يطرح توقيع الولايات المتحدة وتركيا، اتفاق تدريب وتجهيز قوات المعارضة السورية المعتدلة، على الأراضي التركية، تساؤلات عدة حول الفصائل التي سيشملها برنامج التدريب والتجهيز، وطبيعته وأهدافه. وعلى الرغم من إلحاق فصائل المعارضة السورية في حلب، هزيمة كبيرة بقوات النظام السوري أخيراً، فإن غاية برنامج التدريب، تبقى غير واضحة، تحديداً في مسألة اقتصاره على تدريب قوات المعارضة السورية، بهدف تأهيلها لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أو شموله لتأهيلها لقتال النظام السوري. ويُعزّز المسؤولون الأتراك الغموض، في ظلّ تأكيدهم أن "قوات المعارضة تحتاج إلى كفاءة أكبر لقتال قوات النظام السوري"، كما أن المسؤولين الأميركيين، يصرّون على أن "تدريب قوات المعارضة منصبٌّ على مواجهة داعش فقط".
ويبدو أن فصائل المعارضة السورية التي تقاتل قوات النظام السوري و"داعش" في ريف حلب، هي المرشح الاول للاستفادة من برنامج التدريب، الذي سيبدأ الشهر المقبل، نظراً لحصول عدد من مقاتليها على تدريب سابق في القواعد الأميركية في المنطقة.
ويزيد حماية "الجبهة الشامية"، التي تمثل اتحاد أكبر فصائل المعارضة السورية في حلب وريفها، لـ"حركة حزم" من هجوم "جبهة النصرة" عليها، من احتمال شمول برنامج التدريب الجبهة، في ظلّ الثقل الكبير الذي تشكله قواتها، على جبهات قتال قوات النظام السوري في مدينة حلب وريفها، وعلى جبهات قتال "داعش" في ريف حلب الشمالي.
على الجانب الآخر من ريف حلب، تبدو فصائل المعارضة السورية التي تقاتل "داعش"، بدعم بري من قوات "حماية الشعب" الكردية، وآخر جوي من طيران "التحالف الدولي"، مرشحة قوية للاستفادة من برنامج التدريب والتجهيز الجديد.
اقرأ أيضاً: اتفاق تدريب المعارضة السورية يطوي خلافات أنقرة وواشنطن
اقرأ أيضاً: تركيا: المعارضة السورية المقرّر تدريبها ستقاتل "داعش" والنظام
وما يزيد من إمكانية انخراط هذه الفصائل في برنامج التدريب، هو تمكنها من دخول مناطق في محافظة الرقة، بعد سيطرتها على أجزاء كبيرة من بلدة عين العرب وريفها. وأكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، تمكن قوات المعارضة السورية من السيطرة على 19 بلدة وقرية في ريف الرقة الشمالي، في الوقت الذي تتواصل فيه ضربات التحالف الدولي الجوية لقوات "داعش" في المنطقة.
ويقاتل في المنطقة الممتدة في ريف حلب الشرقي وريف الرقة الشمالي، فصائل عدة تابعة لـ"الجيش السوري الحر"، ويأتي على رأسها "لواء ثوار الرقة"، وهو أحد أكبر تشكيلات قوات المعارضة السورية في مدينة الرقة، الذي اضطر للانسحاب منها بعد سيطرة التنظيم على المدينة، مطلع العام الماضي.
ويقاتل في المنطقة أيضاً كتائب "شمس الشمال" التابعة لـ"ألوية فجر الحرية"، وهي مجموعة كتائب ينحدر عناصرها من بلدات ومدن ريف حلب الشرقي، الذي يسيطر عليه "داعش"، و"لواء جبهة الأكراد" وهو تشكيل منفصل عن "قوات حماية الشعب" الكردية، ينحدر معظم عناصره من مناطق ريف حلب الشرقي، أيضاً.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، جون كيربي، في مؤتمر صحفي عقده يوم الخميس، أن "البنتاغون اختار 1200 مقاتل من المعارضة السورية، المسموح لهم الخضوع للتدريب ضمن برنامج لتشكيل قوة تتولى قتال داعش". ولفت إلى أنه "سيتم التحقق من المعارضين أولاً"، في إشارة منه إلى "موضوع التأكد من عدم انتماء العناصر إلى فصائل مدرجة على قوائم محاربة الإرهاب الأميركية".
وذكر أن "المرحلة الأولى من عملية تدريب مقاتلي المعارضة السورية، ستُركّز على أساسيات القتال فقط، من دون أن تشمل تدريب عناصر قوات المعارضة، على مهمة الإرشاد الأرضي لطيران التحالف الدولي". وعلل ذلك بأن "مهمة الإرشاد من الأرض صعبة، وتتطلب مهارات عالية، لأنها تتضمن التواصل مع الطائرات لتحديد أماكن الأهداف".
ولم يقفل كيربي الباب في موضوع "الارشاد الأرضي"، إذ لم يستبعد احتمال تغيير وزارة الدفاع الاميركية رؤيتها لاحقاً، إذا وجدت أنه "من المفيد أن تكون لدى مقاتلي قوات المعارضة السورية، القدرة على المساعدة في تعيين الأهداف من الأرض".
وجاءت تصريحات كيربي، بعد يوم واحد من التسريبات التي نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، حول عزم البنتاغون تمكين قوات المعارضة المدربة، من طلب الدعم الجوي، وذلك من خلال تزويد كل فريق مؤلف من أربعة إلى ستة من مقاتلي المعارضة السورية، بشاحنة صغيرة (تويوتا هايلوكس)، يتم تجهيزها بمدفع رشاش ومعدات اتصال وأجهزة تتبع لنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي أس"، مما يمكنهم من طلب الإسناد الجوي من طيران التحالف الدولي.
وليس واضحاً بعد إذا كان برنامج التدريب الجديد، الذي تم الاتفاق على تنفيذه على الأراضي التركية، سيؤدي إلى تشكيل قوة مركزية جديدة من مقاتلي المعارضة، الذين سيتم تدريبهم على الأراضي التركية. ويتحدث المسؤولون الأتراك والأميركيون عن تأهيل قوات المعارضة السورية، لمواجهة "داعش"، من دون التأكيد على تشكيل قوة مركزية جديدة من العناصر المدربين، تضمن عدم تشتتهم، وتتجاوز مشاكل التنسيق والتواصل بينهم.
ومن شأن تشكيل مثل هذه القوة، تصحيح خطأ برنامج التدريب السابق، الذي كان يتضمن تدريب مقاتلي الفصائل المعارضة وعودتهم للقتال في صفوفها، من دون أن يتم تشكيل قوة عسكرية جديدة على الأرض تجمعهم. وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد أوضح أن "المقاتلين الذين سيشملهم التدريب وسيتم تزويدهم، سيقاتلون جماعات تهدد وحدة سورية على الأرض، بما فيها داعش وبعض المنظمات الأخرى، إلى جانب النظام السوري. كل تلك الأطراف تشكل تهديداً للأمن والاستقرار في سورية، وجميعها مستمرة في قتل المدنيين بوحشية".