دخل تنظيم "القاعدة" على خط التأثير المباشر في الحملات الانتخابية للرئاسة الأميركية، محاولاً تقديم الدليل على صحة "نبوءة" أطلقها قبل سنوات عن حتمية تصاعد المد العنصري في الغرب ضد المسلمين فقدم، دون قصد، تصديقاً لتوقع لم يمض عليه سوى أسبوعين لمرشحة الرئاسة المحتملة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.
وكانت كلينتون قد هوجمت بشدة من جانب منافسها الجمهوري دونالد ترامب لقولها إن الإرهابيين يستفيدون من تصريحاته ضد المسلمين في تجنيد المزيد من الأتباع. واتهمها ترامب بالكذب لزعمها أن تصريحاته بدأت بالفعل توظف في الخطاب الدعائي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
لكن ما حذرت منه كلينتون لم يتحقق عن طريق داعش وإنما عن طريق تنظيم القاعدة في إصدار وثائقي جديد نشرته مؤسسة الكتائب الإعلامية التابعة لحركة الشباب في الصومال الموالية للقاعدة، تحت عنوان: "الطريق إلى الفردوس 2".
فرغم أن تنظيم داعش كان ولا يزال الموضوع الرئيسي للجدل بين المرشحين إلا أن حملات المتنافسين قوبلت بتجاهل شبه تام من قبله بالمقارنة مع إهمال المرشحين لذكر القاعدة واهتمام القاعدة بهم. وقد اعتبر بعض أنصار كلينتون فيلم القاعدة الوثائقي التحريضي دليلاً على صدق توقعاتها وحسن إدراكها لمخاطر استهداف المسلمين.
أما القاعدة فقد أوردت في التسجيل ذاته مقاطع من خطاب ترامب الداعي لمنع المسلمين من دخول بلاده باعتباره "دليلا على صحة نبوءة القيادي في التنظيم أنور العولقي الذي تنبأ قبل مقتله عام 2012 بتفاقم حدة العداء العنصري ضد مسلمي الغرب". وبدأ الفيلم بالعولقي متحدثاً باللغة الانجليزية بلهجة تحذير تحريضية طالب فيها مسلمي الغرب أن يتعلموا من دروس التاريخ وأن يتأملوا في ما حدث لغيرهم في عهود العبودية، مبدياً اعتقاداً جازماً بأن عصراً مظلماً ينتظرهم في الغرب لا محالة.
اقرأ أيضاً: هل يساعد دونالد ترامب "داعش"؟
ثم جاء ظهور ترامب في الدقيقة الحادية عشرة من التسجيل البالغ مدته 52 دقيقة تقريباً مسبوقاً ومتبوعاً بتنبؤات العولقي. وكرر التسجيل عبارات للعولقي قال فيها: "مثلما كانت أميركا في الماضي أرضا للعبودية والتمييز العرقي ضد ذوي الأصول الأفريقية فإنها ستكون في الغد القريب مرتعا للعنصرية الدينية ومكانا لمعسكرات الاعتقال الكبرى"، مضيفا: "إن الغرب بصورة عامة في نهاية المطاف سوف يتحول بقوة ضد مواطنيه المسلمين".
وعمد معدو الفيلم إلى إبراز الأمثلة من الماضي والحاضر على ما عاناه ويعانيه الأميركيون السود، كما تضمن التسجيل مزاعم عن معاناة المهاجرين الصوماليين في الولايات المتحدة ونداءات استقطابية لهم لمغادرة أرض الهجرة واللحاق بتنظيم القاعدة، وهو ما اعتبرته المرشحة هيلاري كلينتون مسبقا محاولة لتجنيد واستقطاب المزيد من الأتباع. لكنها لم تطرح رأيها في حينه على سبيل التوقع بل قالت إن ترامب أصبح "أفضل من يقوم بالتجنيد لصالح تنظيم الدولة الإسلامية". وردا على ذلك قال ترامب إنها "كاذبة والكل يعلم ذلك"، مضيفا "لا يوجد دليل لدى يدعم اتهامها لي".
وجاء تبادل الاتهامات بين كلينتون وترامب على خلفية دعوة الأخير لمنع دخول المسلمين الأجانب إلى الولايات المتحدة بعد هجوم سان برناردينو بولاية كاليفورنيا في الثاني من الشهر الماضي، والذي أدى إلى سقوط 14 قتيلاً.
وقد أثارت هذه الدعوة انتقادات واسعة النطاق من منافسين جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء. وخلال مناظرة لمرشحين ديمقراطيين قالت كلينتون إن أتباع داعش "يذهبون إلى الناس ويعرضون فيديوهات دونالد ترامب وهو يهين الإسلام والمسلمين من أجل تجنيد مزيد من المتشددين". وعند صدور اتهامات كلينتون لم يكن الجزء الثاني من فيلم الطريق إلى الفردوس قد صدر بعد، كما لم يصدر عن تنظيم داعش حتى الآن أي أشارة صريحة إلى ترامب في المواقع المحسوبة على التنظيم في شبكة الإنترنت.
اقرأ أيضاً: 5 مسلمات رددن برسائل مؤثرة على اتهامهنّ بالإرهاب في2015