تركيا: "الشعب الجمهوري" يهتز على وقع ذكريات مجزرة ديرسيم

15 نوفمبر 2014
بدأ حزب "الشعب الجمهوري" يخسر قواعده الكردية العلوية (الأناضول)
+ الخط -


فجّر الاعتذار الذي قدمه نائب رئيس حزب "الشعب الجمهوري" سيزغين تانركولو، عن المجازر التي ارتُكبت بحق الأكراد العلويين في مدينة تونجلي (أو ديرسيم كما يطلق عليها الأكراد)، عاصفة ضمن الحزب الذي لم يخرج بعد من أزمة أخرى، بعد أزمة استقالة ثلاثة نواب اعتراضاً على الأداء السياسي للحزب.

وكان تانركولو، قد أكد على اعتذاره خلال مقابلة مع قناة "سي إن إن" التركية، قائلاً "لقد أتيت إلى هنا بعلم رئيس الحزب، وبصفتي نائب الرئيس، أعتذر باسم الحزب لكل من شعر بالألم لمجزرة ديرسيم". وذلك بعد أن رفض الحزب الاعتذار على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أعوام على قيام حكومة "العدالة والتنمية" بذلك.

لم تمضِ دقائق حتى بدأت ردود الفعل على التصريح من قبل أعضاء الحزب، إذ عبّر النائب السابق عن "الشعب الجمهوري" شاهين مينغو، عن غضبه بتغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، جاء فيها "سيزغين تانركولو بأي حقّ تعتذر باسم الحزب، من أنت يا عديم الشرف؟".

كما رفض العضو في الحزب، النائب عن مدينة مرسين، ثالث أكبر المدن التركية، وإحدى أهم قلاع الحزب، علي رضا أوزتورك، الاعتذار قائلاً "أنا لا أعتذر لأحد، عاشت جميع الدول أثناء فترة تكوينها الكثير من الآلام والأحداث المفرحة، إن تلك الأحداث لم يتم الكشف عنها بشكل نهائي، ولا يجب تقييمها بعقلية عام 2015، علينا أن نراها بأعين جيل الثلاثينيات، وأنا أقف ضد استغلال هذه الأحداث السياسية". ومن جانبه أكد الزعيم السابق للحزب، دينيز بايكال، على رفضه للاعتذار، قائلاً "لا يجب أن يحمّل حزب مسؤولية أحداث ديرسيم، الدولة هي التي تتحمل مسؤوليتها". ووافقه الكثير من النواب الآخرين على الأمر.

ويشير الكثير من المحللين، إلى أن "الأحزاب الأخرى تحاول جذب أصوات القاعدة الشعبية العلوية، التي بدأ يخسرها حزب الشعب الجمهوري، إثر سياسات التقرب من المحافظين المتدينين، والتي كان آخرها ترشيح المحافظ المتدين أكمل الدين إحسان أوغلو للرئاسة. كما أن نتائج الانتخابات البلدية التي أُجريت في مارس/آذار الماضي، أدت إلى خسارة الحزب ولاية ديرسيم للمرة الأولى، لمصلحة حزب الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، على الرغم من أن زعيم الحزب كمال كلجدار أوغلو، علوي بكداشي، وتنحدر أصوله من الولاية ذاتها".

لا تتوقف آثار الاعتراف بمجزرة ديرسيم على "الشعب الجمهوري" الذي كان الحاكم حينها، بل تصل إلى مؤسس الجمهورية ومانح الشرعية و"الزعيم المقدس" مصطفى كمال أتاتورك الذي حصلت المجرزة في عهده. ففي الوقت الذي يؤكد فيه الكماليون بأن أتاتورك كان مريضاً حينها ولم يعرف بها، يؤكد الكثير من المؤرخين أن أتاتورك هو من وجّه الجيش لضرب التمرد ومنحه السلطات المطلقة، خصوصاً وأن للأخير تاريخا قاسيا بضرب جميع أنواع التمرّد ضده، سواء الكردية أو تمرد العلويين العرب في إسكندرون. وكانت الحكومة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان قد اعترفت بالمجزرة وقدمت اعتذاراً رسمياً للمدينة في عام 2011.

ووقعت مجزرة مدينة ديرسيم (تونجلي) ذات الغالبية الكردية العلوية البكداشية بين عامي 1937 ـ 1939، إثر المقاومة المسلحة التي أبداها الأكراد العلويون لتنفيذ قانون إعادة التوطين الذي صدر في العام 1934 الهادف إلى التوزيع القسري للأقليات داخل البلاد بحجة تعزيز التجانس الثقافي، ليقوم الجيش التركي باتخاذ تدابير قاسية أدت بحسب المصادر الحكومة التركية إلى مقتل 11 ألف شخص، بينما يؤكد القوميون الأكراد أن العدد يصل إلى 60 ألف شخص، وتم إخلاء المدينة من سكانها وتغيير اسمها إلى تونجلي.