29 يوليو 2016
تحالف الأضداد ينفض قبل تحرير الموصل
أطلق رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، قنبلة جديدة نسف بها كل الاتفاقيات التي أبرمها مع رئيس الحكومة حيدر العبادي، في تقرير مصير الأراضي التي سيطرت عليها قوات البيشمركة.
ليس النهج البراغماتي للبرزاني جديداً عليه، فقد فعلها مراراً في تاريخه السياسي الممتد فترة طويلة، وهو على رأس حزبه الديمقراطي الكردستاني، فلطالما تحالف مع جهات مختلفة نصرةً لأحلامه، بدءاً من تعاونه مع إسرائيل (ورثه عن أبيه مصطفى البرزاني) ثم تعاونه مع إيران ضد الحكومة العراقية في السبعينات إلى تحالفه مع صدام حسين ضد غريمه جلال الطالباني سنة 1996، إلى تحالفه مع الأميركان ضد صدام سنة 2003، ثمّ تحالفه مع الأتراك ضد بغداد، وفي النهاية يفض اتفاقه الأخير مع بغداد في تحديد مصير مدينة الموصل ما بعد داعش، ليتحصّن بتحالفه الجديد القديم مع الأميركان، بهدف الوصول إلى غايته، إنشاء دولته الخاصة به التي ربما ستكون على أربيل ودهوك فقط.
صرّح البرزاني، في أحدث تطوّر سياسي له، أنّه اتفق مع الأميركان بعدم الانسحاب من المناطق التي حرّرتها البيشمركة، والتابعة لمدينة الموصل، والتي تندرج ضمن المادة الدستورية التي تسمّى (المناطق المتنازع عليها) وبذلك يضرب عرض الحائط باتفاقه مع حكومة بغداد، والذي نصّ على انسحاب قواته من تلك المناطق، حال إتمام تحرير الموصل، علماً أنّ العمل العسكري لقوات البيشمركة تراجع، أخيراً، لانشغالها بحفر الخنادق التي ترسم من خلالها الحدود المفترضة لدولتهم الكردية القادمة.
ينفضّ تحالف الأضداد الذي تمّ تشكيله بين كلّ تلك القوى التي لم تتوّحد إلا في عداوتها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وستلعب داعش جيداً على انفضاض هذا التحالف، إذ أفادت المعلومات التي ترد من الموصل بأنّ القوات الحكومية وبعد مرور شهر من المعارك، لم تستطع الاستيلاء سوى على ثلث الجانب الأيسر لمدينة الموصل، ما يعني أنّ القوات الحكومية ستحتاج شهوراً لإكمال مهمتها بالاستيلاء على الموصل بنجاح، وبشرط بقاء زخم المعركة كما هو الآن، والجيش والمليشيات على الروح المعنوية نفسها التي بدأت بها معركتها، وهذا ما نشكّ فيه كثيراً.
يعتبر الكرد أنّ الوقت الحالي هو الفرصة المناسبة لاستكمال متطلبات إعلان الدولة الكردية، برضا بغداد أو عدمه، مستغلين التأييد الأميركي والإسرائيلي لها، فحكومة بغداد الآن في أضعف حالاتها، ومما يضعف موقفها بوادر الانشقاقات التي تلوح بالأفق بين المليشيات التي تعتمد عليها الحكومة العراقية كثيراً في حفظ نظامها، فأحداث ديالى والصدام المسلّح بين مليشياتها قبل أيام، يهدّد بتطوّر الأمور هناك، وربما ستكون الشرارة التي ستحرق المليشيات نفسها بها، وتحرق معها النظام السياسي الطائفي الموجود في بغداد.
عَمِل البرزاني أيضاً على ضمان موافقة العرب السنة في الموصل، من خلال اتفاقاته مع رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، ويريد الأخير دعم الأكراد في تشكيل الإقليم الموصلي، وهو عكس ما اتفقت به حكومة بغداد مع الأكراد، للحيلولة دون مساعدة العرب السنَّة لإعلان الموصل إقليماً بعد تحريرها من داعش، وربما يتطوّر الأمر بالحكومة العراقية للحد الذي يجعلها تؤجل معركتها مع داعش، للحيلولة دون إعلان الموصل إقليماً غير خاضع لها، لكيلا تخرج من معركة الموصل، وبعد كلّ هذه التضحيات، لتصبح الموصل تحت النفوذ التركي.
