حذّر تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، من تفشي ظاهرة الاتجار بالنساء والفتيات خاصة السوريات، وكذلك انتشار عمالة الأطفال، مشيراً إلى أن اللاجئات السوريات المسجلات في الأردن والبالغ عددهن 297 ألف امرأة، ويمثلن 45.3 في المائة من اللاجئين السوريين، لديهن احتياجات إنسانية في مجال الحماية، بسبب ارتفاع مخاطر تعرضهن للعنف الجنسي والجسدي والزواج المبكر.
ويناقش الأردن تقريره للاستعراض الدوري الشامل حول حقوق الإنسان في المملكة بجنيف الخميس 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، في الوقت الذي أعدت فيه مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريراً مجمعاً حول الأردن، يتضمن ملاحظات وتوصيات وردت في تقارير هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة، وغيرها من وثائق الأمم المتحدة.
وكشفت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" في بيان أصدرته، اليوم الثلاثاء، الخطوط العريضة للتقرير المجمع حول الأردن، وأوضحت أنه أعرب عن القلق الشديد لتفشي ظاهرة الاتجار بالنساء والفتيات خاصة السوريات، من خلال استدراجهن لممارسة البغاء بوعود كاذبة للزواج أو العيش بحياة أفضل، كما دعا إلى إعادة النظر في تعريف "الاتجار بالبشر" الوارد في قانون منع الاتجار بالبشر لعام 2009، وإلى التحقيق في جميع القضايا خاصة عندما تكون النساء من ضحاياه.
كما أعرب التقرير عن القلق بسبب تنفيذ أحكام إعدام خلال الفترة 2014-2017، وأوصى بأن تقتصر عقوبة الإعدام على أشد الجرائم خطورة كالقتل العمد، على أن ينظر في إعادة وقف العمل بعقوبة الإعدام.
وأشار إلى أنه تم احتجاز 455 امرأة خلال 2018، كان بينهن 179 امرأة أوقفن إدارياً، ومعظمهن غير أردنيات ولا يحملن تصاريح إقامة، وأرسلت جميع النساء المحتجزات إلى مركز إصلاح وتأهيل النساء بالجويدة، إلى جانب غيرهن من النساء المدانات.
وأعرب التقرير وفق "تضامن" عن القلق من قانون منع الجرائم لعام 1954 والذي بموجبه يقوم الحاكم الإداري باحتجاز النساء تحت ذريعة حمايتهن من الخطر أو التهديد، فيما لا توجد أي إجراءات قضائية واضحة بشأن الإفراج عن المحتجزات بهذه الطريقة.
ولم يخف التقرير أيضا المخاوف من استمرار وجود عقبات تحول دون لجوء النساء إلى القضاء، بما في ذلك الوعي المحدود بحقوقهن والحواجز اللغوية للمهاجرات واللاجئات. وأوصى بأن يتم إلغاء نظام الكفالة وتسهيل اللجوء إلى القضاء وتوفير عدد كاف من المآوي لضحايا الإساءة والاستغلال.
وأشار إلى أن النساء الأردنيات ممثلات تمثيلاً ناقصاً في الحياة السياسية، على الرغم من اتباع نظام الكوتا في مجلس النواب الذي ساهم في زيادة تمثيل النساء من 6 مقاعد عام 2003 إلى 15 مقعداً عام 2016.
وطالب التقرير الأردن بإيلاء مزيد من الاهتمام لقضايا الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي والتسول وزرع الأعضاء التي تمس الأردنيين وغير الأردنيين.
كما تطرق إلى الانتشار الواسع لعمالة الأطفال خاصة بين اللاجئين السوريين، واستمرار آلاف الأطفال خاصة الذكور في العمل في تجارة الجملة والتجزئة والزراعة، والفتيات كعاملات منزليات في ظروف قاسية، وحث الأردن على الإسراع في القضاء على عمالة الأطفال.
وتناول التقرير عدم تمكن النساء الأردنيات من نقل الجنسية إلى أبنائهن وأزواجهن على الرغم من تقديم الأردن لعدد من الامتيازات مثل التعليم والصحة.
وأعرب عن القلق البالغ لاستمرار ظروف العمل المؤذية والاستغلالية خاصة للعاملات المنزليات من الأجانب، كعدم دفع الأجور والإيذاء الجسدي واللفظي، والاستغلال الجنسي، حيث أفادت المعلومات الواردة بأن العمال الأجانب ومن بينهم النساء الذين حاولوا إبلاغ الشرطة بما تعرضوا له من إيذاء أعيدوا إلى أصحاب العمل أو سجنوا أو رُحلوا.
ووفقاً للتقرير، فإنّ 44 في المائة من العاملين والعاملات في الأردن يشتغلون في القطاع غير المنظم ولم يتم إدماجهم بعد في آليات الضمان الاجتماعي، وعلى الرغم من وجود العديد من برامج الحماية الاجتماعية التي تتراوح ما بين الإعانات والخدمات الاجتماعية، إلا أنه لا يوجد في الأردن استراتيجية شاملة للحماية الاجتماعية بعد مرور أربع سنوات (2014) على مصادقة الأردن على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 بشأن الضمان الاجتماعي (المعايير الدنيا) لعام 1952.
ولاحظ التقرير تحقيق الأردن لهدف التكافؤ بين الجنسين في التعليم الابتدائي، كما أن معدلات التحاق الإناث بالتعليم الثانوي والعالي أعلى من معدلات الذكور. "ومع ذلك فإن القوالب النمطية التمييزية المتجذرة فيما يتعلق بأدوار ومسؤوليات كل من المرأة والرجل في الأسرة والمجتمع، لا زالت تؤثر بشكل سلبي على فرص تعليم النساء والفتيات". وفقا للتقرير.
وبحسب المصدر نفسه، ازدادت أعداد حالات العنف الأسري التي تعاملت معها إدارة حماية الأسرة بمديرية الأمن العام، حيث سجلت 3649 حالة في عام 2017 مقارنة مع 3528 حالة في عام 2016. وفي هذا المجال فقد أوصى التقرير بتعزيز الإطار القانوني لحماية المرأة من العنف بتعديل المادة 292 من قانون العقوبات لتجريم الاغتصاب الزوجي.
كما أوصى بأن يضع الأردن دون تأخير استراتيجية شاملة لتعديل أو إزالة المواقف القائمة على السلطة الأبوية والقوالب النمطية التي تميز ضد المرأة، واعتماد استراتيجية استباقية شاملة من أجل القضاء على التمييز على أي أساس كان، بحكم القانون والواقع، وضد جميع فئات الأطفال المهمشة أو المحرومة، كون الأردن لا يزال يستخدم تصنيفات تمييزية للأطفال كوصفهم "غير شرعيين" أو " أطفالاً ضحايا للسفاح".
يذكر أن جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، هي جمعية نسوية حقوقية تنموية أردنية غير حكومية وغير ربحية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري تأسست عام 1998.