135 مهاجرا مكسيكيا أبعدوا نهاية فبراير/شباط الماضي من أميركا، يضافون إلى مئات آخرين يرحّلون يوميا إلى بلادهم الأم، مخلفين وراءهم أسرهم، وتاركين وظائفهم ومصدر رزقهم. ويأتي قرار ترحيلهم القسري بعد عقود عاشوها في الولايات المتحدة، بعضهم لم يزر المكسيك يوما، ومنهم من لا يتكلم اللغة الإسبانية.
وأوضحت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس الجمعة، أن المرحلين وصلوا يوم 27 فبراير/شباط إلى مطار مكسيكو سيتي، واستقبلتهم سلطات أمن المطار، وسلمتهم بطاقات الهوية المكسيكية، ثم حولتهم إلى الخدمات الاجتماعية في العاصمة.
المهاجرون الذين أمضوا نحو 20 عاما على الأقل في الولايات المتحدة قبل توقيفهم على مدى أسابيع وترحيلهم، وصلوا إلى بلادهم التي انحدروا منها يملؤهم الخوف والقلق من ندرة فرص العمل في المكسيك، البلد الذي يعاني من أسوأ أزمة تضخم منذ سنوات عدة.
وتنتظر المكسيك بعد بدء الإدارة الأميركية الخطوات التنفيذية في إطار ملف ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وصول أعداد كبيرة من المرحلين قسرا من أميركا، جنبا إلى جنب مع تدفق موجة من العائدين طوعا إلى بلدهم، وسط تراجع الآمال في حصول هؤلاء على إقامات شرعية ووثائق تثبت أقدامهم في الولايات المتحدة قانونيا.
الرحلات الجوية التي تنقل المهاجرين المبعدين إلى المكسيك ارتفعت إلى ثلاث أسبوعيا منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة في يناير/كانون الثاني الماضي، بدلا من رحلتين في عهد الرئيس باراك أوباما. وتشمل قوائم المبعدين المجرمين المدانين، وكذلك أصحاب السجلات الجنائية النظيفة.
— Anton Sorkin ن (@gortnacul_house) February 22, 2017 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وأعلن ترامب الذي جعل من ترحيل المهاجرين أحد أبرز عناوين حملته الانتخابية، أن المهاجرين غير الشرعيين يهددون أمن البلاد وينافسون الأميركيين على الوظائف. كما صرح للصحافيين خلال مأدبة غداء خاصة عن استعداده لإجراء إصلاح شامل للهجرة يتضمن الوضع القانوني لأولئك الذين لم يرتكبوا جرائم، إلا أنه لم يشر إلى تلك الخطة أمام الكونغرس في جلسة يوم الثلاثاء الماضي، بل أكد على مبادرات الترحيل.
— ABC Religion&Ethics (@ABCReligion) February 27, 2017 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وزيرة العمل المكسيكية، أماليا غارسيا، أشارت إلى أن نحو 500 مكسيكي يصلون إلى البلاد من الولايات المتحدة يوميا، مشيرة إلى أن بعض المرحلين لا يتحدثون اللغة الإسبانية، والتي هي نقطة التواصل الأساسية مع الشخص المبعد. كما لفتت إلى أنهم "يحملون مشاعر المرارة والخجل والأذى".
— YES! Magazine (@yesmagazine) March 4, 2017 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وذكر أحد الاقتصاديين أن معظم العائدين إلى المكسيك سيعانون من انخفاض المداخيل، خصوصا من يعمل منهم في البناء وقطاع صناعة السيارات لأن المنافسة شديدة على الوظائف.
كما بيّن أن الضربة الكبرى وآثارها المدمرة ستصيب الإيرادات التي بلغت نحو 25 مليار دولار العام الماضي من تحويلات المكسيكيين الموجودين في أميركا إلى عائلاتهم وأقاربهم في المكسيك، خصوصا في المناطق الريفية.
ورأى محللون أن المكسيكيين العائدين مع خبرات عملية، ولغة إنكليزية متقنة يطورون سوق العمل على المدى الطويل، ويحسنون مستوى المكسيك في سلم الاقتصاد العالمي. كما تعول الحكومة المكسيكيين على هؤلاء للاستفادة من خبراتهم وإمكاناتهم، كما تستبعد في الوقت نفسه محاولتهم العودة مجددا إلى أميركا، ومحاولتهم عبور الحدود، خصوصا مع عزم ترامب على بناء الجدار الفاصل بين البلدين.
وإن كان احتمال أن يخوض بعضهم مغامرة العودة إلى أميركا بعد الترحيل ضعيفا، فإن أنريكي كاستيلو (47 عاما) يوضح أنه عازم على العودة إلى زوجته وأبنائه الأربعة وحفيديه في شيكاغو، والتي عاش فيها 20 عاما. وألقي القبض على كاستيلو عندما طرق مسؤولون من مكتب الهجرة بابه باحثين عن ابنه الذي كان من المقرر ترحيله، لكنه لم يكن موجودا في البيت، فألقوا القبض على كاستيلو ورحلوه.
وأطلقت الحكومة المكسيكية عام 2014 برنامجا اتحاديا بعنوان Somos Mexicanos أو "نحن مكسيكيون"، يهدف إلى مساعدة المهاجرين العائدين على العثور على وظائف، وبدء أعمال تجارية، وسبل التعامل مع الصدمات العاطفية التي تلقوها بعد إبعادهم قسرا عن عائلاتهم التي بقيت في الولايات المتحدة، كما يساعدهم على التنقل وحتى إلحاق العائلات بهم في المكسيك.
ولكن البرنامج الاتحادي لن يكون قادرا على توفير الدعم لعشرات آلاف القادمين، وهو العدد المتوقع للمهاجرين العائدين إلى المكسيك خلال السنوات المقبلة.
(العربي الجديد)