"تلج تلج عم تشتي الدنيي تلج/ والنجمات حيرانين/ وزهور الطرقات بردانين"؛ هكذا يصدح صوت فيروز، وهي تتغنّى في عيد ميلاد المسيح. تحكي قصّته وتتغزل في عيونه "ومغارة سهرانة فيها طفل صغير/ بعيونو الحلياني حب كتير".
تختلف مواعيد الاحتفالات بعيد الميلاد لاختلافات تاريخية في التقويم؛ ولكن لا تختلف الترانيم والأناشيد والقصائد الغنائية التي يتغنى بها مسيحيو العالم جميعاً، ما بين الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول وحتى السابع من يناير/ كانون الثاني سنوياً، في أحد أكثر أعياد العالم جماهيرية.
أغاني عيد الميلاد المجيد العربية حظيت بثقل كبير بفضل وديع الصافي، في ستينيات القرن الماضي، إذ قدّم مجموعته التي بدأها بترنيمته: "رعد وشتي/ برق وتلج ورياح/ ع القش طفل صغير جايب هدايا كثير/ حامل بإيده للسما مفتاح". والتي أصبحت من أشهر ما يؤدّى في الكنائس العربية، خاصة في سورية ولبنان وفلسطين والأردن.
كان اللبنانيون هم الأسبق والأكثر إنتاجاً للترانيم الحديثة، إذ ضمَّت قائمة الذين سجلوا ألبومات دينية العديد من كبار المطربين مثل: فيروز وماجدة الرومي وسلوى القطريب وباسكال صقر وسيمون عبيد وعازار حبيب وكارول صقر وفريال حنا وجوزيف أبو مهلب. فيما ضمّت قائمة الملحّنين أمثال إلياس الرحباني وهادي شرارة وغيرهما. ويلاحظ أن كثيراً من تلك الأغاني تُعدّ نسخاً عربيّة مترجمة لأغان غربية الأصل، كأغنية "عيد الليل" لفيروز المقتبسة من أغنية "ليلة صامتة" (Silent Night). وفي التسعينيات، أصدرت فيروز ألبوماً غنائيّاً ضم 14 أغنية وأنشودة عن عيد الميلاد، وألحان الألبوم غربية تم تعريب كلماتها.
وفي ما يتعلق بالجوقات الموسيقية، فقد ظهرت مجموعة من الفرق المسيحية التي تضاهي فرق الإنشاد الديني والموشّحات، مثل جوقة "أغابي" في لبنان و"الفرح" في سورية، وذاعت ألبومات تلك الجوقات، مثل ألبوم "ملك في مذود" وألبوم "بيت لحم". ومن الألبومات التي انتشرت بصفة خاصة بين الروم الكاثوليك في لبنان، ذلك الألبوم الخاص بالقس الماروني منصور لبكي، والذي يتضمَّن أنشودات ليلة الميلاد، وبـ"ضيعة زغيرة منسية"، و"ضوي بليالي سعيدة".
من الواضح، أيضاً، تراجع الكنيسة المصرية فنيّاً عن اللحاق بالكنائس الشامية في هذا المضمار الفني، فقد أحجمت الكنيسة عن إنتاج ترانيم جديدة، ولم تقبل على استغلال المطربين المصريين في غنائها، فاستقرّ الوضع على نوع من الغناء التقليدي، أقرب لفنّ التواشيح الدينية التي تنشدها الجوقات الصوفية في الموالد الشعبية المعروفة.
وجدير بالذكر أنه في القرن الثامن عشر وضع المطران عبد الله القرالي، قصائد وأناشيد باللغة العربية ولحنت للأداء في الكنيسة، كما تم تعريب بعض القصائد السريانية، مثل "أرسل الله" و"سبحان الكلمة"، اللتين لا تزالان معتمدتين حتى اليوم في الكنائس العربية وبين المسيحييين العرب.
التراتيل والترانيم والأنشودات المرتبطة بعيد الميلاد لها عمق تاريخي، وصلة عميقة بأوقات تاريخيّة كانت الديانة المسيحية وأتباعها يتعرّضون فيها للاضطهاد والتنكيل، خاصة في ظل سطوة الدولة الرومانية التي كانت تسيطر على أرض فلسطين والشام ومصر، وكان على رجال الدين المسيحي ودعاته، أن يجدوا أدوات ثقافية وروحية تعمل على تعزيز علاقة المؤمنين بديانتهم الجديدة، وتحمُّل ألم المعاناة، والحض على الصبر.
