تداعيات إرهاب بروكسل ..بلجيكا تخسر57 مليون دولار يوميا

23 مارس 2016
عناصر الأمن تتفحص المتسوقين والمارة في بروكسل (Getty)
+ الخط -
على الرغم من أنه من المبكر حساب الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد البلجيكي بسبب التفجيرات الإرهابية، صباح الاثنين الماضي، وأودت بحياة 36 شخصاً وأكثر من مائة جريح، إلا أنها بالتأكيد ستترك آثاراً على هذا الاقتصاد لا تقل عن الآثار التي خلفها حادث تفجيرات باريس في العام الماضي. 

وحسب تقديرات خبراء اقتصاد غربيين، فإن لسوء الحظ بالنسبة للأعمال التجارية والسياحة وأماكن التسوق فأن تفجيرات بروكسل جاءت قبيل موسم عطلة الربيع، وهو موسم انتعاش مبيعات المحلات التجارية والفنادق والمقاهي التي تشكل عصب الحركة الاستهلاكية في نمو الاقتصاد البلجيكي.
وحسب الاحصائيات الأخيرة الصادرة العام الماضي عن مؤسسة السياحة البلجيكية، فإن حوالي 7.7 ملايين سائح يزورون بلجيكا سنوياً.

ويقدر خبراء أوروبيون أن لا تزيد كلفة هذه التفجيرات بالنسبة للاقتصاد البلجيكي، عن الكلفة التي تكبدها في شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين في أعقاب الحادث الإرهابي في باريس، والمقدرة بحوالي 51.7 مليون يورو "نحو 57.9 مليون دولار" يومياً.


ويذكر أن السلطات البلجيكية قد أغلقت شبكة المواصلات في المدن الكبرى، منذ يوم الاثنين، وربما يستمر الإغلاق حتى نهاية الأسبوع الجاري. وهذا يعني أن الخسائر المباشرة للاقتصاد ربما تفوق مليار دولار، بحساب الكلفة اليومية التي تكبدتها بلجيكا في أعقاب حادث باريس.
ويرى اقتصاديون أن الخسائر المباشرة قد لا تكون كبيرة على الاقتصاد البلجيكي، الذي يبلغ حجمه نحو 531.54 مليار دولار.

في هذا الصدد، يقول الاقتصادي فرانسيس كبيك، من مؤسسة "إي إتش إس": "من المتوقع أن الآثار السلبية المباشرة على الاقتصاد البلجيكي قصيرة الأمد، حيث ستنعكس سلباً على صناعة السياحة والترفيه والمطاعم والمقاهي، خاصة في العاصمة بروكسل وبيرغس".

كما يشير إلى أن عمليات إغلاق شبكة المواصلات أضرت بشكل مباشر بمبيعات المحلات التجارية في بروكسل، ومن المتوقع أن تتواصل تأثيراتها خلال الأسبوعين المقبلين". ولكنه يقول إن الآثار السالبة غير المباشرة ستستمر لمدة طويلة ولا تقتصر على بروكسل وبلجيكا فقط، ولكنها ستشمل باقي مدن اليورو.
ويقول في هذا الصدد، إن هذه التفجيرات ستهز الثقة في عمليات الاستثمار الخارجي في بلجيكا وتوسع الأعمال التجارية في منطقة اليورو.

وعلى ذات النمط، يشير خبراء في حي المال البريطاني إلى التداعيات السالبة لتفجيرات بلجيكا على صناعة المال والاستثمار، بقولهم "المستثمرون في منطقة اليورو باتوا غير واثقين من أن الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات الأوروبية كافية لحماية المدن الكبرى من وقوع عمليات إرهابية".
يذكر أن بلجيكا كانت تتوقع منذ مدة حدوث عمليات إرهابية على أراضيها واستعدت لذلك، ولكن استعداداتها لم تمنع وقوع التفجيرات الإرهابية في مطار بروكسل ومحطة المترو الرئيسية.

ويلاحظ أن أسواق المال استعادت عافيتها بعد فترة قصيرة من وقوع الحادث الإرهابي، عدا الأسهم المرتبطة بصناعة السفر والسياحة وشركات الطيران وأعمال الترفيه.
ويشير خبراء بريطانيون إلى أن من الخسائر المباشرة التي ستتكبدها الأعمال التجارية في بروكسل، ارتفاع نسبة التأمين التي ستقلل من جاذبية بروكسل للأعمال التجارية، وربما تجبر بعض الأعمال التجارية إلى البحث عن مقار غير بروكسل خلال العام الجاري.


وحسب بيانات البنك المركزي البلجيكي، فإن العمليات الإرهابية التي وقعت في باريس وما تلاها من تهديدات لبلجيكا أثرت على الثقة الاستهلاكية في بلجيكا. وتشير بيانات المركزي البلجيكي، المنشورة في شهر مارس/آذار الجاري، إلى أن مؤشر ثقة الأعمال التجارية انخفض إلى "ناقص 3.0 نقطة"، في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكان على رأس القطاعات المتأثرة قطاعات تجارة التجزئة، حيث انخفضت ثقة المستهلكين من "ناقص 3.0 نقطة، في ديسمبر الماضي إلى ناقص 4.0 نقطة في يناير/كانون الثاني". كما انكمش كذلك قطاع الصناعة في ديسمبر بمعدل 4.0%، في ديسمبر الماضي. وهذه المؤشرات أكبر دليل على التداعيات السالبة التي تركها الهجوم الباريسي والتهديدات الإرهابية على الاقتصاد البلجيكي.

