15 أكتوبر 2017
تركيا والأردوغانية
فرج كندى (ليبيا)
بعد مرحلة طويلة من الصراع الفكري والثقافي الذي ساهمت فيه عوامل داخلية، متأثرة بأخرى خارجية، تمثلت في الغزو الفكري القادم من الغرب الأوروبي الذي عجل من خلال أيدٍ داخلية، تحول تركيا في الربع الأول من القرن الماضي من امبراطورية إسلامية عريقة واسعة الأطراف إلى دولة علمانية قومية، أثرت في تغيير خريطتها الجيوسياسية والثقافية والاجتماعية.
عرفت هذه المرحلة بالمرحلة الكمالية الأتاتوركية، نسبة إلى مصطفي كمال أتاتورك الذي طرد الخليفة العثماني، عبد الحميد الثاني سنة 1908 ميلادي، وأسقط الخلافة الإسلامية عام 1924 ميلادية، ثم أعلن النظام الجمهوري التركي الذي يقوم على أساس العلمانية وفصل الدين عن الدولة، وقام بتغيير وجه تركيا نحو النظم والقوانين الأوروبية في محاولةِ حثيثة لسلخ تركيا عن أصولها التاريخية وعقيدتها الإسلامية، ونقلها روحا وجسدا لتنصهر وتذوب في القارة الأوروبية، وذلك من خلال اتباع سياسة متشدّدة في ذلك، بدأت من منع الآذان باللغة العربية إلى استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية في اللغة التركية، مع ترسيخ النظام الأوروبي في القوانين ومناهج التعليم، والتضييق على كل ما له علاقة بالدين الإسلامي أو الموروث الحضاري والثقافي العثماني القائم على روح الشريعة الإسلامية.
كما مارس النظام القسوة في فرض العلمانية على الشعب التركي برغم إعلانه السير على النمط الأوروبي في السياسة، إلا أن حقيقة الأمر كان حكم الفرد المهيمن على الحزب وعلى الحياة العامة، فكان هو المهيمن على الحياة السياسية في عهده، وفي عهد من جاء بعده من ورثته من رؤساء الجمهورية التركية.
وحين حدوث أي انفراجه سياسية، وإن كانت محدودة؛ سرعان ما يقوم عليها انقلاب عسكري يعيدها إلى سابق عهدها باعتبار أنّ الجيش هو حامي العلمانية، وهو الوصي على الدولة والمسيطر على مظاهر الحياة فيها، وهذا ما جعل جنرالاته هم المتحكمين في مفاصل الدولة دون استثناء ولا يسمحون بأي حراك سياسي يرغب في التحرّر من سيطرة العسكر على الحياة العامة في الدولة.
إلا أنّ مجريات الأحداث تغيّرت إلى حد كبير وغير متوقع مع دخول الألفية الثالثة وبروز شخصية كبيرة تتمتع بكاريزما جذابة ومؤثرة هي شخصية رجب طيب أردوغان الذي تتلمذ على يد الزعيم، نجم الدين أربكان، ثم خرج عن خطه السياسي ليرسم خطا جديدا مع نخبة من جيل الشباب الذي يمتلك رؤية وتصوّرا جديدا لتركيا جديدة وصاعدة وواعدة، يقودها جيل من الشباب مثل أحمد داود أوغلو وعبدالله غول، وغيرهم ممن يشتركون معهم في الرؤية ويشاركونهم الحلم نفسه.
تبلورت صورة هذا الطموح في إنشاء حزب العدالة والتنمية الذي يقوم على مبادئ وقيم تركية أصيلة لا تصطدم بالعلمانية، وتتمسك بالهوية والجذور التاريخية، وهذا سر نجاح الحزب في الوصول إلى الناخب التركي، وتحقيق فوز قوي، هزم فيه الأحزاب التركية القوية والعريقة المتواجدة والمتأصلة في المجتمع التركي، ومنها حزب أتاتورك نفسه.