لعب البرزاني بذكاء لضمان عدم اعتراض تركيا لإعلان دولتهم، من خلال إعطاء الوعود الغليظة للأتراك بمحاربة حزب العمال الكردستاني على الأراضي الكردية، بالإضافة إلى رهن النفط والغاز الكردي والاقتصاد الكردي للأتراك لضمان سكوتهم، وتأييدهم تلك الدولة الكردية الناشئة، إلا أنّنا مع ذلك نشك بموافقة تركيا على الطموحات الكردية، وهي التي تنظر بحذر شديد من تلك الطموحات، لأنّها تهدّد أمنها القومي بالصميم، فحزب العدالة والتنمية التركي متحالف الآن مع حزب الأمة التركي المعروف بتطرّفه القومي ضد الأكراد وطموحاتهم الانفصالية.
الساحة العراقية معقدة جداً، وخصوصاً بما يتعلق بموضوع المعارك الجارية في الموصل، ومن الصعب التكهن بسيناريوهات يمكن أن نتنبّأ من خلالها بمستقبل المنطقة، وسوف تؤثر على رسم تلك السيناريوهات عوامل كثيرة، مثل تطورات المعارك الجارية الآن في الموصل، والمدى الذي ستتغير فيه السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة، إضافة إلى ردود أفعال كل من إيران وتركيا إزاء الأحداث التي تجري في العراق.
نجاح الأكراد بإعلان دولتهم ليس نهاية المطاف، إنما هو بداية ربما لمعركة جديدة، وهذه المرّة ربما تكون بين الأكراد والعرب، وربما يتطوّر الأمر لمعارك كردية كردية، إذا ما حرَّكت إيران مواليها من الأكراد الموجودين في السليمانية، ناهيك عن حرب المليشيات التي تلوح بوادرها بالأفق، وسوف تستغل داعش كل هذه الحروب المحلية، لتعود لنا بثوب جديد ومسمّى جديد، لتزيد من لهيب النار المشتعلة.
ليس النهج البراغماتي للبرزاني جديداً عليه، فقد فعلها مراراً في تاريخه السياسي الممتد فترة طويلة، وهو على رأس حزبه الديمقراطي الكردستاني، فلطالما تحالف مع جهات مختلفة نصرةً لأحلامه، بدءاً من تعاونه مع إسرائيل (ورثه عن أبيه مصطفى البرزاني) ثم تعاونه مع إيران ضد الحكومة العراقية في السبعينات إلى تحالفه مع صدام حسين ضد غريمه جلال الطالباني سنة 1996، إلى تحالفه مع الأميركان ضد صدام سنة 2003، ثمّ تحالفه مع الأتراك ضد بغداد، وفي النهاية يفض اتفاقه الأخير مع بغداد في تحديد مصير مدينة الموصل ما بعد داعش، ليتحصّن بتحالفه الجديد القديم مع الأميركان، بهدف الوصول إلى غايته، إنشاء دولته الخاصة به التي ربما ستكون على أربيل ودهوك فقط.
صرّح البرزاني، في أحدث تطوّر سياسي له، أنّه اتفق مع الأميركان بعدم الانسحاب من المناطق التي حرّرتها البيشمركة، والتابعة لمدينة الموصل، والتي تندرج ضمن المادة الدستورية التي تسمّى (المناطق المتنازع عليها) وبذلك يضرب عرض الحائط باتفاقه مع حكومة بغداد، والذي نصّ على انسحاب قواته من تلك المناطق، حال إتمام تحرير الموصل، علماً أنّ العمل العسكري لقوات البيشمركة تراجع، أخيراً، لانشغالها بحفر الخنادق التي ترسم من خلالها الحدود المفترضة لدولتهم الكردية القادمة.
