تذليل عقبات النووي الإيراني يمرّ عبر واشنطن وموسكو

13 يناير 2015
التأثير الأوروبي بالملف النووي لا يضاهي الأميركي(عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -

استعداداً لاستئناف جولة مفاوضات نووية جديدة بين إيران والدول الست الكبرى الأحد المقبل، بدأت طهران بتكثيف اجتماعاتها الثنائية مع بعض الأطراف المؤثرة على طاولة الحوار النووي، عساها تسرّع من التوصل لحل يرفع عنها العقوبات الاقتصادية ويحقق الانفراج السياسي والاقتصادي للبلاد بعد سنوات من الحظر والعزل.

ودعا المسؤولون الإيرانيون نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف لزيارة طهران، فلبى الأخير الدعوة، واجتمع مع وزير الخارجية الإيرانية ورئيس الوفد النووي المفاوض محمد جواد ظريف أمس الاثنين، ليناقش الطرفان تفاصيل وتطورات المباحثات النووية والموقف الإيراني منها، بحسب ما نقلت المواقع الإيرانية.

بحث ظريف وريابكوف بعض التفاصيل المتعلقة بملفات خلافية ما زالت عالقة على طاولة حوار إيران مع دول مجموعة "5+1"، فضلاً عن طرح توضيحات تتعلق بوجهة النظر الإيرانية حول المقترحات التي قدمت على هذه الطاولة. ولعل أهم الخلافات التي يركز عليها الجميع حالياً تتعلق بنسبة تخصيب اليورانيوم وبآلية إلغاء العقوبات على طهران.

كما يستعد وزير الخارجية الإيراني للسفر إلى جنيف ليلتقي نظيره الأميركي جون كيري يوم الأربعاء. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" عن ظريف قوله إن اجتماعه مع كيري يتعلق بالموضوع النووي وحسب، إذ لن يناقش أي مسائل أخرى في وقت لا يوجد فيه علاقات سياسية ودبلوماسية متبادلة بين طهران وواشنطن حسب تعبيره.

كما أشار ظريف إلى أنه سيقوم بجولة أوروبية بعد لقائه كيري تهدف إلى التقارب مع دول الاتحاد الأوروبي التي تستطيع التأثير إيجاباً على مجموعة "5+1". وفي الوقت الذي سيسافر فيه ظريف إلى دول أوروبية أخرى، سيستكمل وفده المفاوض اجتماعاته مع الوفد الأميركي ليومين، حتى تبدأ بعد ذلك جولة المفاوضات الجديدة على مستوى معاوني وزراء الخارجية. كما سيجتمع الوفد الإيراني مع وفود دول "5+1"كل على حدة، لبحث التفاصيل النووية.

وتسعى كل هذه الاجتماعات إلى تقريب وجهات النظر بين إيران والغرب لتوقيع اتفاق نهائي، عبر اتباع دبلوماسية إيرانية جديدة معتمدة في خطاب الحكومة الحالية التي يترأسها حسن روحاني.
وسبق لظريف إعلانه أنه سيبحث مع كيري في جنيف خلال اجتماعهما الثنائي سبل تسريع التوصل لنتائج حقيقية في المفاوضات النووية، معتبراً أن الولايات المتحدة من الأطراف المؤثرة للغاية على مسار هذه المحادثات، ما يعني أن وزير الخارجية الإيراني سيعمل على الاستفادة من هذا الأمر رغم الانتقادات الموجهة من قبل محافظي الداخل للتفاوض الإيراني مع الولايات المتحدة الأميركية.

أما ما سيستفيده من الجولة الأوروبية فيتعلق بعرض المزيد من التعاون الاقتصادي الإيراني على هذه الدول، ولا سيما أن اتفاق جنيف علّق فرض عقوبات جديدة على البلاد، وسمح بفتح المجال أمام إيران التي تحاول خلال فترة التفاوض أن تحصل على صفقات لجذب رؤوس الأموال الأجنبية للبلاد، تجهيزاً لمرحلة ما بعد الاتفاق.

ورغم أن طهران تدرك جيداً أن التأثير الأوروبي لا يضاهي التأثير الأميركي على طاولة المحادثات، إلا أنها تعلم أن مزيداً من التعاون الاقتصادي يعني مزيداً من الرغبة في تحقيق الاستقرار في العلاقات الغربية مع إيران. كما تعلم طهران أن الترويج للخطاب الدبلوماسي وتغيير سياسة التشدد قد تنفع خلال المرحلة الراهنة وتصبّ لمصلحة المفاوضات النووية.

لكن تواجه طهران بتحديات عديدة على هذا الصعيد، منها الخلاف على آلية إلغاء الحظر حيث تصرّ طهران على تعليق فوري وكامل لكل العقوبات، فيما يرى الغرب ضرورة الإبقاء على بعضها لضمان عدم تطوير أبعاد عسكرية للبرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن إصرار البلاد على إبقاء كل أجهزة الطرد المركزي التي تمتلكها، فيما يرى الطرف المقابل ضرورة تقليصها لضمان عدم تخصيب اليورانيوم.

ولعل الترقب الإسرائيلي لمسار المفاوضات من أهم التحديات التي تقف في وجه الاتفاق النهائي، فواشنطن لن تتخلى عن تل أبيب في سبيل تحقيق انتصار ديمقراطي للإدارة الأميركية رغم الرغبة في الأمر.

ويدرك الإيرانيون هذه العقبة جيداً. تصريحات رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي الأخيرة تصب في هذا السياق، إذ قال إن جولة المفاوضات التي عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في فيينا توصلت إلى حلول منطقية وكان الكل على وشك توقيع اتفاق نووي، إلا أن أمراً فجائياً قد طرأ، حسب قوله.

وتوقع صالحي، خلال حوار مع التلفزيون المحلي الإيراني، أن تكون إسرائيل وراء الأمر، مشيراً إلى أن كيري صرح بأن واشنطن لن تساوم على أمن اسرائيل، ومعتبراً أن هذا الكيان هو الطرف المستفيد من استمرار الأزمة النووية مع إيران ومن استمرار العقوبات، حسب قوله.

وفي المقابلة نفسها، أعلن صالحي عن بعض القرارات والمقترحات الإيرانية التي لم تكن معلنة من قبل، إذ أوضح أن بلاده وافقت طوعاً على إيقاف التخصيب بنسبة عالية فضلاً عن تأكيده أن تسعة آلاف جهاز مركزي فقط هي التي تعمل في البلاد على الرغم من امتلاك إيران لعدد أكبر من الأجهزة. وقال إن الفريق المفاوض قدم مقترحات لتحديد إنتاج مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، إذ إن إيران توافق على إنتاج كيلوغرام واحد فقط أو أقل من البلوتونيوم، بينما قدرة هذا المفاعل تتعدى عشرة كيلوغرامات كل عام. كما أضاف أن بلاده توافق على تعليق جزئي لبعض النشاطات النووية خلال دورة زمنية يوافق عليها الكل بهدف بناء جسر من الثقة بينهم. ولفت صالحي إلى أنّ الخلاف الآن حول مدة هذه الدورة التي يطالب الغرب أن تكون من عشرة إلى عشرين عاماً، بينما ترفض إيران تعليقا طويلا لأنشطتها في الوقت الذي تحتاج فيه لعمل المفاعلات النووية.

المساهمون