تجار المياه في الجزائر يستغلون الشح ويتربحون من معاناة المواطنين

22 سبتمبر 2017
ارتفاع معاناة الجزائريين المعيشية (Getty)
+ الخط -

شهدت تجارة المياه في المحافظات الشرقية بالجزائر انتعاشاً ملحوظاً، خلال الأيام الأخيرة، بسبب شح المياه المدعّمة، الأمر الذي نتج عنه تفاقم معاناة المواطنين المعيشية في حين حقّق تجّار المياه مكاسب كبيرة.

وتعيش محافظتا "عنابة" و"الطارف" (شرق) على وقع أزمة عطش حادة منذ قرابة شهر ونصف الشهر، جراء انخفاض منسوب مياه "سد الشافية" بمحافظة "الطارف" الذي يوفر 20 مليون متر مكعب فقط حالياً متراجعاً من 158 مليون متر مكعب في شهر مايو/أيار الماضي، بفعل تراجع كميات الأمطار المتساقطة وارتفاع الطلب.

وخاصة أن السد يموّن مصنع "الحجار" للحديد والصلب، أكبر مصانع الحديد في القارة الأفريقية، الذي توقف عن العمل قبل أسبوع بسبب نقص المياه.

وأمام شح موارد المياه في محافظة عنابة نشطت تجارة الشاحنات والجرارات المزودة بصهاريج المياه، بعدما حاصرت أزمة العطش العائلات.

ويروي مواطن من "عنابة" عبد القادر بوطرشي معاناته المستمرة في تحصيل المياه لسد ظمأ عائلته التي لم ترَ المياه في صنابير المنزل منذ 20 يوماً، قائلاً لـ "العربي الجديد": "كل مرة اتصل بأحد بائعي المياه أتخوف من ارتفاع جديد في سعر مياه الصهريج". وأضاف أنه "قبل شهر كان سعر مياه الصهريج ذي سعة 1000 لتر حوالى 1100 دينار (10 دولارات) ثم انتقل إلى 3000 دينار (27 دولاراً) والآن أشتري الصهريج بـ 5000 دينار (45 دولاراً)، وكلما طالت أزمة المياه ارتفع السعر أكثر".

ويقول عبد الله عثمان، وهو مواطن لديه عائلة من 6 أفراد، لـ "العربي الجديد" إنه "دفع أكثر من 20 ألف دينار (190 دولاراً) لشراء مياه من الصهاريج في مدة 30 يوماً الأخيرة، وهو مبلغ كبير للغاية مقارنة براتبي الذي لا يتعدى 30 ألف دينار (290 دولاراً)". وأضاف نفس المتحدث أن "بائعي المياه يبتزون السكان ويرفعون الأسعار".

ويتخوف كثير من المواطنين من نوعية ونظافة المياه ولكنهم مجبرون على استخدامها.

وفي الجهة المقابلة، لا يرى بائعو المياه أنهم "يستثمرون في أزمة السكان" بقدر ما يرون أنهم يقدمون خدمة مقابل سعر يحدده قانون "العرض والطلب".

ويؤكد الشاب محمد الذي التقته "العربي الجديد" في أحد أزقة بلدية "تريعات" بمحافظة "عنابة" يقود جراره المربوط بصهريج مياه سعة ألف لتر أن "الأسعار تحددها عدة أشياء منها نوعية المنبع الذي تملأ منه الصهاريج ومدى بعده عن مكان البيع بالإضافة إلى احتساب كمية الوقود المستهلك في ملء الصهريج عن طريق المضخة وتكلفة النقل".

ونفى محمد الذي يمتلك 6 صهاريج أن يكون ارتفاع السعر مرده إلى جشع البائعين، حيث قال إن "البائع يقدم خدمة للمواطن مقابل أموال يذهب نصفها إلى تسديد مصاريف النقل وتنظيف الصهاريج ويبقى هامشاً صغيراً يدخل جيوبنا".

ويرو بعض بائعي المياه تناقضات في تصرفات المواطنين أدت إلى ارتفاع أسعار الصهاريج. وفي هذا السياق، يقول أحد باعة المياه، رفض ذكر اسمه، أن "المواطنين هم من تسببوا في ارتفاع أسعار المياه، ففي كثير من المرات يتصل بي أشخاص ويعرضون مبلغاً إضافياً حتى أزودهم بالمياه، وكأنهم يزايدون على بعضهم بعضاً".

ويضيف لـ "العربي الجديد" أن "المزارعين أيضاً ساهموا في رفع الأسعار بسبب احتياجهم للمياه مع بداية عمليات الحرث في ظل عدم تساقط الأمطار الموسمية التي تأتي في وقتها هذه السنة". فيما يبقى الأغرب هو طلب بعض المواطنين من ذوي المستوى المعيشي المريح لصهاريج المياه بهدف ملء مسابح منازلهم.

ولمواجهة ظاهرة ارتفاع أسعار وشح المياه، تحاول السلطات في محافظة "عنابة" توفير الصهاريج الحكومية المدعمة للأحياء التي تعاني أزمة العطش.

وإلى ذلك قال مدير الموارد المائية والري في محافظة عنابة، نور الدين نداف، لـ "العربي الجديد" إن "إدارته سخرت العشرات من الصهاريج والشاحنات التي تضمن المياه مجاناً للمواطنين إلى حين انتهاء الأزمة"، واعترف نفس المتحدث أن "هذه الصهاريج لن تستطيع القضاء على ظاهرة بيع المياه إلا أنها ستساعد على كبح ارتفاع أسعار المياه، خاصة وأن عملية نقلها ستكون دورية ودون انقطاع".

وكشف نداف أن "الأزمة لن تطول كثيراً، فعملية ربط سد "الشافية" بالسدود الصغيرة الأخرى المحيطة به بدأت وتسير بوتيرة مرتفعة". 

جدير بالذكر أن نسبة امتلاء السدود في الجزائر بلغ 5 مليارات متر مكعب، حسب الأرقام الموجودة في موقع وزارة الموارد المائية الرسمي، في حين يبلغ حجم متطلبات البلاد من المياه 3.5 مليارات متر مكعب.

دلالات
المساهمون