تركيا... الحليف غير الصديق

07 سبتمبر 2014
تركيا هدف لوكالة الأمن القومي الأميركية (كيهان أوزير/Getty)
+ الخط -
تغيب الثقة في العلاقة بين تركيا وحلفائها في حلف شمال الأطلسي. على الأقل هذا ما تؤكده الوقائع بعدما كشفت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية قبل أسابيع عن أن تركيا تعرضت للتجسس المستمر من قبل أجهزة استخبارات حلفائها البريطانيين والألمان والأميركيين. 
اختارت الصحيفة عنواناً لتقريرها الصادر في أغسطس/آب الماضي: "صداقة بوجهين: تركيا شريك وهدف لوكالة الأمن القومي الأميركية"، معتمدةً على وثائق الوكالة التي قام بتسريبها المستشار السابق في الاستخبارات، الاميركي إدوارد سنودن. لم يصدر أي اعتذار من الحكومة الألمانية أو الأميركية، بل بدأ الحديث عن وجوب التمييز بين الحليف والصديق، لتبدو تركيا حليفاً استراتيجياً لكنها ليست صديقاً يؤتمن.

وفي مقابلة أجرتها الصحافية الألمانية ذات الأصل التركي، إلماس توبجو، مع المحرر في "دير شبيغل"، مايكل سنوتهايمر، جرى نشرها في الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري على موقع "ديكان" التركي، أكد سنوتهايمر بأن العاملين في "دير شبيغل" قاموا بدراسة الوثائق التي سربها سنودن، ووجدوا أكثر من عشرين وثيقة مهمة تؤكد على التعاون الوثيق بين وكالة الأمن القومي والاستخبارات التركية. وشددت الوثائق على الدعم الكبير الذي تتلقاه وكالة الاستخبارات التركية والقوات المسلحة التركية من قبل وكالة الأمن القومي الأميركي، في معركتها ضد حزب "العمال الكردستاني". لكن، وفي الوقت نفسه، أثبتت بعض الوثائق بأن وحدات الاستخبارات الأميركية وواشنطن لا تثقان على الإطلاق بالحكومة التركية، إذ أظهرت الوثائق بأن الاستخبارات الأميركية حاولت مراقبة حواسيب الحكومة التركية بكل طريقة ممكنة.

وأكد سنوتهايمر على أن الإدارة الأميركية لا تثق بتركيا على الإطلاق، وبدا هذا واضحاً من خلال إحدى الوثائق المسربة، وهي التي يتمّ فيها وضع الإطار العام لأولويات الاستخبارات الأميركية، والتي يجري تحديثها وعرضها على الرئيس الأميركي بشكل دوري.

في الوثيقة نفسها، الصادرة في أبريل/ نيسان من العام 2013، جرى وضع تركيا بين الدول التي على الاستخبارات الأميركية التجسس عليها وجمع المعلومات عنها بشكل كثيف، إذ جرى وضعها في مستوى فنزويلا المعروفة بعدائها الكبير للولايات المتحدة، بل ووضعت تركيا قبل كوبا في الأهمية التي تشكلها بالنسبة للاستخبارات الأميركية.

وكان الدبلوماسي الأميركي، نيكولاس بيرنس، أكد، في مقال بصحيفة "فاينانشيال تايمز"، في 31 أغسطس الماضي، أن قادة حلف شمال الأطلسي سيواجهون، إضافة إلى التحديات الثلاثة الأساسية المتمثلة في الأزمة الأوكرانية وأفغانستان وتمدّد تنظيم "الدولة الإسلامية"، مهمة إقناع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بإغلاق الحدود في وجه مقاتلي "داعش". وأضاف: "على أوباما إقناع الرئيس التركي بإغلاق الحدود التركية في وجه تصدير النفط الذي تسيطر عليه داعش".
 
وقامت "العربي الجديد" بالتأكد من الاجراءات التركية عبر الحديث مع العديد من الناشطين السوريين في المناطق الحدودية، إذ أشاروا إلى أن القوات المسلحة التركية قد شددت إجراءتها وعززت آلياتها العسكرية في الفترة السابقة على طول الحدود، بدءاً من المناطق الكردية وانتهاءً بمعبر كسب، قرب ساحل المتوسط.

ويوم الأربعاء الماضي، أعلنت ولاية غازي عنتاب، الواقعة على الحدود السورية، عن قيام السلطات باعتقال 19 مقاتلاً كانوا متجهين للالتحاق بـ"داعش". وأشارت إلى أنه ستتم محاكمة مَن قام بارتكاب أي جرائم، أما الباقون فستتم إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. كما أكد مصدر دبلوماسي، لـ"العربي الجديد"، رفض ذكر اسمه، بأن تركيا الآن على تعاون وثيق مع الحكومات الأوروبية في ما يخص "داعش"، إذ أضافت أكثر من 6 آلاف اسم إلى لائحة الأسماء الممنوعة من دخول تركيا. كما عززت من إجراءتها الأمنية في المطارات والمعابر الحدودية المختلفة. ورغم هذا، فلا تزال تركيا تبدو مترددة في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة خوفاً على حياة 49 رهينة تركية محتجزة لدى "داعش"، من بينهم دبلوماسيين كان التنظيم قد قام باحتجازهم بعد اقتحامه للقنصلية التركية في الموصل في يونيو/ حزيران الماضي.

اليوم، وبعد الاعلان شبه الرسمي للحلف العالمي الجديد ضد "داعش"، هل تصبح تركيا صديقاً لحلفائها، وخصوصاً أن المعلومات تشير إلى أن هذه الدولة ستكون مركزية في هذا الائتلاف، وهي صاحبة أكبر جيش بري في "الأطلسي"، أم ستبقى عالقة في موقعها كحليف غير مؤتمن حتى إشعار آخر؟

المساهمون