ترامب يتوسّط لمصالحة ستيف بانون وجاريد كوشنر

12 ابريل 2017
لا يزال كوشنر هو الأقوى (تيموثي كلاري/فرانس برس)
+ الخط -
يبذل الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهده لإنهاء الصراع بين أقوى رجلين في إدارته: صهره المقرب جداً منه، جاريد كوشنر، وكبير الاستراتيجيين في الإدارة، ستيف بانون، اللذين تدور بينهما معركة طاحنة لفرض النفوذ في البيت الأبيض. للحظات قصيرة، صباح الاثنين، بدا وكأن موظفي البيت الأبيض يستمتعون بوقتهم بعدما ساد الابتسام والتربيت على الكتف وحل محل التوتر والفوضى والإرهاق الذي عانت منه إدارة ترامب طوال الأيام الثمانين الماضية. وتجوّل عدد من كبار مساعدي الرئيس - ومن بينهم راينس بريباس وستيف بانون وشون سبايسر وكيليان كوناي - في أرجاء حديقة الورود في البيت الأبيض بانتظار أداء القسم التاريخي لقاضي المحكمة العليا الذي عينه ترامب، نيل غورستش، فيما كانت فرقة المارينز تعزف ألحاناً موسيقية. وقال ترامب عن انتصاره السياسي الكبير بتعيين غورستش بعد تغيير قواعد التصويت: "لقد سمعت دائماً أن أهم شيء يفعله رئيس الولايات المتحدة هو تعيين أشخاص... وخاصة أشخاصاً عظماء كتعيين قاض في المحكمة العليا الأميركية". وأضاف "لقد فعلتُ ذلك في الأيام المئة الأولى".


لكن خلال هذه الأيام المئة لم تكن الحياة داخل الإدارة الأميركية هادئة. فرغم أن موظفي أية إدارة في البيت الأبيض يشعرون بالتعب والإرهاق، إلا أنه وبعد مرور وقت قصير فقط من وجود إدارة ترامب في الحكم الذي يستمر أربع سنوات، يبدو الموظفون في غاية الإرهاق من الأحداث الدرامية التي شهدها البيت الأبيض وتطلبت عمليات تبديد سوء الفهم الذي يخلفه ترامب بشكل مستمر. وخلال حملة انتخابات الرئاسة العام الماضي، طغى الهدف المشترك لهزيمة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على الخلافات بين أنصار ترامب، بين الجمهوريين المعتدلين والمتشددين ومناصري العولمة والقوميين اليمينيين المتطرفين. ولكن من اليوم الأول في البيت الأبيض اشتبكت هذه الجماعات المختلفة إيديولوجياً في صراعات وتسريبات هددت بوقف عمل الإدارة بأكملها. وقرر ترامب أخيراً أن ما حدث يكفي، وأمر صهره كوشنر ومساعده بانون اللذين أصبحا يمثلان مركزي قوة في البيت الأبيض بتسوية خلافاتهما، بحسب ما ذكر مسؤولون.


وفي اجتماع في وقت لاحق من الأسبوع الماضي، حاول الرجلان التسوية بين موقف بانون القومي وسياساته الشعبوية، ورؤية كوشنر النقيضة. لكن هذا الأمر لن يكون سهلاً، فقد تمكن كل منهما من اكتساب نفوذ هائل داخل البيت الأبيض. فمن خلال موقعه ككبير الاستراتيجيين في الإدارة الجديدة، اكتسب بانون السلطة من خلال المساعدة في تحقيق ترامب لنصره الانتخابي الصادم، لدرجة أنه تفاخر بين أوساطه الخاصة في بداية تولي الإدارة الجديدة الحكم بأنه اختار أعضاء حكومة ترامب بنفسه. 

وانتشرت ملصقات في المناطق التي يهيمن عليها الديمقراطيون في واشنطن تدعو إلى تنحية "الرئيس بانون". وقد حظي بانون كذلك بمقعد في مجلس الأمن القومي الذي يقرر في شؤون الحروب والسلام والسياسة الخارجية، رغم أنه تلقى أخيراً نكسة كبيرة بخسارته موقعه هذا، في مؤشر إلى تعديلات جارية في أعلى هرمية البيت الأبيض بعد بدايات اتسمت بالفوضى.

لكن كوشنر من جهته يتمتع بميزة أنه جزء من عائلة ترامب كونه زوج ابنته إيفانكا. واستفاد من هذه الميزة بتكليفه بقضايا مهمة، من بينها التوصل إلى سلام في الشرق الأوسط وإصلاح الحكومة الفيدرالية. وساهم كوشنر في تولي مقربين منه مناصب في الإدارة، مثل المديرين التنفيذيين السابقين في شركة غولدمان ساكس المالية غاري كوهن ودينا باول. وتزامن صعودهما مع تباطؤ ترامب في تنفيذ بعض وعوده المتعلقة بالتجارة الحمائية، مثل الانسحاب من اتفاق التبادل التجاري الحر في أميركا الشمالية (نافتا)، الذي وصفه الرئيس الأميركي بأنه "كارثة"، إضافة إلى فرض تعرفات جمركية واسعة، ووصفه الصين بأنها تتلاعب بالعملة.

وبالنسبة للعديد من أنصار بانون، فإن رجال كوشنر هم "ديمقراطيون" غزاة في البيت الأبيض الجمهوري، إذ إنهم أحبطوا وعد ترامب بالقتال بضراوة من أجل الطبقة العاملة من البيض. وتزايد الكشف العلني عن الصراع بين بانون وكوشنر في الأسابيع الأخيرة، إذ اتهم أنصار بانون صهر الرئيس بتسريب معلومات تجعل من بانون (63 عاماً) يبدو في صورة سيئة. من ناحية أخرى، فقد شن موقع "بريتبارت" الإخباري اليميني المتطرف، انتقادات حادة ضد كوشنر وأبرز إخفاقه في الابتعاد عن مصالحه في الأعمال وركز على "سجله الضعيف في الدبلوماسية".
(فرانس برس)



المساهمون