تصاريح عمل للاجئين السوريين في الأردن

02 سبتمبر 2016
أكثر من 26000 لاجئ حصلوا على تصاريح عمل(العربي الجديد)
+ الخط -

في مصنع للحلويات في العاصمة الأردنية عمّان، يعمل اللاجئ السوري يوسف الحموي منذ نحو سنتين في المهنة التي تعلّمها مذ كان طفلاً في بلاده. ويعدّ نفسه محظوظاً لأنّه عثر على عمل يتقنه، في وقت يضطر فيه لاجئون كثيرون إلى الانخراط في أعمال يجهلونها، وغالباً ما تعتمد على جهد بدني كالعمل في مجال البناء والمزارع.

قبل شهر، شهد وضع اللاجئ العشريني تحوّلاً مهماً. فقد حصل على تصريح عمل حوّله من عامل مخالف إلى عامل قانوني. صحيح أنّ ذلك لم يحدث فارقاً في الراتب، الذي يتقاضاه الحموي، ولا في ساعات العمل اليومي، لكنّه منحه إحساساً بالأمان بعدما كان في السابق عرضة للتوقيف خلال حملات التفتيش الدورية، التي تنفذها وزارة العمل الأردنية بالتعاون مع وزارة الداخلية لتعقّب العمال المخالفين.

منذ التحاقه بالعمل، يتقاضى الحموي راتباً شهرياً قدره 200 دينار أردني (283 دولاراً أميركياً)، لقاء ساعات عمل يومية تتجاوز الثماني المحدّدة في القانون. ويقول: "قبل التصريح كنت دائماً قلقاً، لافتاً إلى أنّ لاجئين كثيرين ضبطوا خلال عملهم المخالف وكان السجن مصيرهم. وفي بعض الأحيان، أعيدوا إلى مخيّمات اللاجئين أو قسراً إلى سورية".

يأتي توسيع نطاق منح تصاريح العمل للاجئين السوريين استجابة لمخرجات مؤتمر لندن، الذي عقد في فبراير/ شباط الماضي، والذي ضمن خطة لتشغيل اللاجئين في مقابل حصول الأردن على تمويل من الدول المانحة لإقامة مشاريع إنتاجية، بالإضافة إلى تخفيف القيود الأوروبية عن المنتجات الأردنية.

تفيد إحصاءات وزارة العمل الأردنية بأنّ أكثر من 26 ألف لاجئ سوري حصلوا على تصاريح عمل، فيما يتضمّن الاتفاق الأردني مع المجتمع الدولي تشغيل 200 ألف، بحسب ما أعلنت وزارة التخطيط الأردنية. وقد مُنح أصحاب العمل من مستخدمي العمال السوريين، إعفاء لمدة ستة أشهر من كل رسوم وتكاليف إصدار التصاريح، بهدف تشجيعهم على استصدار تصاريح عمل جديدة. يُذكر أنّ مدّة الإعفاء تنتهي في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وتتراوح كلفة إصدار التصريح بين 800 و1200 دينار أردني (1130- 1700 دولار)، وفقاً لطبيعة العمل.




لكنّ استصدار تصاريح عمل للاجئين السوريين، أشعل خطاباً يتضمن كراهية. بالنسبة إلى الأردنيين، كلّ تصريح يصدر لسوري يحرم أردنياً من فرصة عمل هو أحق بها. وتوثّق رئيسة مركز تمكين للدعم والمساندة ليندا كلش تنامي خطاب الكراهية، محمّلة التصريحات الحكومية المتوالية حول نقص الموارد وأثر اللجوء السوري على الموازنة وارتفاع المديونية، المسؤولية الأكبر عن خطاب الكراهية. تضيف أنّ "إحساس بعض الأردنيين بنوايا ممكنة لتوطين اللاجئين، بالتالي اقتسام الموارد الشحيحة للبلاد، إلى جانب ارتفاع نسب البطالة بين الأردنيين، من شأنها كذلك رفع منسوب الغضب على منح السوريين تصاريح عمل". لذا، ترى "ضرورة تطوير خطاب إعلامي ينبذ الفرقة والكراهية، من خلال توضيح دور اليد العاملة السورية في التنمية وإكساب مهارات جديدة للأردنيين".

من جهته، يحاول المتحدث باسم وزارة العمل، محمد الخطيب، تبديد تلك المخاوف، عبر توضيحه أنّ "أولوية التشغيل هي للأردنيين"، مشيراً إلى أنّ "العمالة السورية سوف تخضع للقوانين الخاصة بالعمالة الوافدة". ويشدّد على أنّ "السوري لن ينافس إلا العمالة الوافدة". بالنسبة إلى الخطيب، فإنّ منح تلك التصاريح للاجئين السوريين يساهم في تنظيم سوق العمل، خصوصاً بعد تسلل الآلاف بطريقة مخالفة، بالإضافة إلى أنّ ذلك يحفظ حقوق السوريين عند أيّ نزاع عمالي.

وكانت بيانات حكومية قد قدّرت انخراط أكثر من 90 ألف لاجئ سوري في سوق العمل الأردني بطريقة غير شرعية، وبأنّ كثيرين منهم تعرّضوا للاستغلال من قبل أصحاب العمل بمنحهم رواتب دون الحدّ الأدنى للأجور.

إن كان تصريح العمل قد بدّد قلق الحموي، إلا أنّه لم يطمئن زميله أبو نورة، الذي يخشى من أن يُحرم من المساعدة الدورية التي يحصل عليها من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو الإعانات التي تقدمها جمعيات خيرية. ويقول: "المفوضية تشكو دائماً من نقص التمويل. وليس مستبعداً أن توقف مساعداتها للاجئين العاملين"، مشيراً إلى أنّ أيّ تقليص في المساعدات سوف يُفاقم أوضاعه الاقتصادية "الصعبة جداً".

في هذا السياق، يقول مدير العلاقات الدولية في المفوضية، علي بيبي، أنّ عمل اللاجئين المسجّلين لدى المفوضية لن يؤثّر على المساعدات التي يحصلون عليها، كذلك لن يؤثّر على فرص إعادة توطينهم في بلد ثالث في حال فتح باب إعادة التوطين. وتشير مصادر محلية وأممية إلى أنّ الهدف من خطة تشغيل السوريين في الأردن، هو وقف برنامج إعادة توطينهم في الدول الأوروبية.