تدريبات المليشيات العراقية: لمعركة الموصل أو لحرب أهلية؟

09 أكتوبر 2016
تحذيرات من تأثير المعسكرات على التعايش السلمي بالعراق(مكرم غريب/الأناضول)
+ الخط -
مع قرب انطلاق معركة الموصل، وتحرير الأراضي العراقيّة من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش)، بدأت المليشيات بالإعداد لمرحلة جديدة تعقب مرحلة المعارك مع التنظيم. مرحلة ستتسم، وفق التوقعات، بحرب الشوارع، قد يطول أمدها، مع ما تحمله من مخاطر على العراق. ولهذه الغاية، تم فتح معسكرات تدريبية خاصة لتلك المليشيات في بغداد وخارجها، مختصّة بالتدريب على قتال الشوارع وبإشراف مدربين إيرانيين. وهو الأمر الذي أثار المخاوف من الجدوى منها، ومن أثرها على التعايش السلمي في البلد، في وقت لم تستطع فيه الحكومة إخراج مخازن الأسلحة الكبيرة لدى تلك المليشيات من داخل المناطق السكنيّة في العاصمة بغداد.

وأعرب مراقبون عن خشيتهم من خطورة وجود تلك المعسكرات، مؤكدين أنّها تؤشر إلى مرحلة جديدة من مراحل المليشيات، وهي الإعداد لحرب الشوارع، بعد انتهاء معركة الموصل، ذاكرين أنّ تلك المعسكرات تمثل تهديداً للتعايش السلمي وإيذاناً بحرب طويلة في المدن والأحياء بين المليشيات والجهات التي تقف بوجه مخططاتها ومشاريعها الفئوية.

وأكّدت مليشيات "العباس"، وهي أحد فصائل "الحشد"، تلقي عناصرها دورات تدريبية مكثّفة على حرب الشوارع. وأعلنت في بيان أنّ "هذه التدريبات تأتي ضمن إطار الاستعداد للمشاركة في معارك تحرير الحويجة والموصل"، مشيرة إلى أنّ "التدريبات تضمنت تطوير مهارات المقاتلين في حرب الشوارع، والتعامل مع الظروف المناخية الصعبة".

وقال المشرف على فوج مغاوير فرقة "العباس"، أحمد نعمة الصافي في بيان، إنّ "الفوج تلقى تدريبات مكثّفة على أيدي أمهر المدربين في الفرقة، إذ زادت من مهارة مقاتلي الفوج القتالية، وخصوصاً اللياقة البدنية وحرب الشوارع والتدريب على مختلف أنواع الأسلحة". وأوضح أنّ "مناهج التدريب تضمنت كيفية تعامل المقاتلين مع الظروف المناخية الصعبة، من بينها السير في الوحل وعبور الأنهر والسباحة والتمويه واستخدام ساحل الأنهر في المناورات العسكرية".

من جهتها، أعلنت لجنة الأمن والدفاع البرلمانيّة عن رفضها لـ"وجود تلك المعسكرات وتدريب أي جهات غير رسمية على حرب الشوارع وغيرها". وقال عضو اللجنة، محمد الكربولي، لـ"العربي الجديد" إنّ لجنته "لن تقبل بوجود معسكرات كهذه، وستتدخل لإيجاد حل لمنعها، لما لها من تأثير سلبي على المجتمع"، مبيناً أنّ "معركة الموصل يجب أن تكون معركة نظيفة وألا ترتكب فيها الانتهاكات الخطيرة كما ارتكبت في بعض المناطق العراقية، وأنّ الحديث عن حرب الشوارع حديث غير منطقي، ولا يمكن جر الموصل إلى حرب الشوارع، بسبب وجود المدنيين فيها، الأمر الذي تكون له مخاطر وخيمة على المواطنين". وحذّر الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، وديع عبد الواحد، من "خطورة هذه المعسكرات على أمن المدن". وأشار إلى "أهمية الحفاظ على السلم المجتمعي في البلاد، وعدم جرها إلى الصراعات الداخلية".

وفي سياق متصل، حذّر الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة، صبري عبد الواحد، من "خطورة وجود تلك المعسكرات وتأثيرها على التعايش السلمي في البلاد". وقال خلال حديثه مع "العربي الجديد" إنّ "وجود هذه المعسكرات يؤشّر إلى بدء المليشيات بمرحلة جديدة وهي الإعداد للجبهات الداخلية بعد تحرير الموصل وانتهاء الجبهات مع داعش"، مضيفاً "لذا فإنّ تلك المليشيات بدأت تعد نفسها لتلك المرحلة وتستعد لمواجهتها، والوقوف بوجه أي جهة تشكل عائقاً أمام مخططات الحشد"، ومؤكداً أنّ "ذلك يؤشّر إلى وجود خطط لدى المليشيات بالسيطرة على المدن في حال وجود أي قوة أخرى تشكل خطراً عليها". وأشار إلى أنّ "التدريبات لو كانت تهدف إلى محاربة داعش في الموصل لكان الجيش والقوات الأمنيّة أولى بها من المليشيات، لكنّ قادة المليشيات حريصون على تنفيذ أجندات تتطلب أن تكون مليشياتهم الأقوى في الساحة العراقيّة". وحذّر من "خطورة هذه المعسكرات على التعايش السلمي والأمن المجتمعي في البلاد، وخطورة المرحلة المقبلة"، مطالباً الحكومة ورئيسها، حيدر العبادي، بـ"الوقوف بوجه هذه المخططات الخطيرة ومسك الملف الأمني في عموم البلاد، وعدم السماح بإقامة معسكرات تدريبيّة لغير الأجهزة الأمنيّة الرسمية". يشار إلى أنّ تقارير محليّة ودوليّة أكّدت ارتكاب مليشيات "الحشد الشعبي" لجرائم قتل وخطف وتشريد وانتهاكات مختلفة في العديد من مناطق العراق بدوافع طائفيّة، في حين تتجاهل الحكومة كل تلك التقارير وترفض فتح أي تحقيق بها، الأمر الذي يزيد من خطورة تلك المليشيات على أمن البلاد.

المساهمون