من أجل "تجفيف مستنقع الفساد في واشنطن"، هو شعار رفعته الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ومن المفترض أن يبدأ فريق عمله بتطبيقه من الآن فصاعداً، إذا أراد الالتزام بتعهداته. وبالفعل، شرعت اللجنة المكلفة تشكيل الفريق الحكومي للرئيس المنتخب بإلزام المرشحين لشغل وظائف في الإدارة الجديدة، بتوقيع تعهد خطي بعدم انضمامهم إلى أي من مجموعات الضغط واللوبيات الناشطة في العاصمة الأميركية، واشنطن، إلى ما بعد تركهم وظائفهم بخمس سنوات.
لكن محاربة أخطبوط اللوبيات في واشنطن وبؤر الفساد السياسي والبيروقراطية المنتشرة في كافة مفاصل النظام السياسي الأميركي، هي مهمة صعبة إنْ لم تكن مستحيلة. فهناك معوقات تعترض جهود الرئيس المنتخب لتشكيل فريق إدارته، وإرباك وخلافات داخل لجنة المستشارين التي شكلها لاختيار المرشحين للحقائب الوزارية الأساسية ولآلاف الموظفين الفدراليين. وتشكل هذه العوامل مؤشراً على ما ينتظر إدارة ترامب في دهاليز السياسة في واشنطن، في حال أطلقت حربها على الفساد السياسي واللوبيات النافذة، كما وعد ترامب أنصاره الذين أوصلوه إلى البيت الأبيض.
ومن الواضح أن فريق ترامب الذي يقوده صهره، الآتي أيضاً من عالم الأعمال إلى عالم السياسة، يصطدم بسيطرة اللوبيات على كافة مفاصل إدارة البلاد. حتى آليات التوظيف واقتراح المرشحين للمراكز الحكومية محكومة بمفاتيح إدارية مسيّرة بنفوذ اللوبيات. وعند الحديث عن مجموعات الضغط في واشنطن، يتبادر إلى الأذهان مباشرةً، الدور المثير للجدل للوبي اليهودي الذي يعتبر من أقوى اللوبيات في الولايات المتحدة. وينسحب نفوذه القوي على كافة مركز القرار السياسي والاقتصادي الأميركي، من البيت الأبيض إلى الكونغرس.
واعتقلت الأجهزة الأمنية العديد من الأشخاص والمجموعات بتهم الاعتداء أو التخطيط لتنفيذ اعتداءات على شخصيات ومعابد يهودية في أميركا. والأرجح أن حملة الانتقادات الديمقراطية والجمهورية على تعيين بانون في البيت الأبيض، تأتي في هذا السياق، كونها تثير مخاوف من نية مبيتة لدى الرئيس المنتخب لاستهداف الأقلية اليهودية وتأجيج المشاعر المعادية للسامية في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من المخاوف من احتمالات استهداف المسلمين والمهاجرين من بلدان أميركا اللاتينية من قبل المجموعات العنصرية، إلا أن العدو الأكبر لليمين الأميركي المتماهي مع النازية الألمانية، هو اللوبي اليهودي في واشنطن. وتبقى مخاطر المهاجرين اللاتينيين على أمن المجتمع الأميركي أو مخاطر تجنيد المجموعات الإرهابية لعدد قليل جداً من الشبان المسلمين في الولايات المتحدة، أمراً ثانوياً مقارنة بالخطر الأكبر المتمثل بالسيطرة "الأخطبوطية" للوبي اليهود على الثروات الأميركية.