تركيا والاتحاد الأوروبي

14 مارس 2017
+ الخط -
بات شبه مؤكد أنّ تركيا تتعثر أمامها فرص قبولها في الأسرة الأوروبية في ظلّ ظهور أزمات جديدة لها، وكانت أزمة اعتقال أنقرة الصحفي الألماني من أصل تركي، كما أنّ منع تجمعات جماهيرية يحضرها وزراء أتراك لمخاطبة جالياتهم في ألمانيا والنمسا وهولندا، أدت إلى نشوب أزمة مع دول الإتحاد الأوروبي، لا سيما ألمانيا التي توترت العلاقة بينها وبين تركيا، فبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في العام الماضي، شعرت تركيا أنّ الأوروبيين خذلوها نتيجة الصمت من تلك الدول الأوروبية، فبعض بلدان أوروبا بدت منزعجةً من تفاعل الجاليات التركية الدافئ مع الحدث السياسي في وطنها الأم تركيا، فخلال الصيف الماضي، قوبلت الفعاليات التركية التي خرجت في عواصم ومدن دول أوروبية، تنتقد الانقلاب في تركيا، بانتقادات حادة مثل ما صدر عن وزير الخارجية النمساوي، سباستيان كورتس، الذي انتقد الرئيس التركي حينها وأبدى استياءه من مظاهرات فيينا ضد محاولة الانقلاب.
باشرت أنقرة، في السنوات القليلة الماضية، سياسات من أجل إنعاش الهوية التركية في صفوف الأتراك الذين يعيشون خارج بلدهم، كما أنّ الخطاب الرسمي في تركيا يبدو متوازناً بين الالتزامات نحو الوطن الأم ونظيرتها نحو الوطن الجديد، لكن ذلك يبدو أنّه لا يهدّئ من فزع سياسات أوروبية مسكونة بهاجس المجتمعات الموازية، لكن علاقة أنقرة تكتسب مع الجاليات التركية حساسية، لا سيما في دول أوروبية، تتقدّمها ألمانيا والنمسا وهولندا، فعلى ما يبدو أنّ التصعيد الحالي بيّن مجدداً عن تحسّس بالغ يكتنف العلاقات بين تركيا وأوروبا، إلى درجة دفعت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الاغتراف من قاموس فائق الحساسية بالنسبة لألمانيا تحديداً، لكن يُرى في المقابل أنّ حكومة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، معنية بتأجيج الأزمة، على الرغم مما صدر عنها من انتقادات متعددة لأنقرة، لكنها تقع تحت ضغوط صارمة من حزبيْ الخضر واليسار، هذا بالإضافة إلى موجة تحرّكات في الشارع الألماني، تفاعلت مع قضية الصحفي، دينز يوجيل، المعتقل في تركيا. ومن هنا، تأتي الأزمة الجديدة في سياق حساس بالنسبة لأنقرة، فهناك في أوروبا من يختبر صبرها على سلوكياتٍ تبدو في عيونها استفزازية، ومعها لا تملك أنقرة سوى الرد التصعيدي. لكن يبدو أنّ التحسّس المتزايد بين أنقرة وعواصم أوروبا يعطي أطرافاً فرصة لاستدراج العلاقات المتبادلة إلى مربّع التأزيم، فبيّنت التوترات بين تركيا ودول أوروبية عدة عن مغزاها الأهم، وهو التوجّه الأوروبي الكامن بعدم الرغبة في استيعاب تركيا في القارة الموحدة. ومن هنا، فإنّ فرصة انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي في تضاؤل في ظلّ الأزمات التي تحدث بين تركيا ودول أوروبا.
FE5D330C-E1C8-4F26-B044-8CE0D3AA29EF
FE5D330C-E1C8-4F26-B044-8CE0D3AA29EF
عطا الله شاهين (فلسطين)
عطا الله شاهين (فلسطين)