وفي لندن، ارتفعت الأسهم الأوروبية، أمس، لتتماسك بعد تسجيل خسائر في الجلسة السابقة عقب الهجمات الدامية التي وقعت في العاصمة البلجيكية بروكسل. وارتفع مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية 0.4%، في حين زاد مؤشر يورو ستوكس للأسهم القيادية في منطقة اليورو 0.6%. وكان مؤشر داكس الألماني فتح مرتفعاً 0.%، في حين صعد مؤشر كاك 40 الفرنسي 0.2%، وبدأ فايننشال تايمز البريطاني التعاملات بدون تغير يذكر.
وعلى صعيد الملاذات الآمنة، هبط الذهب إلى أدنى مستوياته في أسبوع متأثرا بقوة الدولار التي تغلبت على زيادة طفيفة في جاذبية المعدن الثمين كملاذ آمن، بعد الهجمات في العاصمة البلجيكية بروكسل.

وكانت أنباء هجمات بلجيكا قد دعمت الدولار الذي ارتفع أمام اليورو، في إشارة واضحة إلى التحول الاستثماري من منطقة اليورو إلى أميركا. وهذه البيانات التي نشرتها رويترز أمس حول أداء أسواق المال الأوروبية تمنح دليلاً على أن المستثمرين تعافوا سريعاً من صدمة الهجوم الإرهابي وعادوا للتعامل بهدوء في معظم أدوات الاستثمار الأوروبية.

السياحة

تعد السياحة من مصادر الدخل المهمة في بلجيكا، خاصة سياحة التسوق، وتساهم السياحة بنسبة 05% من الناتج المحلي الإجمالي. وتستفيد السياحة في بلجيكا من تدفق السياح على فرنسا، حيث غالباً ما يزور سياح فرنسا بروكسل.

ويعمل حوالي 3.3 %، أو حوالى 142000 من العمال والموظفين في بلجيكا في قطاع السياحة. ويقدر عدد السياح الذين يفدون إلى بلجيكا سنوياً بحوالي 6.7 ملايين سائح.
والعاصمة البلجيكية بروكسل، واحدة من مراكز التسوق الرئيسية في أوروبا، حيث تفد إليها العائلات من فرنسا وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا، خاصة في العطلات القصيرة مثل إجازة الربيع المقبلة والتي ضربت بسبب هذه التفجيرات، حيث ستتفادى معظم العائلات السفر في عطلة الربيع إلى بروكسل.

ويقع جزء كبير من المناطق والمدن السياحية على الساحل في مناطق آردن بروكسل والمدن الفلمنكية من بروج، وغنت، أنتويرب، لوفين وميشيلين. والمدن الفلمنكية تجذب الكثير من السياح.
وتحتل بلجيكا المرتبة 21 في مؤشر السفر والقدرة التنافسية للسياحة في تصنيفات المنتدى الاقتصادي العالمي. وتجلب السياحة لبلجيكا دخلاً سنوياً يقدر بحوالي 10 مليارات دولار.

شوارع التسوق في بروكسل

من المتوقع أن تفقد شوارع التسوق الرئيسية في بروكسل رواجها في موسم الربيع، خاصة شوارع بورت لويز وأندرلخت، وهي من أرقى شوارع بروكسل، حيث تكثر فيها المحلات الشهيرة والمراكز وكذلك المطاعم والمقاهي، وشارع توازون دوغ الذي يقطع شارع افنيو لويس وتكثر فيه المراكز التجارية والمحلات الراقية. وكذلك شارع نيو ستريت، أو كما يطلق عليه العرب "سيتي دو"، نسبة إلى أحد المحلات التجارية في بداية الشارع وسوق سيتي دو وفي آخره يقع فندق الشيراتون.

وبالتأكيد، فإن هذه المحلات التجارية الشهيرة ستفقد زبائنها خلال الأسبوع المقبل، وربما خلال فترة إجازات الربيع بأكملها.
ورغم أن بلجيكا دولة صغيرة المساحة، وتغلب عليها المظاهر السهلية، إلا أنها تتمتع بمناطق سياحية خلابة وسهول زراعية. ولقد اقتطع السكان قسماً من البحر في توسعهم الزراعي على حساب السواحل. وتنقسم أرضها إلى سهل الفلاندر ويشغل القسم الشمالي الغربي من البلاد، ويمتد على نطاق مستنقعي بينه وبين البحر، وهذا السهل يمثل مجال التوسع على حساب البحر، ويليه سهل الكامبين بمحاذاة هولندا، وهو رملي حصوي، ثم السهل الأوسط وهو سلسلة من الهضاب المنخفضة، وتشقه مجموعة من روافد نهر السخيلد، ويعد من أغنى أراضي بلجيكا الزراعية، وأكثرها سكاناً.



اقرأ أيضا: فوضى في وسائل النقل بأوروبا بعد اعتداءات بروكسل
المساهمون