تحقيقات حريق بغداد أمام العبادي: تورط من داخل المفوضية؟

13 يونيو 2018
آثار حريق بغداد في الرصافة (صباح عرار/ فرانس برس)
+ الخط -



أكد مسؤولون عراقيون في بغداد أن "قسم الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية سلّم مكتب رئيس الوزراء النتائج الخاصة بالتحقيق في حريق مخازن مفوضية الانتخابات، وأظهرت بشكل واضح وجود تورط من داخل المفوضية نفسها في جريمة حرق المخازن"، مؤكدين أن "المتهمين الأربعة الذين تم اعتقالهم ليلة الاثنين هم ثلاثة من أفراد الشرطة وموظف بصفة أمين مخزن، يخضعون للتحقيق في سجن خاص بمقر وزارة الداخلية العراقية نفسها في بغداد، وذلك تجنباً لأي محاولات تهدف للتأثير عليهم من جهات سياسية أو من داخل المفوضية".

ومساء أمس الثلاثاء قال موظف في مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لـ"العربي الجديد"، إن "التحقيق النهائي في حرق مخازن المفوضية وصل إلى مكتب العبادي، ويحمل إشارات واضحة إلى تورّط جهات من داخل المفوضية بعملية الحرق، وهناك تورّط لأفراد أمن ضمن طاقم حماية المخازن بالموضوع". وبيّن أن "التحقيقات ما تزال متواصلة مع المتهمين الأربعة وقد يتم اعتقال آخرين مع استمرار سير التحقيق الحالي بالقضية"، لافتاً إلى أن "المعتقلين يخضعون للتحقيق في مبنى وزارة الداخلية داخل سجن خاص تجنباً للتأثر عليهم"، وحول أسباب إضرام النيران بالمخازن قال "لإخفاء أدلة على التزوير والتلاعب بالنتائج".

وبالتزامن مع وصول القضاة التسعة المكلفين بإدارة مفوضية الانتخابات بدلاً من الأعضاء الذين تم تجميدهم عن العمل ومنعهم من السفر خارج البلاد، إلى مقر المفوضية لإدارتها إضافة إلى فروعها في المحافظات العراقية الأخرى، وفقاً لبيان صدر عن المفوضية، قال رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي مدحت المحمود إن مفوضية الانتخابات طلبت إجراء عاجلاً بإصدار أمر بإيقاف تطبيق التعديل الثالث لقانون الانتخابات، أي إيقاف عمل القضاة المنتدبين التسعة في المفوضية، لحين بت المحكمة الاتحادية العليا بدستورية ذلك القانون.

ووفقاً للمحمود الذي يعتبر من الشخصيات الموالية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فإن "المحكمة ستقوم بما يلزم من إجراءات قانونية لحسم الطعن على عجالة وفق القانون". وحول ذلك قال رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الانتخابات النائب عادل النوري لـ"العربي الجديد"، إن "قرار البرلمان الخاص بتعديل قانون الانتخابات المتضمن إقرار آلية العد والفرز بأن تكون يدوية وليست إلكترونية بات نافذاً"، وذلك ردّاً على تصريحات رئيس المحكمة الاتحادية العليا بالبلاد.

وأوضح النوري أن "القانون دخل حيّز التنفيذ وطبيعة القوانين التي يصدرها البرلمان قابلة للطعون، ولكن أعتقد أن مجلس القضاء باشر عمله استجابة لقرار البرلمان، ونحتاج إلى إجراءات إدارية فقط قبل بدء عملية العد والفرز".