ينفضّ تحالف الأضداد الذي تمّ تشكيله بين كلّ تلك القوى التي لم تتوّحد إلا في عداوتها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وستلعب داعش جيداً على انفضاض هذا التحالف، إذ أفادت المعلومات التي ترد من الموصل بأنّ القوات الحكومية وبعد مرور شهر من المعارك، لم تستطع الاستيلاء سوى على ثلث الجانب الأيسر لمدينة الموصل، ما يعني أنّ القوات الحكومية ستحتاج شهوراً لإكمال مهمتها بالاستيلاء على الموصل بنجاح، وبشرط بقاء زخم المعركة كما هو الآن، والجيش والمليشيات على الروح المعنوية نفسها التي بدأت بها معركتها، وهذا ما نشكّ فيه كثيراً.
يعتبر الكرد أنّ الوقت الحالي هو الفرصة المناسبة لاستكمال متطلبات إعلان الدولة الكردية، برضا بغداد أو عدمه، مستغلين التأييد الأميركي والإسرائيلي لها، فحكومة بغداد الآن في أضعف حالاتها، ومما يضعف موقفها بوادر الانشقاقات التي تلوح بالأفق بين المليشيات التي تعتمد عليها الحكومة العراقية كثيراً في حفظ نظامها، فأحداث ديالى والصدام المسلّح بين مليشياتها قبل أيام، يهدّد بتطوّر الأمور هناك، وربما ستكون الشرارة التي ستحرق المليشيات نفسها بها، وتحرق معها النظام السياسي الطائفي الموجود في بغداد.
عَمِل البرزاني أيضاً على ضمان موافقة العرب السنة في الموصل، من خلال اتفاقاته مع رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، ويريد الأخير دعم الأكراد في تشكيل الإقليم الموصلي، وهو عكس ما اتفقت به حكومة بغداد مع الأكراد، للحيلولة دون مساعدة العرب السنَّة لإعلان الموصل إقليماً بعد تحريرها من داعش، وربما يتطوّر الأمر بالحكومة العراقية للحد الذي يجعلها تؤجل معركتها مع داعش، للحيلولة دون إعلان الموصل إقليماً غير خاضع لها، لكيلا تخرج من معركة الموصل، وبعد كلّ هذه التضحيات، لتصبح الموصل تحت النفوذ التركي.
لعب البرزاني بذكاء لضمان عدم اعتراض تركيا لإعلان دولتهم، من خلال إعطاء الوعود الغليظة للأتراك بمحاربة حزب العمال الكردستاني على الأراضي الكردية، بالإضافة إلى رهن النفط والغاز الكردي والاقتصاد الكردي للأتراك لضمان سكوتهم، وتأييدهم تلك الدولة الكردية الناشئة، إلا أنّنا مع ذلك نشك بموافقة تركيا على الطموحات الكردية، وهي التي تنظر بحذر شديد من تلك الطموحات، لأنّها تهدّد أمنها القومي بالصميم، فحزب العدالة والتنمية التركي متحالف الآن مع حزب الأمة التركي المعروف بتطرّفه القومي ضد الأكراد وطموحاتهم الانفصالية.
الساحة العراقية معقدة جداً، وخصوصاً بما يتعلق بموضوع المعارك الجارية في الموصل، ومن الصعب التكهن بسيناريوهات يمكن أن نتنبّأ من خلالها بمستقبل المنطقة، وسوف تؤثر على رسم تلك السيناريوهات عوامل كثيرة، مثل تطورات المعارك الجارية الآن في الموصل، والمدى الذي ستتغير فيه السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة، إضافة إلى ردود أفعال كل من إيران وتركيا إزاء الأحداث التي تجري في العراق.
نجاح الأكراد بإعلان دولتهم ليس نهاية المطاف، إنما هو بداية ربما لمعركة جديدة، وهذه المرّة ربما تكون بين الأكراد والعرب، وربما يتطوّر الأمر لمعارك كردية كردية، إذا ما حرَّكت إيران مواليها من الأكراد الموجودين في السليمانية، ناهيك عن حرب المليشيات التي تلوح بوادرها بالأفق، وسوف تستغل داعش كل هذه الحروب المحلية، لتعود لنا بثوب جديد ومسمّى جديد، لتزيد من لهيب النار المشتعلة.
نظير الكندوري
باحث سياسي وكاتب عراقي.
نظير الكندوري
مقالات أخرى
29 مايو 2016
29 ابريل 2016
23 ابريل 2016