومتراً ضمن إقليم كردستان العراق، منذ منتصف يونيو/ حزيران الماضي، ضمن عمليات أطلق عليها "مخلب النمر"، بواسطة قوات برية خاصة تستهدف معاقل الحزب التقليدية داخل العراق، الذي ينفذ من خلالها اعتداءات داخل الأراضي التركية.
وتركزت العمليات البرية التركية في مناطق حفتانين وأطراف سوران وبلدة سيدكان ومنطقة برادوست والزاب، شمال دهوك وشرقها، بينما امتد القصف الجوي التركي إلى سنجار ومخمور وزمار والعمادية وكاني ماسي، على الحدود مع السليمانية، مخلفة خسائر كبيرة في صفوف مسلحي الحزب، وحققت نجاحاً واضحاً على مستوى المناطق الحدودية، حيث سجلت خسائر كبيرة بصفوف الحزب أجبرته على التراجع في مناطق كثيرة ومختلفة.
وفي يوليو/ تموز 2019، تصاعد التوتر بين حكومة إقليم كردستان، وحزب "العمال الكردستاني"، على خلفية اتهام سلطات الإقليم لـ"الكردستاني" بالوقوف وراء مقتل نائب القنصل التركي في أحد مطاعم أربيل عاصمة إقليم كردستان.