والنجاح الحقيقي لحزب العدالة والتنمية، تمثل في قدرة كوادره على إحداث نقلة نوعية حقيقية وملموسة لدى المواطن التركي من خلال تقديم الخدمات التي تمس المواطن، الأمر الذي جعل باقي البلديات تقتنع بهذا الحزب الفتي وبقدرة كوادره على الإنجاز والوفاء بالوعود وبصدق العهود.
وكان هذا النجاح سبباً مباشرا في وصول الحزب إلى رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء في فترة زمنية وجيزة، لتنطلق الدولة التركية في سباق مع الزمن إلى مرحلة جديدة من العمل المتواصل وفق هدف كبير لتحقيق مشروع عظيم، هو الحلم الذي راود أعضاء حزب العدالة والتنمية، برئاسة أردوغان الذي نجح في السير قدما، وبخطى ثابتة بمشروعه السياسي والاقتصادي لنقل تركيا من دولة مثقلة بالدين من صندوق النقد الدولي، وتعاني من أعباء الديون المتراكمة مع تضخم مالي وضعف الليرة التركية إلى ثاني أكبر ممول للصندوق، ناهيك عن ارتفاع معدل دخل المواطن التركي مع طفرة في نمو قطاعات التعليم والصحة.
ومع اقتراب الانتخابات المبكرة التي أعلن عنها الرئيس أردوغان، فإن المخاض عسير والنتائج المتوقعة، إما أن تنجح الدول المعادية لمشروع العدالة والتنمية في إقصائه واستبداله بحكومة لها سياسات ومشاريع تختلف بل تتصادم مشروع العدالة والتنمية، وفي هذه الحالة سوف تتعطل المرحلة الأردوغانية وقد تموت. في حين لو نجح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، فستكون المرحلة المقبلة أصعب من الماضية، والتحدي سيكون أكبر لأن خصوم المرحلة الأردوغانية لن يقبلوا بالهزيمة، ولن يرضوا بما أفرزته صناديق الاقتراع، بل ستكون المواجهة أكثر شراسة، وسوف تبدأ معركة كسر العظام في محاولة لإقصاء أردوغان وحزبه عن السلطة في تركيا، وهذا ما استعد له أردوغان من خلال نجاحه في اعتماد النظام الرئاسي في الحكم في المرحلة المقبلة على الرغم مما يتضمنه هذا النظام من خطورة.
عرفت هذه المرحلة بالمرحلة الكمالية الأتاتوركية، نسبة إلى مصطفي كمال أتاتورك الذي طرد الخليفة العثماني، عبد الحميد الثاني سنة 1908 ميلادي، وأسقط الخلافة الإسلامية عام 1924 ميلادية، ثم أعلن النظام الجمهوري التركي الذي يقوم على أساس العلمانية وفصل الدين عن الدولة، وقام بتغيير وجه تركيا نحو النظم والقوانين الأوروبية في محاولةِ حثيثة لسلخ تركيا عن أصولها التاريخية وعقيدتها الإسلامية، ونقلها روحا وجسدا لتنصهر وتذوب في القارة الأوروبية، وذلك من خلال اتباع سياسة متشدّدة في ذلك، بدأت من منع الآذان باللغة العربية إلى استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية في اللغة التركية، مع ترسيخ النظام الأوروبي في القوانين ومناهج التعليم، والتضييق على كل ما له علاقة بالدين الإسلامي أو الموروث الحضاري والثقافي العثماني القائم على روح الشريعة الإسلامية.
كما مارس النظام القسوة في فرض العلمانية على الشعب التركي برغم إعلانه السير على النمط الأوروبي في السياسة، إلا أن حقيقة الأمر كان حكم الفرد المهيمن على الحزب وعلى الحياة العامة، فكان هو المهيمن على الحياة السياسية في عهده، وفي عهد من جاء بعده من ورثته من رؤساء الجمهورية التركية.
