تحويل مصر إلى دولة طوائف

05 نوفمبر 2014
+ الخط -

أنتج التاريخ البشرى لنا نماذج عديدة من دول الطوائف الفاسدة والفاشلة، وها نحن تُفرض علينا تلك الثقافة، لا سيما بعد الانقلاب العسكري الذي قام به جمال عبد الناصر عام 1952، وسار على نهجه أنور السادات والرئيس المخلوع حسني مبارك، وهذا ما رسخ المدرسة الانتهازية، وهذا ما قاله أنور السادات تحديداً "من لم يصبح ثرياً في عهدي، لن يكون غنياً في يوم آخر"، أو كما قال، وأصبح هذا المفهوم القاعدة الأساسية التي تستند عليها الطبقة الطفيلية من السماسرة والمرتشين، وقد اتسعت رقعة الانتهازية بين عصابات الاستغلال المسيطرة على الوظائف الحكومية، فهؤلاء أصبحوا كالمحتلين الأجانب في سياستهم لنهب الشعوب الخاضعة تحت سيطرتهم.
 
الفلسفة السائدة بين هؤلاء أنه مباحٌ لك السرقة ما لم يرك أحد، وليكن القانون غطاءك الذي تستتر خلفه. إذن، النهب مباح، ما لم يتم الإمساك بك، وبهذا كان ضياع العدالة الاجتماعية في مصر، في ظل حسني مبارك، ومن انتهج نهجه من موظفي الدولة، وأصبحت كل فئة منغلقة على نفسها، وأصبحوا يتوارثون المهن والعادات والتقاليد المرتبطة بكل فئة، وظيفية كانت أو طائفية، ومن ثم أصبح من المحظورات تدخل أي فئة في شؤون فئة أخرى، واستشرى الفساد في البر والبحر وكل الفضاء.

نجد على سبيل المثال، وليس الحصر، المهن التي أصبحت حكراً على العاملين بها، والتي لا يسمح لغيرهم، أو غير "جماعتهم"، بدخولها، كالسلك القضائي والجيش والشرطة، وكذلك وزارة الخارجية.

وبهذا، أصبحوا جميعاً طوائف مغلقة وموصدة الأبواب، ومعها أسرارها! وبهذا أصبح الكهنوت لأبنائهم وأحفادهم، وهكذا أصبح أي كاهن لا مناص أن يكون ابن كاهن، ولا يكون الكهنوت إلا لأبناء الكهنة، أو المقربين.

avata
avata
محمد الأسواني (مصر)
محمد الأسواني (مصر)