على أبواب موسم الانتخابات الرئاسية، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى تطويع شبكة "فوكس نيوز" المحافظة، كنموذج لقنوات البروباغاندا الحكومية في جمهوريات الموز التي تمجّد القائد وتشيطن خصومه التي منها يخرجُ ابواق السلطة ومنظرو البلاط لدعم النظام الحاكم، عبر التلاعب بالمعلومات لإرضاء أو تخويف أو تجييش القاعدة الشعبية. لكن هذه المعركة بين الرئيس وأكثر القنوات الأميركية شعبية لا يمكن اقتصارها على البعد الإعلامي، بل تأتي في سياق مقاربة القائد الأوحد التي يتّبعها ترامب عبر إحكام السيطرة على مؤسسات بارزة تدور في فلك الجمهوريين والمحافظين.
لا يمكن التقليل من أهمية "فوكس نيوز" في الإعلام الأميركي وفي صناعة ملامح التيار المحافظ الذي أنتج بعد عقود من التراكمات ظاهرة دونالد ترامب. من مفارقات التاريخ كان هذا التحول الرمزي في 21 يوليو/ تموز 2016، حين تزامن قبول ترامب رسمياً ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية مع استقالة الرئيس التنفيذي لـ"فوكس" روجر أيلز نتيجة قضايا تحرش جنسي. المدرسة الإعلامية التي أفرزها أيلز أنهت الصحافة الأميركية الموضوعية التي طبعت القرن العشرين عبر إطلاقه مع إمبراطور الإعلام، روبرت موردخ، قناة "فوكس" عام 1996 عبر الاعتماد على الإثارة وإعلام الرأي بدل الوقائع. كان أيلز بالنسبة للمحافظين أسطورةً في الإعلام السياسي، بحيث لجأ إليه للاستشارة كل الرؤساء الجمهوريين منذ ريتشارد نيكسون، وترك بعد رحيله عام 2017 إرثين يُسجّلان له: تحويل التلفزيون إلى قوة قائمة بحد ذاتها في المجتمع الأميركي وجعل الثقافة الشعبية ميزة الحزب الجمهوري كحالة رافضة للنخبوية الليبرالية. ومن هنا، كان ترامب رئيساً ولهذا يستمر في انتقاد كل محاولات إدارة "فوكس" الجديدة طي صفحة أو إرث أيلز.
بعد تغريدات متتالية هاجم فيها مجمل الإعلام الليبرالي، ختم ترامب بصلب الكلام الذي يريد إيصاله: "فوكس نيوز تتغير بسرعة لكنهم نسوا الأشخاص اللذين أوصلوهم الى هناك". لترامب حلفاء أو أبواق داخل القناة مثل مقدّم البرامج شون هانيتي الذي يتواصل بشكل دوري معه ويروّج لمصالح الإدارة، فيما حرص ترامب على إبلاغ المعنيين بأنّ قراره عدم توجيه ضربة لإيران كان نتيجة استماعه لمقدم البرامج تاكر كارلسون الذي رافق ترامب خلال لقائه أخيراً مع الحاكم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون في المنطقة المنزوعة السلاح على الحدود بين الكوريتين. وترامب اختار مستشاره للأمن القومي جون بولتون لأنه يتابعه بشكل دائم على "فوكس"، فالرئيس مدمن يومي على متابعة القنوات الإخبارية وكيف تغطي أخباره وقراراته بدل قراءة التقارير الاستخبارية والحكومية التي تصل إلى مكتبه.
اقــرأ أيضاً
لكنْ هناك نقاش حول قوة وأثر "فوكس" على الحياة السياسية الأميركية. على سبيل المثال، يتابع حوالي 2.4 مليون أميركي القناة يومياً فيما عدد السكان في الولايات المتحدة حوالي 327 مليونا، أي 0.7 في المائة فقط من نسبة الاميركيين أو حوالي 6 في المائة من الناخبين الجمهوريين المسجّلين. لكن بحسب دراسة لمركز المراجعة الاقتصادية الأميركية أثر "فوكس" بين 4 و6 في المائة فقط على مجمل الناخبين أي ما يكفي لحسم خسارة أو فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. لم يتحالف أي رئيس بهذا القدر مع أي مؤسسة إعلامية واحدة كما تحالف مع "فوكس".
ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها ترامب هذه القناة المحافظة بل فعل الأمر ذاته خلال الحملة الانتخابية عام 2016 حين كانت "فوكس" تغطي منافسيه الجمهوريين أو تنتقد أداءه. بعد ساعات من تغريدات ترامب ضد "فوكس"، ردّت عليه القناة ضمنياً خلال خطاب للرئيس من البيت الأبيض حول إنجازاته البيئية. وما فعله المذيع شيبارد سبيث كان غير مسبوق على القناة حيث دخل على الخط خلال نقل الخطاب على الهواء مباشرة، ليصحح ما قاله الرئيس ويقول إنّ هذه السياسات المطروحة "تم انتقادها على شكل واسع من خبراء البيئة والأكاديميين"، مستنداً إلى مقال نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" أكثر الصحف الأميركية التي تنتقد البيت الأبيض.
هناك معركة داخل "فوكس" بدأت تتبلور مع استلام جيل جديد قيادة القناة، وكان هناك محاولات من داخل "فوكس" للضغط على لاشلان موردخ (نجل روبرت) خلال الأسابيع الماضية للتضييق على البرامج المسائية اليومية التي تروّج للرئيس وسياساته في توقيف المهاجرين واعتقال الأطفال على الحدود مع المكسيك، لا سيما هانيتي وكارلسون ولورا انغراهام ولو دوبس. مع أنّ قوة القناة لا تزال في ذروتها، الجيل الجديد بعد ايلز لا يريد ان يتم تصوير القناة على انها بوق لسياسات ترامب المتشددة، وبالتالي لا يتردد بعض هؤلاء بانتقاد ترامب على الهواء أحياناً بغطاء ضمني من إدارة "فوكس" التي لا تتخذ أيّ إجراءات عقابية ضدهم. كلّ هذه المعارك التي يخوضها ترامب لتعديل التنوع في التيار المحافظ يُعزّز قوة الرئيس على المدى القصير لكن يؤدي إلى انقسامات جذرية داخل الحزب الجمهوري الذي يخسر تدريجياً الأصوات المعتدلة وأصبح بدون قيادات جاهزة لوراثة ترامب في حال خسر ترامب الانتخابات الرئاسية العام المقبل. يزرع ترامب حالياً بذور معارك مفتوحة آتية لا محالة بين الجمهوريين بعد رحيله عن السلطة.
بعد تغريدات متتالية هاجم فيها مجمل الإعلام الليبرالي، ختم ترامب بصلب الكلام الذي يريد إيصاله: "فوكس نيوز تتغير بسرعة لكنهم نسوا الأشخاص اللذين أوصلوهم الى هناك". لترامب حلفاء أو أبواق داخل القناة مثل مقدّم البرامج شون هانيتي الذي يتواصل بشكل دوري معه ويروّج لمصالح الإدارة، فيما حرص ترامب على إبلاغ المعنيين بأنّ قراره عدم توجيه ضربة لإيران كان نتيجة استماعه لمقدم البرامج تاكر كارلسون الذي رافق ترامب خلال لقائه أخيراً مع الحاكم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون في المنطقة المنزوعة السلاح على الحدود بين الكوريتين. وترامب اختار مستشاره للأمن القومي جون بولتون لأنه يتابعه بشكل دائم على "فوكس"، فالرئيس مدمن يومي على متابعة القنوات الإخبارية وكيف تغطي أخباره وقراراته بدل قراءة التقارير الاستخبارية والحكومية التي تصل إلى مكتبه.