وحين حدوث أي انفراجه سياسية، وإن كانت محدودة؛ سرعان ما يقوم عليها انقلاب عسكري يعيدها إلى سابق عهدها باعتبار أنّ الجيش هو حامي العلمانية، وهو الوصي على الدولة والمسيطر على مظاهر الحياة فيها، وهذا ما جعل جنرالاته هم المتحكمين في مفاصل الدولة دون استثناء ولا يسمحون بأي حراك سياسي يرغب في التحرّر من سيطرة العسكر على الحياة العامة في الدولة.
إلا أنّ مجريات الأحداث تغيّرت إلى حد كبير وغير متوقع مع دخول الألفية الثالثة وبروز شخصية كبيرة تتمتع بكاريزما جذابة ومؤثرة هي شخصية رجب طيب أردوغان الذي تتلمذ على يد الزعيم، نجم الدين أربكان، ثم خرج عن خطه السياسي ليرسم خطا جديدا مع نخبة من جيل الشباب الذي يمتلك رؤية وتصوّرا جديدا لتركيا جديدة وصاعدة وواعدة، يقودها جيل من الشباب مثل أحمد داود أوغلو وعبدالله غول، وغيرهم ممن يشتركون معهم في الرؤية ويشاركونهم الحلم نفسه.
تبلورت صورة هذا الطموح في إنشاء حزب العدالة والتنمية الذي يقوم على مبادئ وقيم تركية أصيلة لا تصطدم بالعلمانية، وتتمسك بالهوية والجذور التاريخية، وهذا سر نجاح الحزب في الوصول إلى الناخب التركي، وتحقيق فوز قوي، هزم فيه الأحزاب التركية القوية والعريقة المتواجدة والمتأصلة في المجتمع التركي، ومنها حزب أتاتورك نفسه.
والنجاح الحقيقي لحزب العدالة والتنمية، تمثل في قدرة كوادره على إحداث نقلة نوعية حقيقية وملموسة لدى المواطن التركي من خلال تقديم الخدمات التي تمس المواطن، الأمر الذي جعل باقي البلديات تقتنع بهذا الحزب الفتي وبقدرة كوادره على الإنجاز والوفاء بالوعود وبصدق العهود.
وكان هذا النجاح سبباً مباشرا في وصول الحزب إلى رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء في فترة زمنية وجيزة، لتنطلق الدولة التركية في سباق مع الزمن إلى مرحلة جديدة من العمل المتواصل وفق هدف كبير لتحقيق مشروع عظيم، هو الحلم الذي راود أعضاء حزب العدالة والتنمية، برئاسة أردوغان الذي نجح في السير قدما، وبخطى ثابتة بمشروعه السياسي والاقتصادي لنقل تركيا من دولة مثقلة بالدين من صندوق النقد الدولي، وتعاني من أعباء الديون المتراكمة مع تضخم مالي وضعف الليرة التركية إلى ثاني أكبر ممول للصندوق، ناهيك عن ارتفاع معدل دخل المواطن التركي مع طفرة في نمو قطاعات التعليم والصحة.
ومع اقتراب الانتخابات المبكرة التي أعلن عنها الرئيس أردوغان، فإن المخاض عسير والنتائج المتوقعة، إما أن تنجح الدول المعادية لمشروع العدالة والتنمية في إقصائه واستبداله بحكومة لها سياسات ومشاريع تختلف بل تتصادم مشروع العدالة والتنمية، وفي هذه الحالة سوف تتعطل المرحلة الأردوغانية وقد تموت. في حين لو نجح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، فستكون المرحلة المقبلة أصعب من الماضية، والتحدي سيكون أكبر لأن خصوم المرحلة الأردوغانية لن يقبلوا بالهزيمة، ولن يرضوا بما أفرزته صناديق الاقتراع، بل ستكون المواجهة أكثر شراسة، وسوف تبدأ معركة كسر العظام في محاولة لإقصاء أردوغان وحزبه عن السلطة في تركيا، وهذا ما استعد له أردوغان من خلال نجاحه في اعتماد النظام الرئاسي في الحكم في المرحلة المقبلة على الرغم مما يتضمنه هذا النظام من خطورة.
مقالات أخرى
08 يناير 2016
02 ديسمبر 2015
24 يونيو 2015