29 يوليو 2020
+ الخط -

تختلف تركيا بعادات الأضحية، ربما عن معظم الدول الإسلامية، فالأضحية هنا ليست "سنّة محببة" تقوم بها مرة واحدة خلال حياتك، أو ينوب بعض الأهل، فيضحون عن المتوفى الذي لم يضح وهو على قيد الحياة، بل هي أقرب للواجب الديني وحبذا أن تكون كل عام، حتى لو اضطر صاحب الأضحية لسحب قرض، رغم الشبهة الربويّة من القروض.

هكذا يقول أستاذ الشريعة بجامعة صقاريا التركية، عبد الملك يانغين لـ"العربي الجديد" لافتاً، إلى أن الأتراك يميلون لأضحية العجل أكثر من الخروف، إذ بأعرافهم يؤكدون "أضحية الرأس الكبير خير من أضحية الرأس الصغير".

ويضيف الأكاديمي التركي أن إقبال الأتراك على الأضاحي، خاصة منذ عشر سنوات حتى اليوم، يعود للتشجيع الحكومي وتشجيع والمنظمات، على ضرورة مساندة الفقراء، حتى خارج تركيا، مشيراً إلى أن كثيرا من الأضاحي تتم بالخارج "بالدول الإسلامية الفقيرة".

وحول طرائق تشجيع الأتراك على أن تكون أضاحيهم بالخارج، يلفت يانغين، أولاً من خلال تكاليف الأضحية، ففي داخل تركيا يتقاضى عمال الأضاحي أو المنظمات مبلغاً يتراوح بين 1800 و2000 ليرة تركية، ولكن من يكلف منظمة ليضحي بالخارج، لا يدفع سوى 622 ليرة كتسعير هذا العام" ويمكن للهلال الأحمر أن يرسل له معلبات من أضحيته" وثانياً والأهم، من خلال مساعدة الفقراء الذين لا يستطيعون شراء اللحم، سواء بالدول الفقيرة أو التي تشهد حروباً.

وكان رئيس اتحاد غرف الزراعة في تركيا، شمس بايركدار قد توقع أن يتم ذبح ما مجموعه 3.5 ملايين أضحية خلال عيد الأضحى لهذا العام، موزعة بحسب توقعات بايركدار بين 800 ألف رأس من الأبقار، ومليونين و700 ألف رأس من الخراف، لافتاً إلى أن هناك 4 ملايين و700 ألف رأس في تركيا مناسبة للذبح.

وحول الأسعار، يتابع رئيس اتحاد غرف الزراعة في تركيا خلال تصريحات صحافية، تختلف الأسعار على حسب المحافظة والوزن، مشيراً إلى أن العجول تتراوح أسعارها بين 5 آلاف و30 ألف ليرة تركية، في حين أن الخراف تتراوح بين 800 ليرة و3500 ليرة، مفرّقاً بين سعر كيلو الخروف الحي الذي يتراوح بين 22 – 35 ليرة، وبين سعر كيلو لحم العجل الحي الذي يراوح بين 19-30 ليرة، متوقعاً أن يصل المبلغ الذي سيتم دفعه مقابل الأضاحي إلى 12.3 مليار ليرة في عام 2020.

ويروي التركي صدقي يلماظ لـ"العربي الجديد" أن الأسرة التركية تجتمع عند "الأب الأكبر" ويضحون كل عيد، بعد أن يزينوا الأضحية لاعتقادهم أنها ستكون "مركوب المضحي خلال عبور الصراط المستقيم، لذا يجب أن تكون بأجمل حللها"
وحول مخاطر كورونا والجمهرة خلال الأضاحي، يقول المتقاعد التركي يلماظ: تبدلت هذا العام عادة شراء الأضحية، فقبل كورونا كان يضع البائع وشاري الأضحية أيديهما بأيدي بعضهما ويقول الأول "توكلنا على الله" فيرد الثاني "ربي يبارك لك" لكن هذا العام، يضعون عصا ويمسك كل واحد من طرف ويتبادلون عبارات المباركة خلال شراء الأضحية، مضيفاً أن الحكومة التركية وجهت ومراراً هذا العام، لعدم ذبح الأضاحي باليوم الأول "هنا بتركيا عادة متفشية أن الأضاحي يجب أن تكون بأول أيام العيد وبعد الصلاة مباشرة".

