فَتَحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان أبوابها لتسجيل الأطفال السوريين المولودين حديثاً من أهل مسجلين لديها، لتمكينهم من الحصول على المساعدات. خطوةٌ قابلها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بالاعتراض، على الرغم من تأكيد وزارة الشؤون الاجتماعية موافقة الحكومة عليها.
وكان قد مرّ أكثر من شهرين ونصف الشهر على وقف تسجيل اللاجئين السوريين في مكاتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، بناءً على طلب رسمي من الحكومة اللبنانية. وهو الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية على مئات اللاجئين الذين ينتظرون التسجيل، في وقت يسعى آخرون إلى ضم أبنائهم المولودين حديثاً إلى ملفات المفوضية للاستفادة من خدماتها.
لذلك، اعتمدت المفوضية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، صيغة لتسجيل المواليد الجدد وتمكينهم من الاستفادة من التقديمات الإغاثية. إلا أن باسيل قابل الخطوة هذه بإطلاقه موقفاً حاداً عبّر عنه بعد استقباله وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني. قال إن "تسجيل الأطفال السوريين هو البداية لفرض واقع توطيني جديد".
تجدر الإشارة إلى أن باسيل هو عضو في اللجنة الوزارية المصغرة المعنية بمتابعة ملف اللجوء السوري، والتي أوصت الحكومة اللبنانية باتخاذ قرار إقفال الحدود أمام اللاجئين السوريين الجُدد، وطلبت من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وقف تسجيل المزيد من اللاجئين، وفرضت شروطا عدة على دخول السوريين إلى البلاد.
في المقابل، استغرب وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الأمر، هو الذي يرى في طرح باسيل موقفه أمام وزير الخارجية الإيطالية وعلى منبر عام، بدلاً من الاكتفاء بإعلانه أمام اللجنة الوزارية، تصرفاً غريباً. ويؤكّد لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة اطلعت على هذه الخطوة، وهي موافقة عليها لما تتضمنه من تأمين المساعدة للنازحين المسجّلين، وحماية حق الطفل في الحصول على جنسيته الأصلية (السورية في هذه الحالة) لدى عودته إلى بلده الأم. وهو أمر تكفله الشرعة الدولية لحقوق الطفل".
بدورها، تُشير المتحدثة باسم المفوضية دانا سليمان إلى أن هدف تسجيل المولودين السوريين الجدد في لبنان هو ضم أسمائهم إلى ملفات ذويهم المسجلين في المفوضية، من دون وجود أي تبعات قانونية لتسجيل هؤلاء، لا على صعيد إصدار إقامات لهم ولا لتسجيلهم في دوائر النفوس الرسمية اللبنانية وسفارة بلادهم.
وحددت المفوضيّة مجموعة شروط لتسجيل اللاجئين، شرحتها في إصدارات خاصة. ومن هذه الشروط، إثبات ولادة الطفل في لبنان، وأن يكون أحد الوالدين على الأقل مسجلاً في المفوضية، وأن يقدم الأهل شهادة ولادة لبنانية يصدرها المستشفى أو القابلة القانونية، مع الإشارة إلى مجانية هذا التسجيل. وتؤكد سليمان أن هناك إشرافا كاملا من مندوبي وزارة الشؤون الاجتماعية الذين بدأوا بالحضور إلى مكاتب المفوضية منذ أسبوع.
وتشير مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية لـ "العربي الجديد" إلى خضوع عشرات المندوبين في الوزارة لدورات تدريبية مع الأمم المتحدة قبل التحاقهم بمراكزها للتحقق من هوية الأهل والطفل. وتعتمد المفوضية على تسجيل بصمة العين للمواليد المسجلين بدلاً من بصمة الإصبع، كون الأخيرة سهلة التزوير.
وتُشير إحصائيات المفوضية إلى تجاوز عدد الولادات السورية التي سجلت منذ بداية الأزمة السورية عتبة الـ 58 ألف طفل، في وقت يتجاوز فيه عدد الأطفال السوريين اللاجئين في البلاد النصف مليون. وكانت المفوضية قد أصدرت نشرة معلومات عن "انعدام الجنسية" في لبنان في سبتمبر/أيلول عام 2014، وأعلنت فيها أن 70 في المئة من الأطفال السوريين المولودين في لبنان يعانون من انعدام الهوية.
مليون ونصف لاجئ
يتجاوزُ عدد اللاجئين السوريين في لبنان المليون ونصف المليون لاجئ، يُقيمون في مخيمات شُيّدت في البلدات القريبة من الحدود الشرقية مع سورية، وأخرى بين المدن. ويُعاني الأطفال اللاجئون من مخاطر عدة كالتسرّب المدرسي والتعنيف والاستغلال الجنسي، عدا عن اضطرارهم للعمل لمساعدة أهلهم. ففي معظم الأحيان، لا يكفي الدعم الإغاثي الدولي لمساعدتهم على تحسين أوضاعهم.
اقرأ أيضاً: دانا سليمان: نقص الميزانية يعرقل مساعدة اللاجئين