من جهته، اعتبر الخبير القانوني العراقي ‎طارق حرب أن "الحريق ضيّق الأمر سياسياً بالعراق، وبات الموضوع إما إلغاء انتخابات جانب ‎الرصافة من بغداد فقط أو إلغاء الانتخابات كاملة وإجراء انتخابات جديدة ولا بد هنا أيضاً من أن تتم بقانون يلغيها". وتابع في تصريحات نشرها على حسابه الشخصي في موقع "فيسبوك"، أنه "بما أن العدّ والفرز لم يبدآ فهنالك واحد من أمرين لا بد من اتخاذهما. الأول عدم حساب الأصوات في صناديق الرصافة وإبطالها، وهذا من اختصاص المفوضية بإدارتها الجديدة من القضاة. والثاني إعادة الانتخابات بأجمعها، وهذا يتطلب قانوناً، والأمثل هو السير بالطريقتين، أي إبطال صناديق الرصافة في حال صدر قانون إلغاء الانتخابات السابقة وتحديد موعد انتخابات جديدة في نفس تاريخ إجراء انتخابات مجالس المحافظات يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول المقبل".

في غضون ذلك، واصل زعيم "فيلق القدس" قاسم سليماني تحركاته في بغداد لليوم الثالث على التوالي، إلى جانب السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي، مع تشكيل الرجلين لوبي كبيراً داخل الكتل النيابية المختلفة وبدت صلاحياتهما أوسع من أن يحتاجا إلى ترخيص لدخول المنطقة الخضراء المحصّنة ببغداد التي تضمّ مبنى السفارتين الأميركية والبريطانية ومقر قيادة قوات التحالف الدولي إلى جانب مقر رئاسة الجمهورية والوزراء والبرلمان. وشوهد لأكثر من مرة خلال الأيام الماضية موكب مؤلف من عدة سيارات رباعية الدفع سوداء اللون تتنقل من السفارة الإيرانية بحي الصالحية إلى المنطقة الخضراء عبر البوابة المقابلة لمبنى وزارة التخطيط العراقية، برفقة عربات. وتدخل بشكل مباشر من دون الخضوع إلى التفتيش أو الانتظار كما الحال بالنسبة إلى زوار المنطقة الخضراء، بمن فيهم أعضاء البرلمان الذين تخضع مواكبهم للتفتيش بواسطة أجهزة السونار قبل التصريح لها بدخول المنطقة الخضراء.

وقالت مصادر مقرّبة من التحالف الوطني الحاكم بالبلاد إن "سليماني نجح في احتواء أزمة حرق الصناديق بين الكتل السياسية الشيعية ووقف أي تصعيد محتمل بين الكتل، من بينها تصريحات أعضاء الكتل والتلميح والإشارات إلى حادثة حرق الصناديق الانتخابية أو التزوير". وأكدت أن "سليماني التقى للمرة الأولى بممثل عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وممثل آخر عن رئيس الوزراء حيدر العبادي"، مشيراً إلى أن "سليماني يحاول استعجال ولادة كتلة موحّدة لا تقصي الصدر ولا العبادي وبنفس الوقت تعيد إنتاج التحالف الشيعي بشكل مختلف من خلال جذب كتل سنية وكردية إليه. وهو ما زال محل رفض من قبل مقتدى الصدر".
بدوره، قال وزير عراقي بارز لـ"العربي الجديد" إن "كتلاً سياسية باتت تسرّب معلومات خطأ لوسائل إعلام ومواقع ووكالات مختلفة تهدف من خلالها لكسب الوقت لا أكثر"، ووفقاً للوزير فإن "الأزمة لها شق قانوني متعلق بنزاهة الانتخابات نفسها ودستورية إعادتها أو تهذيبها من الدستور وآخر سياسي يتعلق بالتحالفات، وقبل ذلك الأجندة الأميركية والإيرانية التي تحاول كل واحدة أن تفرض نفسها، يرافقها تناحر داخلي سني ـ سني وكردي ــ كردي على الزعامة الداخلية والتمثيل السياسي، لذا يمكن القول إن هذه أخطر أزمة سياسة تمرّ بالعراق منذ عام 2003، وسيناريو الدخول في فراغ دستوري هو المؤكد والحوارات الحالية قد لا تلد حكومة خلال أربعة أشهر من الآن، في أحسن الأحوال".



المساهمون