تشاؤم روسي يخيم على لقاء بوتين وترامب

03 يوليو 2017
لم تتحقق آمال روسيا برفع العقوبات عنها(سافو بريليفتش/فرانس برس)
+ الخط -
بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، لم تتحقق آمال روسيا في تطبيع العلاقات ورفع العقوبات عنها والاعتراف بضمها شبه جزيرة القرم، بل ازدادت العلاقات سوءاً وصولاً إلى حافة المواجهة المباشرة في سورية، وتوسيع رقعة العقوبات ومزيد من الاتهامات بالتدخّل في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ومع اقتراب موعد أول لقاء مرتقب بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي على هامش قمة مجموعة الدول العشرين المقرر عقدها في هامبورغ يومي 7 و8 يوليو/ تموز الحالي، لا تخفي موسكو خيبة أملها، مشككة في أن يسفر اللقاء عن تخفيف حدة التوتر في العلاقات.

ورأى المحلل السياسي والدبلوماسي السابق، فياتشيسلاف ماتوزوف، أن العلاقات الروسية الأميركية باتت رهينة للمساومات السياسية الداخلية في واشنطن، معتبراً في الوقت نفسه أن اللقاء قد يأتي بنفع. وقال ماتوزوف لـ"العربي الجديد": "إذا عُقد اللقاء في إطار متكامل، فإنه سيأتي بالنفع طبعاً. لذلك بدأ الحديث عن خطر الهجوم الكيميائي في سورية". وحول توقعاته بشأن الموقف الذي سيتخذه ترامب من العلاقات مع موسكو، قال: "بصفته رجل أعمال وليس سياسياً، فإنه سيمتثل على الأرجح لسيناريو يحدده توزيع القوى داخل الولايات المتحدة".
ومع اقتراب موعد قمة هامبورغ، وصف المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إطار اللقاء بين بوتين وترامب بأنه أمر "ثانوي"، معتبراً أن الأهم هو فرصة لأول تواصل شخصي بينهما.

وفي مقال بعنوان "لقاء بلا آفاق" نُشر في صحيفة "روسيسكايا غازيتا"، أشار رئيس المجلس الروسي للسياسة الخارجية والدفاعية، فيودور لوكيانوف، إلى أنه "لا مجال للتوقعات بأن يحقق اللقاء أي نتائج"، معتبراً أن الإدارة الأميركية "مغلولة اليدين والقدمين، ومع احتدام الصراع على السلطة في واشنطن، أصبحت القضية الروسية آليته الرئيسية".
ووصف لوكيانوف فريق ترامب بأنه "تحالف الجمهوريين اليمينيين من أجهزة القوة مع رجال الأعمال من أصحاب التوجّهات القومية"، مشيراً إلى أن "أغلب المحافظين اليمينيين كانوا معادين للاتحاد السوفييتي والشيوعية، ويعتبرون روسيا امتداداً للاتحاد السوفييتي".

وذكّر كاتب المقال بأنه "كانت هناك شخصيات من هذا النوع في إدارة جورج بوش (الابن)، ولكنهم كان ينظرون إلى موسكو من خلال مؤشر هزيمتها في الحرب الباردة". وأوضح أن الوضع تغيّر الآن وبات الجمهوريون اليمينيون ينظرون إلى روسيا "على أنها خصم عسكري أظهر بعض الاستقلالية في السنوات الأخيرة"، بينما لا يبدي رجال الأعمال من فريق ترامب اهتماماً بها، لأنها ليست لاعباً كبيراً في مجالهم، بل يركزون على الاتحاد الأوروبي والصين. وخلص لوكيانوف إلى أن ترامب يعتبر أن "روسيا مفيدة في بعض القضايا"، ولكن لا توجد أسس موضوعية للتغيير في العلاقات بصرف النظر عن رغبته في ذلك.


وشهدت الأسابيع الأخيرة قبل اللقاء المرتقب تصعيداً روسياً - أميركياً غير مسبوق على الساحة السورية، تمثّل في إسقاط مقاتلة تابعة لقوات النظام السوري من قبل الطيران الأميركي وإعلان روسيا عن التعامل مع الطائرات الأميركية على أنها "أهداف محتملة"، وتوعّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بالرد على "الاستفزازات الأميركية المحتملة بحق الجيش السوري".

وفي مقال بعنوان "هل تحارب أميركا روسيا في سورية؟"، حذرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" من سيناريو تحوّل الحرب في سورية إلى مجرى جديد والمواجهة المباشرة بين أطراف النزاع بعد الانتصار على "داعش". واعتبر كاتب المقال أن الغرب لا ينوي التدخّل في سورية، بل يعتزم تقسيمها، مشيراً إلى "صدور حكم وراء المحيط بالإعدام بحق سورية الموحّدة"، على حد تعبيره. وأضاف أن موسكو ستجد نفسها في هذه الحالة أمام خيارين، "إما الضلوع في حرب بلا آفاق والدفاع عن المصالح السورية والإيرانية وخسارة كل شيء في المنطقة نتيجة لذلك، وإما إقناع بشار الأسد بقبول تقسيم سورية، وفي هذه الحالة ستحافظ موسكو على الأرجح على قاعدتي حميميم وطرطوس".
وخلصت الصحيفة إلى أن واشنطن لا تريد محاربة موسكو، بل تسعى للاتفاق معها، بدليل أن التحالف الدولي يتعامل بجدية مع تحذيرات موسكو من التحليق غربي الفرات، "فربما رأت أميركا أخيراً خصماً جديراً متمثلاً في روسيا"، وفق المقال.

وكان مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط في معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر شوميلين، قد رأى في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن التصعيد الروسي الأميركي في سورية "أمر طبيعي"، ويعود إلى تسابق كل لاعب على الأرض على تحرير الرقة وإعلان نفسه منتصراً على تنظيم "داعش".

المساهمون