الاستيلاء على أملاك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس: هل تتضرّر العلاقات الإسرائيلية الروسية؟
وقالت الصحيفة إن قيام جمعية "عطيرت كوهنيم" بالاستيلاء على عقارين في باب الخليل من البلدة القديمة، وهما فندق البتراء وامبريال، والعقار الثالث هو بيت المعظمية في حي باب حطة الملاصق للمسجد الأقصى، مع ما رافق ذلك من عملية دفع رشاوى لمدير فندق البتراء، تيد بلومفيلد، على مدار سنوات طويلة، وإقرار المحكمة الإسرائيلية العليا، وقبلها اللوائية، بإقرار الصفقات المذكورة، من شأن كل ذلك أن يضر بالعلاقات المستقبلية بين إسرائيل وروسيا (التي تعتبر نفسها راعية للكنيسة الأرثوذكسية)، وعدد من الدول الأوروبية المسيحية الأخرى.
وكشفت الصحيفة أن رئيس مجلس الأمن القومي السابق، الجنرال احتياط غيورا أيلاند، حذر من أن إخلاء السكان الفلسطينيين من هذه العقارات قد يؤدي إلى "أزمة بين إسرائيل والعالم المسيحي، وهو ما قد ينعكس أيضا على العلاقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وأشارت الصحيفة إلى أن البطريركية تنفي إبرام الصفقة، التي تمت عام 2005، وتقول إن هذه الصفقات رافقتها عمليات رشاوى، وهي ادعاءات رفضتها المحكمة اللوائية الإسرائيلية والمحكمة الإسرائيلية العليا، اللتان أقرتا أخيرا (المحكمة اللوائية في القدس عام 2017، والمحكمة العليا في يونيو/ حزيران الماضي) الصفقة، وحكمتا بملكية الجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهنيم" لهذه العقارات وصحة صفقة البيع.
وأعلنت الجمعية الاستيطانية ذاتها أنها تعتزم تطبيق قرار المحكمة والمطالبة بإخلاء السكان الفلسطينيين من هذه العقارات، بالرغم من كونهم مستأجرين محميين، بهدف إحلال عائلات يهودية مكانهم.
ولفتت الصحيفة إلى أنها كانت كشفت، في عددها الجمعة الماضي، عن عملية الرشاوى التي دفعتها الجمعية المذكورة لمدير فندق البتراء على مر السنين، والأموال التي تلقاها من أجل ضمان إقرار صفقة البيع.
وأكد تيد بلومفيلد أنه يملك تسجيلات تثبت النشاط غير القانوني للجمعية.
وقالت الصحيفة إن البطريركية اليونانية تعتزم، في ضوء هذه المعلومات، تقديم التماس جديد للمحكمة اللوائية لطلب إلغاء الصفقة.
ووفقا لـ"يديعوت أحرونوت"، يقترح الجنرال احتياط غيورا أيلاند على مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تأجيل إخلاء السكان الفلسطينيين إلى حين اتضاح المعلومات الجديدة، معتبرا أن "النزاع المشحون حول أملاك الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية قد يثير ضد إسرائيل غضب دول مسيحية ومنظمات مسيحية ذات طابع مؤيد لإسرائيل".
ويضيف أيلاند أن المسيحية الأرثوذكسية هي الديانة السائدة في روسيا، و"المس بمؤسسات الكنيسة وبالرعية الأرثوذكسية قد يغضب فلاديمير بوتين، ولا يساعد العلاقات بين إسرائيل وروسيا".
ولفت المتحدث ذاته، في هذا السياق، إلى أن الحكومات الإسرائيلية أرجأت تنفيذ قرارات حكم قضائية لأسباب واعتبارات دبلوماسية، كما في إخلاء بؤر استيطانية لليمين، أو في إخلاء التجمع الفلسطيني خان الأحمر، شمال شرقي القدس المحتلة.
وأشارت الصحيفة، في سياق متصل، إلى مسألة مئات الدونمات من الأراضي التابعة للكنيسة اليونانية الأرثوذكسية في الشطر الغربي المحتل من القدس، بخاصة في حيي "رحافيا وطالبية"، والتي تم تأجيرها في مطلع الخمسينيات لما يسمى بمديرية أراضي إسرائيل لمدة 99 عاما، ويقترب موعد انتهاء عقد التأجير، علما بأنه تمت إقامة مئات العمارات السكنية على هذه الأراضي، مما يعني احتمال أن "يفقد مئات الإسرائيليين بيوتهم".
وبحسب رسالة غيورا أيلاند، فإن "لدولة إسرائيل مصلحة بألا يتم بيع هذه البيوت لشركات أجنبية، كما أن مصلحتنا الواضحة تقضي بالمحافظة على علاقة جيدة مع الكنيسة". ونقلت الصحيفة أيضا، أن بحث الموضوع في مجلس الأمن القومي يأتي أيضا بناء على طلب من وزارتي الخارجية والأمن الداخلي لتقييم الأبعاد السياسية لهذه القضية.
في المقابل، رفضت الجمعية الاستيطانية الرد على أسئلة وجهتها لها الصحيفة. وتعتبر جمعية
"عطيرت كوهنيم" رأس الحربة في عمليات الاستيلاء على عقارات وأملاك فلسطينية في البلدة القديمة من القدس المحتلة، بهدف تهويدها، كما أنها تحظى بدعم حكومي واضح في نشاطها، بما في ذلك اعتمادها من قبل حكومة الاحتلال لإدارة جملة من المشروعات الاستيطانية الحكومية في القدس المحتلة، وخاصة في حي سلوان، جنوبي المسجد الأقصى، وإدارة ما تسميه دولة الاحتلال "الحديقة التوراتية"، وتعزيز الاستيطان اليهودي داخل حي سلوان، بدعاوى مختلفة، مثل ملكية يهودية لبعض البيوت في سلوان تعود إلى فترة الانتداب البريطاني على فلسطين.
كما تدير الجمعية جملة من المدارس الدينية المتطرفة في داخل أسوار البلدة القديمة، مثل مدرسة "عطيرت كوهنيم" في عقبة الخالدية، ومراكز استيطانية أخرى، في أنحاء مختلفة داخل البلدة القديمة للقدس المحتلة.