اقرأ أيضاً: مجلس الأمن القومي التركي يقيّم أحداث المناطق الحدودية
وأكد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم كالن، أمس، أن أي تحرك تركي باتجاه سورية سيكون في إطار التوافق مع المجتمع الدولي، وضمن قرارات مجلس الأمن الدولي.
وفي وقت تواصل فيه قيادة القوات المسلّحة التركية إرسال التعزيزات إلى الحدود السورية، أكّد كالن أنّ هدف هذه التعزيزات هو حماية أمن الحدود التركية، مشدّداً على أنّ رغبة تركيا ليست إقامة منطقة عازلة، بل منطقة آمنة وحظر طيران، كي تستقبل النازحين واللاجئين السوريين، ولتكون مكاناً لتدريب وتسليح قوات المعارضة السورية المعتدلة.
في غضون ذلك، استمرت الصحف الموالية للحكومة بالتأكيد على أن تركيا ستدخل سورية، ومنها مقال لعبد القادر سيلفي، الصحافي في صحيفة "يني شفق"، والمعروف بقربه من دوائر صنع القرار في حزب "العدالة والتنمية". وبدأ سيلفي مقاله بالسؤال التالي: "هل سندخل الحرب مع سورية؟ لا. هل سنحارب "داعش"؟ لا. هل سندخل سورية؟ غالباً نعم".
وأكد سيلفي أن الجيش التركي تجهز لجميع السيناريوهات غير أن المطروح حالياً هو إنشاء منطقة عازلة بطول 110 كيلومترات وعمق 33 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، وليس الدخول البري للأراضي السورية. وتشير التقارير إلى أن هذه المنطقة ستتم عبر قوات المعارضة السورية وبدعم ومساندة من الجيش التركي.
بدوره، سرّع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) هو الآخر من تحضيراته لمواجهة مختلف السيناريوهات، إذ تشير التقارير الإعلامية إلى قيام التنظيم بحفر خنادق حول البلدات والقرى الخاضعة له، سواء تلك الحدودية أو القريبة من خط الجبهة بين التنظيم وجماعات المعارضة السورية المسلّحة في كل من ريف حلب الشمالي والشرقي، حيث يبلغ عمق الخندق أربعة أمتار وعرضه مترين ونصف المتر، ومن بين تلك القرى والبلدات دابق والراعي وإرشاف.
على الرغم من إصرار أنقرة الواضح على التحرك في ما يخص إنشاء منطقة عازلة، إلا أنّه يقف في وجه هذا القرار العديد من العقبات؛ وإضافة إلى موقف بعض أحزاب المعارضة الرافض للتدخل العسكري في الحرب الأهلية السورية، هناك الموقف الأميركي الذي يبدو أنّه لم يتغيّر.
وبدا الخلاف التركي الأميركي واضحاً في ما يخص المنطقة، ونقل عدد من الصحف التركية الموالية للحكومة تقارير تحدثت عن مكالمة هاتفية جرت، يوم الجمعة الماضي، بين كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره التركي مولود جاووش أوغلو، بيّن خلالها الأخير لكيري مدى القلق التركي من "الممر الكردي" الذي يعمل على إنشائه حزب "العمال الكردستاني"، عبر جناحه السوري حزب "الاتحاد الديمقراطي"، والذي نجح أخيراً في السيطرة على منطقة تل أبيض، وربط مناطق الإدارة الذاتية التي كان قد أعلنها في كل من محافظة الحسكة وعين العرب.
وبحسب التقارير التركية، قال جاووش أوغلو لكيري: "إما أن ننشئ المنطقة العازلة معاً، أو نقوم بالبحث عن حلول لأنفسنا، عليكم أن تأخذوا مخاوفنا بعين الاعتبار".
وأكد نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر، أنه حتى الآن ليس هناك أي أدلة ملموسة على تحرك تركيا باتجاه إنشاء منطقة عازلة ضمن الأراضي السورية، مشيراً إلى وجود الكثير من العقبات في ما يخص إنشاءها سواء من الناحية اللوجستية أو الإنسانية أو العسكرية، قائلاً "في ما يخص المنطقة العازلة أو منطقة حظر الطيران، فإن موقفنا السابق حتى الآن لم يتغيّر".
من جهة المعارضة، وفيما يرجح أن يساند حزب "الحركة القومية" أي تحرك تركي لضرب "العمال الكردستاني"، عبّر حزب "الشعوب الديمقراطي" عن معارضته لتدخل تركيا في سورية، كما حذر زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو، الحكومة التركية من مخاطر جر تركيا إلى الحرب السوريّة، قائلاً: "أحذّر الحكومة من جر تركيا إلى مغامرة قد تكلف البلد ثمناً باهظاً. إن الناس في الشارع هم من سيدفع الثمن وليس الساسة".
في غضون ذلك، نفى الرئيس المشارك لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، صالح مسلم، اتهامات الحكومة التركية لحزبة بالقيام بتطهير عرقي ضدّ العرب والتركمان في المناطق التي يسيطر عليها. وعند سؤاله عن موقف الحزب من احتمال دخول الجيش التركي إلى الأراضي السورية، قال "كما قاومنا جميع الهجمات التي طالت قُرانا ومناطقنا من قبل النظام وداعش وباقي القوى، فإننا سنقاوم أيضاً أي قوة تأتي من أي جهة".
ونفى مسلم نية حزبه إقامة دولة كردية في مناطق الإدارة الذاتية التابعة له، مشيراً إلى أن قرار تركيا في دخول سورية ليس بيدها وحدها، لأن هذه الحدود ليست الحدود التركية فحسب، بل أيضاً حدود حلف شمال الأطلسي، على حدّ تعبيره.
اقرأ أيضاً: الخيار التركي في سورية: دعم عسكري دون تدخل مباشر