تركيا تعدّ قائمة إجراءاتها "المؤلمة" ضد كردستان العراق

21 سبتمبر 2017
لقاء أردوغان والبرزاني بأنقرة، في ديسمبر 2015(كايهان أوزير/الأناضول)
+ الخط -
يتصاعد الخطاب التركي ضد إصرار إدارة إقليم كردستان العراق على إجراء استفتاء الانفصال. وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأن اجتماع مجلس الأمن القومي التركي في 22 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سيكون حاسماً في موقف بلاده مما يجري في الإقليم، كشف مصدر تركي مطلع لـ"العربي الجديد" عن بعض الأوراق المطروحة أمام هذا المجلس، خاصةً أن تركيا تعتبر المنفذ الأهم لكردستان على العالم.

وأكد المصدر أن أنقرة تمتلك الكثير من أوراق الضغط على أربيل، لا سيما في ظل التوافق الإيراني التركي على معارضة استقلال الإقليم. وأشار إلى وجود انزعاج كبير في الإدارة التركية من تجاهل رئيس كردستان العراق، مسعود البرزاني، للموقف التركي. وقال "تستطيع تركيا من خلال تفاهماتها مع إيران أن تنفذ حصاراً شبه كامل على الإقليم وموارده بالتعاون مع الحكومة المركزية في العراق، والبرزاني يعلم ذلك تماماً، وبات أمراً مزعجاً للغاية بالنسبة للإدارة التركية تجاهل إدارة الإقليم لهذه الحقائق على الأرض وأيضاً تجاهل الموقف التركي الذي تم إيصاله للبرزاني بشكل واضح من خلال عدة لقاءات". وأضاف المصدر أن "معارضة تركيا تقوم بشكل أساسي على التوقيت، ولكنها تدعم توسيع صلاحيات الإقليم وصولاً إلى نوع من الكونفدرالية". وشدد المصدر على أن "طرح استقلال الإقليم في الوضع الحالي للمنطقة، سيقوي من طموحات حزب العمال الكردستاني في سورية، وهذا يعتبر خطاً أحمر بالنسبة لأنقرة"، وفق تعبيره، في إشارة إلى حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، الذي يسيطر على مساحات واسعة من الشمال السوري بدعم من الولايات المتحدة.


ويبدو أن الأمر يتعدى طموحات "العمال الكردستاني" السورية، إذ إن انفصال الإقليم عن العراق سيعني بالنسبة لأنقرة، فقدان معظم أوراق القوة التي تمتلكها في التأثير على بغداد، في ظل الوضع المتدهور للعرب السنة، وبالتالي تمكين قبضة طهران على بغداد، إضافةً إلى تحالفها التاريخي مع إدارة محافظة السليمانية في كردستان. وبحسب المصدر، فإن خيارات أنقرة تتراوح بين عدم اعترافها بنتائج الاستفتاء، وصولاً إلى تطبيق عقوبات اقتصادية على الإقليم. وقال "سيعلن بيان مجلس الأمن القومي التركي أنه لن يعترف بنتائج الاستفتاء ولا بالاستقلال وسيشدد على وحدة الأراضي العراقية، وسيدعو أربيل للتراجع عن إقامة الاستفتاء عبر التلويح بالعقوبات الاقتصادية"، الأمر الذي أشار إليه أردوغان في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أخيراً. وأوضح المصدر التركي المطلع أن "الخطوات التركية ستكون حذرة وستتصاعد بشكل متدرج، عبر التفاهم مع إيران والحكومة العراقية المركزية، والأغلب أنها ستبدأ بإغلاق القنصلية التركية في أربيل، وفي حال عدم الاستجابة سيبدأ أمر تنفيذ عقوبات تجارية على الإقليم المعتمد بشكل كبير على التجارة عبر الحدود المشتركة مع تركيا".

ورجح المصدر "أن تكون الخطوة الأولى في ملف العقوبات الاقتصادية، هي تقييد الحركة في معبر خابور الحدودي مع الإقليم والذي يعتبر المعبر التجاري الرئيسي، وكذلك تقييد الحركة في كل من معبر ديريجيك وغوليازي وأوزوملو". وأكد أنه "في حال استمرار تعنت البرزاني، سيتم إلغاء تسهيلات الاستثمار التي منحتها تركيا للإقليم وكذلك خطوط الائتمان، إذ تعتبر أنقرة بين أول خمسة أكبر مستثمرين في (القطاع) الأخير، وكذلك تقييد عبور النفط الصادر من إقليم كردستان نحو ميناء جيحان التركي، وتجميد الاتفاقية الخاصة بإنشاء خط نقل للغاز المنتج في الإقليم إلى ولاية شرناق التركية والذي سيكون أحد أهم منافذ تصدير الغاز إلى العالم"، بحسب قوله.

ولفت المصدر التركي إلى أن من الخطوات الأخرى المنتظرة هي وقف التعاون العسكري في الإقليم وأيضاً وقف عمليات التدريب التي يقوم بها الجيش التركي لعناصر البيشمركة في إطار "التحالف الدولي" ضد تنظيم "داعش".


ويشار إلى أن مطارات إقليم كردستان تعتمد بشكل أساسي على شركات الطيران التركية والمطارات التركية كمنفذ على العالم. وفي هذا الصدد، ذكر المصدر أنه "يمكن التفاهم على إجراء حصار جوي بالتعاون مع إيران، وإغلاق الأجواء الإيرانية والتركية في وجه الطائرات المتجهة إلى كردستان". واستبعد المصدر أن تتجه أنقرة لإجراء تدخل عسكري، بالقول إن "هذا الأمر يبدو مستبعداً، وسيستوجب ليس فقط توافقا إيرانيا تركيا عراقيا، ولكن أيضاً موافقة أميركية روسية، ولا أظن أن البرزاني سيسمح للأمور بالوصول إلى هذه الدرجة". ورأى المصدر نفسه أن "البرزاني يناور لا أكثر، للحصول على المزيد من المكاسب، لأنه يعتبر ذلك فرصة ذهبية لتوسيع صلاحيات الإقليم باعتباره أحد أهم المنتصرين والأقل تكبداً للخسائر في المعركة ضد داعش". وأضاف أن "المناورات العسكرية التركية على حدود الإقليم، ليست سوى واحدة من الطرق لإيصال رسالة واضحة للبرزاني حول مدى جدية أنقرة في رفض انفصال الإقليم".

وكان أردوغان حذّر البرزاني، يوم الثلاثاء الماضي، من إمكانية خسارة الإقليم لكل الإمكانات التي يتمتع بها، في حال لم يتراجع عن قرار إقامة استفتاء الانفصال. وخلال كلمة ألقاها في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال أردوغان: "من هنا أدعو إدارة الإقليم الكردي في العراق للتراجع عن المبادرة التي قام بها (تنظيم الاستفتاء)، إن تجاهل الموقف التركي الحاسم في هذا الأمر، قد يؤدي إلى إدخال الإقليم في عملية تؤدي لخسارته الإمكانيات التي تمكن من الحصول عليها، وبدل إشعال فتيل اشتباكات جديدة، علينا أن نعمل على تأسيس الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة"، وفق تعبير أردوغان. وتابع أنه "في العراق، هناك حاجة لإحياء المثل التي تؤسس لمستقبل مشترك وتستند إلى الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية، ولا بد من الابتعاد عن الخطوات التي من شأنها أن تشعل اشتباكات وأزمات جديدة في المنطقة مثل استفتاء الانفصال"، بحسب موقف الرئيس التركي.
المساهمون