اقــرأ أيضاً
تختلف مواعيد الاحتفالات بعيد الميلاد لاختلافات تاريخية في التقويم؛ ولكن لا تختلف الترانيم والأناشيد والقصائد الغنائية التي يتغنى بها مسيحيو العالم جميعاً، ما بين الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول وحتى السابع من يناير/ كانون الثاني سنوياً، في أحد أكثر أعياد العالم جماهيرية.
أغاني عيد الميلاد المجيد العربية حظيت بثقل كبير بفضل وديع الصافي، في ستينيات القرن الماضي، إذ قدّم مجموعته التي بدأها بترنيمته: "رعد وشتي/ برق وتلج ورياح/ ع القش طفل صغير جايب هدايا كثير/ حامل بإيده للسما مفتاح". والتي أصبحت من أشهر ما يؤدّى في الكنائس العربية، خاصة في سورية ولبنان وفلسطين والأردن.
كان اللبنانيون هم الأسبق والأكثر إنتاجاً للترانيم الحديثة، إذ ضمَّت قائمة الذين سجلوا ألبومات دينية العديد من كبار المطربين مثل: فيروز وماجدة الرومي وسلوى القطريب وباسكال صقر وسيمون عبيد وعازار حبيب وكارول صقر وفريال حنا وجوزيف أبو مهلب. فيما ضمّت قائمة الملحّنين أمثال إلياس الرحباني وهادي شرارة وغيرهما. ويلاحظ أن كثيراً من تلك الأغاني تُعدّ نسخاً عربيّة مترجمة لأغان غربية الأصل، كأغنية "عيد الليل" لفيروز المقتبسة من أغنية "ليلة صامتة" (Silent Night). وفي التسعينيات، أصدرت فيروز ألبوماً غنائيّاً ضم 14 أغنية وأنشودة عن عيد الميلاد، وألحان الألبوم غربية تم تعريب كلماتها.
وفي ما يتعلق بالجوقات الموسيقية، فقد ظهرت مجموعة من الفرق المسيحية التي تضاهي فرق الإنشاد الديني والموشّحات، مثل جوقة "أغابي" في لبنان و"الفرح" في سورية، وذاعت ألبومات تلك الجوقات، مثل ألبوم "ملك في مذود" وألبوم "بيت لحم". ومن الألبومات التي انتشرت بصفة خاصة بين الروم الكاثوليك في لبنان، ذلك الألبوم الخاص بالقس الماروني منصور لبكي، والذي يتضمَّن أنشودات ليلة الميلاد، وبـ"ضيعة زغيرة منسية"، و"ضوي بليالي سعيدة".
من الواضح، أيضاً، تراجع الكنيسة المصرية فنيّاً عن اللحاق بالكنائس الشامية في هذا المضمار الفني، فقد أحجمت الكنيسة عن إنتاج ترانيم جديدة، ولم تقبل على استغلال المطربين المصريين في غنائها، فاستقرّ الوضع على نوع من الغناء التقليدي، أقرب لفنّ التواشيح الدينية التي تنشدها الجوقات الصوفية في الموالد الشعبية المعروفة.
وجدير بالذكر أنه في القرن الثامن عشر وضع المطران عبد الله القرالي، قصائد وأناشيد باللغة العربية ولحنت للأداء في الكنيسة، كما تم تعريب بعض القصائد السريانية، مثل "أرسل الله" و"سبحان الكلمة"، اللتين لا تزالان معتمدتين حتى اليوم في الكنائس العربية وبين المسيحييين العرب.
التراتيل والترانيم والأنشودات المرتبطة بعيد الميلاد لها عمق تاريخي، وصلة عميقة بأوقات تاريخيّة كانت الديانة المسيحية وأتباعها يتعرّضون فيها للاضطهاد والتنكيل، خاصة في ظل سطوة الدولة الرومانية التي كانت تسيطر على أرض فلسطين والشام ومصر، وكان على رجال الدين المسيحي ودعاته، أن يجدوا أدوات ثقافية وروحية تعمل على تعزيز علاقة المؤمنين بديانتهم الجديدة، وتحمُّل ألم المعاناة، والحض على الصبر.