ترامب منزعج من أنّ "فوكس" بدأت باستضافة مرشحين من الحزب الديمقراطي على شاشاتها، كما بدأت رئيسة الحزب الديمقراطي السابقة دونا برازيل بالظهور كضيفة مساهمة على شاشة القناة وأنّ هناك مقدمين مخضرمين لا يحوّلون برامجهم إلى منبر لأجندات الرئيس بل ينتقدون أداء إدارته أحياناً مثل الإعلامي كريس والاس. يخشى ترامب من إعطاء "فوكس" نافذة للديمقراطيين ما قد ينعكس سلباً على صورته أمام قاعدته، لا سيما أنّ 56 في المائة من الجمهوريين يتابعون القناة، وهي النسبة ذاتها من الجمهوريين الذين صوتوا لترامب عام 2016.
لكنْ هناك نقاش حول قوة وأثر "فوكس" على الحياة السياسية الأميركية. على سبيل المثال، يتابع حوالي 2.4 مليون أميركي القناة يومياً فيما عدد السكان في الولايات المتحدة حوالي 327 مليونا، أي 0.7 في المائة فقط من نسبة الاميركيين أو حوالي 6 في المائة من الناخبين الجمهوريين المسجّلين. لكن بحسب دراسة لمركز المراجعة الاقتصادية الأميركية أثر "فوكس" بين 4 و6 في المائة فقط على مجمل الناخبين أي ما يكفي لحسم خسارة أو فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. لم يتحالف أي رئيس بهذا القدر مع أي مؤسسة إعلامية واحدة كما تحالف مع "فوكس".
ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها ترامب هذه القناة المحافظة بل فعل الأمر ذاته خلال الحملة الانتخابية عام 2016 حين كانت "فوكس" تغطي منافسيه الجمهوريين أو تنتقد أداءه. بعد ساعات من تغريدات ترامب ضد "فوكس"، ردّت عليه القناة ضمنياً خلال خطاب للرئيس من البيت الأبيض حول إنجازاته البيئية. وما فعله المذيع شيبارد سبيث كان غير مسبوق على القناة حيث دخل على الخط خلال نقل الخطاب على الهواء مباشرة، ليصحح ما قاله الرئيس ويقول إنّ هذه السياسات المطروحة "تم انتقادها على شكل واسع من خبراء البيئة والأكاديميين"، مستنداً إلى مقال نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" أكثر الصحف الأميركية التي تنتقد البيت الأبيض.
هناك معركة داخل "فوكس" بدأت تتبلور مع استلام جيل جديد قيادة القناة، وكان هناك محاولات من داخل "فوكس" للضغط على لاشلان موردخ (نجل روبرت) خلال الأسابيع الماضية للتضييق على البرامج المسائية اليومية التي تروّج للرئيس وسياساته في توقيف المهاجرين واعتقال الأطفال على الحدود مع المكسيك، لا سيما هانيتي وكارلسون ولورا انغراهام ولو دوبس. مع أنّ قوة القناة لا تزال في ذروتها، الجيل الجديد بعد ايلز لا يريد ان يتم تصوير القناة على انها بوق لسياسات ترامب المتشددة، وبالتالي لا يتردد بعض هؤلاء بانتقاد ترامب على الهواء أحياناً بغطاء ضمني من إدارة "فوكس" التي لا تتخذ أيّ إجراءات عقابية ضدهم. كلّ هذه المعارك التي يخوضها ترامب لتعديل التنوع في التيار المحافظ يُعزّز قوة الرئيس على المدى القصير لكن يؤدي إلى انقسامات جذرية داخل الحزب الجمهوري الذي يخسر تدريجياً الأصوات المعتدلة وأصبح بدون قيادات جاهزة لوراثة ترامب في حال خسر ترامب الانتخابات الرئاسية العام المقبل. يزرع ترامب حالياً بذور معارك مفتوحة آتية لا محالة بين الجمهوريين بعد رحيله عن السلطة.