تخوف من الفصائل المسلحة في ليبيا بعد معركة سرت

25 اغسطس 2016
تسعى المجموعات للحصول على مكاسب (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -


ما إن قاربت معركة سرت على الانتهاء، حتى طفت إلى السطح أسئلة عن مصير القوات التي تقاتل تحت لواء المجلس الرئاسي الليبي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سرت، شرق البلاد.
ويعتبر مراقبون للشأن الليبي أنّ عملية تحرير المدينة من قبضة داعش، وبدلاً من أن تعزّز شرعية المجلس الرئاسي بدعم موقفه المحلي قبل الدولي، يبدو أنها ستفتح الباب على مزيد من الصعوبات أمام حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج.
ومنذ انطلاق عملية "البنيان المرصوص" برعاية المجلس الرئاسي في أيار/ مايو الماضي، اعتمد المجلس بشكل أساسي على المجموعات المسلحة التابعة لمصراته، والتي دفعت ثمناً باهظاً في المعارك حتى الآن.
ومن الطبيعي أن تسعى المجموعات إلى استثمار هذه التضحية في الحصول على مكاسب إضافية، خصوصاً في العاصمة طرابلس التي تتواجد فيها مليشيات أخرى، ما يجعل المجلس الرئاسي ربما رهينة صراع جديد في طرابلس بين المليشيات المنتشرة فيها.

وإن حققت المعركة ضد داعش في سرت مكسباً يعزز الدعم الدولي للمجلس، إلا أنّ نتائجها على الصعيد المحلي ستكون عكسية ربما، حيث قد تقوض طموحات المجلس في أن يقود رئاسة موحدة لكل الليبيين.
ويرفض عدد من المليشيات المسلحة الانضواء تحت شرعية مسمى "القائد الأعلى للجيش"، أي الصفة التي منحها الاتفاق السياسي للمجلس الرئاسي، باستثناء مصراته التي لن ترضى بأن تكون على قدم المساواة مع غيرها من القوى المسلحة والتي لم تضحي مثلها في سرت.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن الوقت ينفد من المجلس الرئاسي، ولا سيما أن المعركة في سرت انتهت عملياً، ولم تنجح مساعي "الرئاسي" في تأجيل إعلان التحرير ليقوم بخطوة تحفظ وجوده على رأس السلطة، من خلال قبول عدد من الشخصيات الموالية لـخليفة حفتر، الخصم الأقوى له في الشرق، ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة التي يزمع الرئاسي تقديمها للبرلمان خلال الأيام المقبلة.



ومن الواضح أنّ الصعوبات أمام المجلس تتزايد مع تسارع الوقت، فالولايات المتحدة التي وثقت فيه وأرسلت مقاتلاتها التي شنت حتى الآن 81 غارة في سرت، لن تنتظر والمجلس العسكري لمصراته، الذي فقد حتى الآن 400 عنصر من مقاتليه بالإضافة لأكثر من 1400 جريح، خطوات الرئاسي السياسية التي جاءت متأخرة.

ويرى مراقبون أنّ معضلة القادة الليبيين، وخصوصاً المجلس الرئاسي، تكمن في أنّ أعمالهم العسكرية على الأرض لا توازيها خطوات سياسية لدعمها، وكثيراً ما يكون الجانب السياسي متأخراً جداً، ما يفقدهم ثقة داعميهم، مثلما حدث بين حفتر وفرنسا حيث قررت الأخيرة الانسحاب من بنغازي عندما وجدت أنّ داعمي حفتر السياسيين في البرلمان، لا يمتلكون القدرة على التأثير الكبير سياسياً.
وعكست الصدامات العسكرية الأخيرة في العاصمة طرابلس بين مجموعة تابعة للرئاسي يقودها هيثم التاجوري، التي انتزعت السيطرة على مقار عسكرية ومدنية بالعاصمة، وبين مجموعات تابعة لمصراته الصراع المحموم بينهما، ما يطبع شعوراً متزايداً لدى مسلحي طرابلس التابعين للرئاسي بالحظوة الكبيرة التي بات يمتلكها مسلحو مصراته لدى الرئاسي.
ومن جانب آخر، فإنّ التسريبات التي تتحدث عن مساعي الرئاسي في ضم قادة عسكريين موالين لحفتر في تشكيلته الحكومية القادمة، لن تسعف السراج كثيراً، فمقاتلو مصراته يرفضون أي شكل من أشكال التعايش مع حفتر قائد جيش طبرق.
وتطرح معركة سرت إشكاليات جديدة قد تتعارض مع شعارات طالما رددها السراج خلال خطاباته، التي رفض فيها أشكال العنف والصراعات بين الفصائل المسلحة وسعيه لقيادة جيش موحد في ليبيا.