تزايد جرائم تهريب العملة يهدّد المصارف التونسية

21 مارس 2019
محل للصرافة في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
تزايدت خلال الفترة الأخيرة في تونس ظاهرة تهريب العملة الأجنبية (الدولار واليورو) من خلال عمليات تجارية غير قانونية تمر عبر المصارف، ما دعا الجهات المختصة إلى تشديد الرقابة على الفواتير والمستندات التجارية.

ونتج عن التحايل على القانون وشبهات تورط موظفي مصارف في عمليات تهريب العملة، مزيد من صعوبات النقد الأجنبي التي يعاني منها البنك المركزي التونسي، حسب محللي مال لـ"العربي الجديد" حذروا من تصاعد نزيف المخزونات الصافية من العملة الصعبة لمستويات خطيرة تهدد الواردات الأساسية للبلاد من أدوية وغذاء ومواد طاقة.

وفي الثامن من مارس/ أذار الحالي كشفت الإدارة العامة للجمارك عن عملية تهريب عملة أجنبية بقيمة 267 مليون دينار أي ما يعادل 89 مليون دولار.

وقالت إدارة الجمارك إنه في إطار تعقبّ شبكات تهريب العملة الأجنبية إلى الخارج وغسيل الأموال نجحت إدارة الأبحاث في إماطة اللثام عن شبكة متورطة في تهريب مبالغ من العملة الأجنبية إلى الخارج بلغت قيمتها حوالي 267 مليون دينار (نحو 89 مليون دولار) تمّ تحويلها عن طريق فرع بنكي وإيداعها بحسابات بنكية في كلّ من الصين ودبي وتركيا.

وأفاد الناطق الرسمي باسم الجمارك التونسية العميد هيثم زناد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأبحاث أفضت إلى كشف عملية تصدير عملة بطرق غير قانونية، مشيرا إلى أنه وقع حصر الشبهة في تاجر يعمل في مجال التجارة الموازية تعمّد استعمال تصاريح مدلّسة لعمليات توريد صوريّة وقدّم للبنك نسخا من فواتير ووصولات مفتعلة لبضائع لم يتمّ اقتناؤها أو توريدها مطلقا بغاية إيداع المبلغ في بنوك أجنبية.

وأكّد زناد أن أعوان (موظفي) المصرف لم يتثبتوا من صحّتها ما جعلهم محل شبهة في التورط بالمشاركة في عملية التهريب.

وأكد أن الجمارك حجزت في الفترة المتراوحة بين يناير/ كانون الثاني 2019 ونهاية فبراير/ شباط الماضي ما قيمته 2.6 مليون دينار من العملات الأجنبية التي كانت لدى أشخاص ينوون تهريبها إلى خارج البلاد.

وأفاد أن إدارة الأبحاث الجمركية تشدد الرقابة على كل عمليات تصدير العملة الأجنبية بغاية اقتفاء أثر العمليات المالية المشبوهة.

ولا يخفي البنك المركزي التونسي قلقه من ارتفاع الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية، حيث قدّر محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي في وقت سابق، قيمة العملة الصعبة المتداولة في السوق (السوداء) بـ4 مليارات دينار (نحو 1.3 مليار دولار)، فيما تقدّر الموجودات الصافية من النقد الأجنبي بما يعادل 14.48 مليار دينار (نحو 4.8 مليارات دولار).

وتعد محاصرة السوق السوداء للعملة واحداً من مطالب الاقتصاديين، الذين دعوا الحكومة إلى احتواء هذه السوق، عبر إفساح المجال أمام القطاع الخاص لفتح محلات صرافة منظمة، لتقليص مكاتب الصرف الهامشية التي تحتكم على رصيد كبير من العملات.

وقال الخبير المالي معز الجودي إن عمليات تصدير عملة بطرق قانونية بصدد التفاقم، مشيرا إلى ضرورة إرساء نظم يقظة بالمصارف التونسية من أجل الكشف عن العمليات المشبوهة.

ونبه الجودي في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى خطورة التحويلات غير القانونية بناءً على مستندات استيراد مزورة.

وأفاد أن المبلغ الذي كشفت عنه الجمارك في العملية الأخيرة والمقدر بـ267 مليون دينار "مفزع" مؤكدا أنه، يعادل حوالي 1.5% من العجز التجاري للبلاد.

وقال إن تصدير أو تهريب هذا المبلغ يكشف فشل سلسلة كاملة من المراقبة والمتابعة أو تواطؤها واصفا الأمر بالفضيحة المصرفية والمالية الخطيرة.

وقال: "قد يكون لهذه الحالة تأثير خطير على مصداقية وسلامة نظامنا المصرفي والمالي، لذلك يجب أن نكون حذرين للغاية في معالجة المعلومات المتعلقة بهذه الحالة وفي تفسيراتها".

ويتزامن الكشف عن جرائم تصدير العملة بطرق غير قانونية مع اقتراب موعد زيادة خبراء مجموعة العمل المالي "غافي" إلى تونس في شهر إبريل/ نيسان القادم، التي ستكون حاسمة في إخراج تونس من القائمة السوداء للدول المتهمة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب أو الإبقاء عليها لفترة إضافية.

وأفاد مستشار رئيس الحكومة المكلف بالإصلاحات الجبائية فيصل دربال في تصريحات إعلامية يأن خروج تونس من هذه القائمة يعود إلى خطة عمل قامت بتنفيذها الحكومة.

وأكد أن خروج تونس من هذه القائمة لا يعني إيقاف تنفيذ الأهداف المنشودة وخطة العمل المتفق عليها، لكنه أكد ان هذه الخطوة ستساهم في تخفيف حدة المراقبة على التعاملات الدولية لبلاده.

وبخصوص القائمة السوداء في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، قال إن تونس بصدد استيفاء تعهداتها بخصوص الشروط التي أقرتها مجموعة العمل المالي على غرار المصادقة على القانون الأساسي المتعلق بسجل المؤسسات وإحداث سجل المستفيد الحقيقي إلى جانب إنشاء المركز الوطني لسجل المؤسسات والمصادقة على القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال وإصدار المعيار المهني المتعلق بالمهن غير المالية فضلا عن تحديد المجموعات الإرهابية.

المساهمون