وانتهت، مساء الثلاثاء، جلسة المحكمة العليا الإسرائيلية في مقرها بالقدس المحتلة، التي التأمت منذ ساعات العصر، بناء على طلب حكومة الاحتلال، للنظر في التماس الإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة في ثلاجات الاحتلال، دون أن تصدر قرارًا نهائيًا بهذا الشأن، في وقت أبلغت فيه المحكمة طرفي القضية بأنها سترسل قرارها عبر البريد إليهما.
وكانت قاعة المحكمة الإسرائيلية شهدت مناوشات ومشادات كلامية حادة بين أهالي الشهداء وعدد من المستوطنين أهالي القتلى الإسرائيليين، بعد أن أطلقت إحدى المستوطنات الشتائم بحق شقيقة الشهيد المقدسي المحتجز جثمانه مصباح أبو مصباح، قبل أن يتدخل حراس المحكمة ورجال الأمن فيها ويخرجوا الطرفين من قاعة المحكمة وسط أجواء مشحونة بالتوتر.
وبالتزامن مع انعقاد المحكمة، شارك العشرات من النشطاء وأهالي الشهداء وشخصيات وقيادات فلسطينية، في وقفة بميدان المنارة وسط مدينة رام الله، كانت دعت لها الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، بالتزامن مع وقفة أخرى أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية في القدس عصر اليوم.
ورفع المشاركون في الوقفة على ميدان المنارة صور الشهداء، ولافتات تطالب باسترداد جثامينهم، فيما رددوا هتافات، منها: "ما نكل وما بنلين.. حتى نعيد الجثامين"، و"جثامين الشهداء.. قضية وحدة وانتماء"، و"حق الشهدا علينا.. ندفنهم بإيدينا".
وتحذر فطوم حسن عبد الواحد، والدة الشهيد براء عطا، من قرية دير أبو مشعل غرب رام الله، من المماطلة في البت بقضية ابنها ورفاقه الشهداء الآخرين، قائلة لـ"العربي الجديد": "نطالب بجثامين أبنائنا، لا نريد أن يكونوا قضية ابتزاز ومساومة، وسأبقى أطالب بجثامين الشهداء حتى آخر يوم في عمري، نحن نريد أبناءنا".
أما مدير مركز القدس للمساعدة القانونية (المؤسسة التي تتابع قضايا احتجاز جثامين الشهداء)، عصام عاروري، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن "انعقاد جلسة المحكمة اليوم، يأتي بعد قرار سابق قبل نحو ستة أشهر، للمحكمة ذاتها، أقرت فيه بأن احتجاز جثامين الشهداء ليس له أي سند قانوني، لكنها منحت حكومة الاحتلال ستة أشهر لشرعنة الاحتجاز".
ويضيف عاروري: "نتوقع أن تعطي المحكمة صلاحية حجز الجثامين للمستوى الأمني الإسرائيلي لإبقاء الجثامين ورقة مساومة، وهي سابقة من الناحية السياسية، وإسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تتاجر بجثامين الشهداء لغرض المبادلات".
ويؤكد أن حكومة الاحتلال تسيء معاملة جثامين الشهداء، "حتى الذين دفنوا في مقابر الأرقام، لم يدفنوا بطريقة لائقة، علاوة على عدم وجود أي مبرر لاحتجاز جثامينهم سوى الانتقام".
ويردف أن ثمة خيارات أخرى مطروحة في حال لم تتم استعادة جثامين الشهداء عبر المحاكم الإسرائيلية، ومن ضمن تلك الخيارات التوجه إلى المحاكم الدولية.
من جانبها، قالت منسقة الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، سلوى حماد، لـ"العربي الجديد"، إن "رد المحكمة غير واضح لغاية الآن، رغم أن جلسة المحكمة هامة وتشكلت لأول مرة من هيئة من سبعة قضاة، لكننا لا نستطيع التكهن، وربما قد تماطل المحكمة في ردها لعدة أيام أو أكثر، ولكن من متابعة المحامين قد يكون هناك تصور لما جرى في تداولات جلسة المحكمة، ونحن لا نتوقع تحديد جلسة أخرى للمحكمة".
بدوره، أكد منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة، عصام بكر، لـ"العربي الجديد"، على ضرورة ممارسة الجهود القانونية وتوسيع الحراك الشعبي وتكامل الدور الرسمي والشعبي للضغط من أجل وقف سياسة احتجاز جثامين الشهداء، مشددا على أن توحيد الجهود القانونية أمر في غاية الأهمية للتصدي لما يمارسه الاحتلال من احتجاز جثامين الشهداء.
ونظرت محكمة العدل العليا الإسرائيلية في القدس، منذ عصر اليوم، في جلسة لها، بقضايا
تسليم جثامين عشرة شهداء، تقدم بها مركز القدس للمساعدة القانونية، لكن الشهداء العشرة ينطبق على قضيتهم ما يتعلق بقضايا احتجاز 26 شهيدًا آخرين لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثامينهم في ثلاجاتها.
والشهداء العشرة الذين من المفترض أن تنظر محكمة العدل العليا في قضية احتجازهم، هم: عبد الحميد أبو سرور، ورامي عورتاني، ومحمد الفقيه، ومحمد الطرايرة، ومصباح أبو صبيح، وفادي القنبر، وبراء عطا، وعادل عنكوش، وأسامة عطا، وأحمد نصر جرار.
ومنذ اندلاع هبة الأقصى في الأول من أكتوبر/تشرين أول 2015، وحتى الآن، احتجزت إسرائيل جثامين 230 شهيدًا في ثلاجاتها عقب استشهادهم، بقي منهم لغاية الآن 26 شهيدًا، بعد أن سلمت غالبيتهم لعائلاتهم.
وفي ما يتعلق بقضية احتجاز جثامين الشهداء في مقابر الأرقام بعد احتلال عام 1967، فإن إسرائيل، بحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، لا تزال تحتجز في مقابر الأرقام التابعة لها 253 جثمانًا لشهداء فلسطينيين، علاوة على وجود 65 فلسطينيًا مفقودًا لا تعرف عائلاتهم هل هم في عداد الأحياء أم الشهداء.