وما يتعلق بالتشارك بأضحية واحدة، يشير يلماظ: هنا تجار الماشية أو المنظمات المتخصصة بالأضاحي، تعلن عن حصص ضمن مشتركين بأضحية كبيرة، فيمكن لأي راغب أن يشارك بمجموعة وإن لا يعرفها، بعد أن يرى العجل ويعرف وزنه وعدد المشتركين.

وهناك طرق أخرى، كأن توكل الأمر لمنظمة الهلال الأحمر التركية التي تضحي بتركيا وخارجها "يضحون بنحو 25 دولة إسلامية حول العالم" ويمكن لمن يريد أن يرسل له الهلال الأحمر معلبات من أضحيته "بتركيا عادة يتم تصنيع الأضحية لقاورمة شتاء، بعد طبخ اللحم، أو لبسطرمة صيفاً عبر التجفيف".

وكان الهلال الأحمر التركي، قد أوصل العام الماضي نحو 181 ألفا و540 حصة من لحوم الأضاحي، إلى 4.5 ملايين محتاج في 51 دولة، بعد أن نقلت المنظمة التركية اللحوم المتبرع بها إلى ولاية إزمير، حيث يتم تصنيعها وتعليبها بما يتوافق مع الشريعة والقوانين التركية.

ويعمل بمراكز تعليب لحوم الأضاحي بإزمير، بحسب مدير مركز إدارة الكوارث التابع للهلال الأحمر التركي بمنطقة إيجة، مراد كوركوت، نحو 200 عامل يصنعون لحوم الأضاحي على مدة خمسة أشهر بطاقة إنتاجية تصل إلى 60 طنا يومياً.

من جهته، يقول تاجر اللحوم مهمت دمير لـ"العربي الجديد" ارتفع لحم الأضاحي هذا العام بأكثر من 5 ليرات بفترة ما قبل العيد إذ وصل سعر لحم الخروف الحي إلى نحو 35 ليرة تركية في حين لم يتجاوز خلال الشهر الماضي 27 ليرة وكذا سعر لحم العجل الحي الذي تعدى 25 ليرة.

ويبيّن دمير من حي الفاتح بإسطنبول لـ"العربي الجديد" أن الأضاحي فرصة بالنسبة للتجار والمنظمات، لأنهم يتكفلون بالأضاحي بدلاً من أصحاب الأضحية، ويستفيدون من الجلود ورؤوس الأضاحي "لا يجوز بيعها من قبل صاحب الأضحية" مشيراً إلى أن عمولة الذبح "الأجور" نحو 15% من سعر الأضحية، يدفع المشترك نحو 2500 ليرة تركية، إن كان ضمن مجموعة فيحصل على نحو 40 كيلوغرام لحم، أما إن كان بمفرده، فنقوم بالذبح واخذ الأجر ونوصل له اللحم للبيت " محرّم على صاحب الأضحية بيع الجلود ورؤوس الأضاحي".

وكانت رئاسة الشؤون الدينية بالمجلس الأعلى للشؤون الدينية بتركيا قد أكدت أخيراً، أنه لا يجوز بيع لحوم الأضاحي وأحشائها وجلودها وصوفها.

وأضافت في تعميم على موقعها الإلكتروني"المؤسسات التي تذبح الأضاحي يجب ألا تبيع لحومها بل تسلمها لمستحقيها سواء من المحتاجين أو المؤسسات الخيرية المسموح لها بتوزيع المساعدات".

المساهمون