تحلّ رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، كأول مسؤول أجنبي يستقبله الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، في البيت الأبيض منذ انتخابه، اليوم الجمعة، وذلك غداة دعوتها إياه للتعاون "بحذر" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي من المتوقع أن يهاتف بدوره نظيره في واشنطن، لأول مرة منذ تنصيبه، يوم غد السبت.
ويستقبل ترامب، اليوم، رئيسة وزراء بريطانيا للتباحث في العلاقات التجارية بعد خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، لإعطاء دفع مختلف للعلاقة "الخاصة" بين البلدين.
وتدرك ماي أنّ حلفاء واشنطن سيراقبون أقوالها وأفعالها عن كثب، بينما يدرسون كيفية التعامل مع الرئيس الجديد الذي رفع منذ وصوله إلى السلطة، شعار "أميركا أولاً".
ويبدو أنّ الدبلوماسية الأميركية تدخل عهداً مختلفاً تماماً يشوبه الغموض، كما يتبين من الأسبوع الأول الذي اتسم بالتوتر والفوضى، لا سيما حول مشروع تشييد جدار على الحدود مع المكسيك.
ومن المفترض أن يعقد ترامب وماي، مؤتمراً صحافياً مشتركاً، هو الأول للرئيس الأميركي منذ تنصيبه قبل أسبوع.
ورغم أنّ القواسم المشتركة قليلة بين ترامب والمحافظة ماي، إلا أنّها قالت على متن الطائرة التي أقّلتها إلى الولايات المتحدة، وفق ما أوردت "فرانس برس"، إنّه "في بعض الأحيان تتجاذب الأضداد".
وأثار قرار ماي التوجّه إلى واشنطن بعد أيام فقط على أداء ترامب اليمين الدستورية، جدلاً في بريطانيا، حيث لا تزال تصريحاته حول المسلمين والنساء والتعذيب موضوع استنكار شديد.
وتأمل بريطانيا في انطلاقة سريعة للمفاوضات، من أجل توقيع اتفاق تجاري جديد مع واشنطن، لكن هامش المناورة الذي تتمتع به ضيق ما لم تخرج تماماً من الاتحاد الأوروبي. وذكرت المفوضية الأوروبية أنّ بريطانيا يمكنها "التباحث" في اتفاق محتمل للتبادل الحر مع دولة ثالثة، لكن ليس "التفاوض" طالما لا تزال عضواً في الاتحاد الأوروبي.
وقال ترامب، أمس الخميس، إنّه "ليس لدي وزير للتجارة بعد" في انتقاد لمعارضيه الديمقراطيين الذين يؤخرون تثبيت مرشحه لهذا المنصب ويلبور روس، أمام مجلس الشيوخ. وأضاف ترامب أنّ البريطانيين "يريدون التباحث في التبادل الحر. سأتولى الأمر بنفسي ليس هناك مشكلة".
وعشية لقائها مع ترامب، شددت ماي، في كلمة أمام النواب الجمهوريين في فيلادلفيا، على أهمية المؤسسات الدولية، منها الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي تعرّضت لانتقادات متكرّرة من الرئيس الأميركي.
وأكدت ماي أنّ "الأمم المتحدة بحاجة إلى الإصلاح، ولكنهّا لا تزال حيوية"، خصوصاً في مجالي "مكافحة الإرهاب" والتغيّر المناخي، مدافعة في الوقت نفسه عن دور البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والأهمية الحاسمة لحلف شمال الأطلسي "ركيزة الدفاع الغربية". إلا أنّها حذّرت الولايات المتحدة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي أعرب ترامب عن رغبته بالتقارب معه.
وقالت ماي "عندما نتحدث عن روسيا، فمن الحكمة أن نتخذ مثالاً الرئيس (رونالد) ريغان الذي، خلال مفاوضاته مع نظيره الروسي ميخائيل غورباتشوف، اعتاد على اتباع قاعدة (ثق ولكن تحقق)"، وأضافت "مع الرئيس بوتين، نصيحتي هي (تعاون ولكن بحذر)". ولاقت المسؤولة المحافظة حفاوة كبيرة عندما وعدت بالحفاظ على "علاقة خاصة" بين البلدين.
وسيكون المؤتمر الصحافي مع ماي في البيت الأبيض، محطة مهمة للرئيس الجديد الذي يستخدم "تويتر" بشكل يومي لكنه لم يعقد سوى مؤتمر صحافي واحد، في الأشهر الستة الأخيرة، كان في 11 يناير/ كانون الثاني، في بهو برج ترامب في نيويورك، وتعرّض خلاله بشدة لوسائل الإعلام.
وتوازياً مع لقاء ماي وترامب، توقع الكرملين أن يجري بوتين والرئيس الأميركي، مكالمة هاتفية غداً السبت، في أول اتصال بينهما منذ تنصيب الأخير، وفق ما أوردت "رويترز".
وبينما ينتظر الكرملين والبيت الأبيض، شكلاً جديداً للعلاقات التي شابها التوتر في عهد الإدارة الأميركية السابقة، ستحظى المكالمة باهتمام من جانب منتقدي ترامب، بعد اتهام وكالات مخابرات أميركية، أجهزة أمنية روسية بالتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، اليوم الجمعة، رداً على سؤال من وكالات الأنباء الروسية عما إذا كانت المكالمة ستجري غداً "نعم" لكنّه لم يدل بمزيد من التفاصيل.
وخلال الحملة الانتخابية، تبادل ترامب وبوتين الثناء على الصفات الشخصية لكل منهما، وعبّرا عن أملهما في إعادة إطلاق العلاقات بين البلدين.
وفي السياق، قال مصدر مطلع لـ"رويترز"، اليوم الجمعة، إنّ من المرجّح أن تتحدث المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هاتفياً مع ترامب، غداً السبت، متوقعاً أن تركز المحادثة على روسيا.
ولم يذكر المصدر إن كان ترامب سيتحدّث مع ميركل عن رفع العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا، ردّاً على تدخلها في أوكرانيا، كما لمحت تقارير صدرت في الولايات المتحدة خلال الليل. لكنّ المصدر أوضح أنّه إذا اتخذت هذه الخطوة فإنّ الاتحاد الأوروبي لن يحذو بالضرورة حذو واشنطن، لأنّ العقوبات لا تزال مرتبطة بتطبيق اتفاق مينسك للسلام.